بعد أن حصلت على معدل عالٍ في الثانوية العامة لم يتردد والدها في التحاقها بكلية الطب بعد هذا النجاح الباهر، رغم أنه يعلم مسبقًا أنه سيقع ضحية "القيل والقال"، حتى أنه اتهم "بالجنون" لإقدامه على هذه الخطوة، فقد ضرب بعرض الحائط العادات والتقاليد القروية، وكانت ووالدها تلحظ ملامح الاستغراب في وجه أهل القرية كيف لفتاة أن تعمل طبيبة أسنان، ومع ذلك إلا أن شذى صبرة (26 عامًا) من بلدة بروقين قضاء سلفيت صممت على اختيارها لتجمع بين طب الأسنان والفن في وقت واحد..

فصبرة أول طبيبة أسنان في قريتها، وقالت: "سبب توجهي لهذا التخصص هو عدم وجود طبيبات أسنان، ولأكسر القاعدة القائمة على أن مكان البنت هو بيت زوجها، ولتشجيع الفتيات على اختيار التخصص الذي يرينه مناسبًا لهن ويحقق أحلامهن وطموحهن".

وكان دافعها من وراء التحاقها بهذا المجال بعد تخرجها من جامعة القدس أبو ديس لتقديم مساعدتها للناس، والعمل على تخفيف آلامهم، وخدمة لأهل قريتها والقرى المجاورة، ومن منطلق أن النساء يبحثن عن طبيبة من جنسهن بسبب ذكورية المجتمع.

وأوضحت صبرة أنها في فترة دراستها واجهت الكثير من الصعوبات والتحديات والانتقادات لاختيارها طب الأسنان، مع العلم أن في قريتهم عددًا كبيرًا جدًا من الأطباء الذكور، وأهل القرية يشجعون على التعليم بشكل كبير، وتعد نسبة المثقفين فيها عالية.

وقعت فترة دراستها بين نارين، الأولى حبها لهذا التخصص وحصولها فترة الدراسة على شهادات تفوق، وعدم تقبل أهل القرية لاختيارها، ولكن بعد تخرجها وافتتاحها للعيادة سمعت الكثير من الاطراء والمديح من أهل القرية، ولم تواجه أي مشكلة في العمل، ففي إحدى المرات جاء مريض للعيادة يسألني أين الدكتورة، فالأغلب يتوقع أن تكون كبيرة في العمر.

وترى صبرة أن عملها في هذا المجال جميل وممتع رغم أنه يسرقها من حياتها الشخصية، "فكل ذلك يتلاشى أمام فرحة المريض وخروجه من العيادة بابتسامة يشكرني على إعادة ثقته بنفسه"، وفق قولها.

موهبة الرسم

ومنذ نعومة أظافرها وهي تعشق الرسم، وتشارك في عمل لوحات مدرسية، ومسابقات، فلاحظ والداها اتجاهها نحو هذه الموهبة فما كان منهم سوى الدعم والتشجيع وشراء كل ما يلزمها من مواد وأدوات.

وتابعت صبرة حديثها: "وفيما بعد عملتُ على صقل موهبتي وتفكيري من خلال دمج الرسم مع حبها للحاسوب، فكنتُ أعمل مشاريع فنية"، وقد انقطعت عن ممارسة هوايتها ما يقارب سبعة أعوام بسبب طبيعة دراستها وما تتطلبه من تفرغ وتركيز.

وترى أن هناك علاقة خاصة بين الفن وطب الأسنان، فهوايتها ومهنتها كلاهما جزء لا يتجزأ من الآخر، مضيفة: "فطب الأسنان خليط من كل شيء، فهو علم وفن وإنسانية، فالطبيب يتعامل مع الفم والأسنان، وعندما ينعكس الفن على المهنة فإنه يتوج بالجمال.

ونوهت إلى أن الرسم يعكس مشاعرها، فغالبًا ما تتناول المواضيع التي تجسد الإنسانية والمطالبة بالحقوق، ورسم الطبيعة، وما هو متعلق بالقضية الفلسطينية، ففي وقت فراغها في العيادة تحاول استغلاله بشيء محبب إلى قلبها وهي اللوحة والريشة لتعبر عن مشاعرها، وتطمح أن تعمل على تطوير موهبتها في الرسم، وتقيم معارض خاصة.