فلسطين أون لاين

ترمسعيا وقراها المجاورة تواجه التمدد الاستيطاني بلا حماية

...
قلقيلية/ مصطفى صبري:

ينفذ جيش الاحتلال منذ أشهر إجراءات غير مسبوقة لردع أصحاب البلدات والقرى الثائرين للدفاع عن أراضيهم بمواجهة التمدد الاستيطاني في بلدة ترمسيعا التي تشاطرها العديد من القرى الهمَّ ذاته.

وتركزت أعمال الانتقام في قرية المغير وهي إحدى قرى رام الله الصغيرة التي تتوسط ترمسعيا، ويجاورها من الغرب خربة أبو فلاح، وقرية دوما (شمالًا) وقرية كفر مالك (جنوبًا) وغور الأردن (شرقًا).

وتمتد "المغير" على مساحة 30 ألف دونم، غالبيتها أراضٍ مزروعة باللوزيات والزيتون، ونالها مع "كفر مالك" فجر الخميس حملة اعتقالات واسعة، طالت أكثر من 20 مواطنًا في القريتين.

كما وضعت قوات جيش الاحتلال ملصقًا على كل منزل اعتقل أحد أفراده جاء فيه: "صاحب هذا البيت معتقل لأنه يقوم بإلقاء الحجارة ومحاولة إيذاء مدنيين وجنود".

وتعرض بلدة ترمسعيا لهجمات استيطانية متعددة شملت حرق مركبات، ومصادرة أراضٍ، وإلقاء مسامير معكوفة لعطب إطارات مركبات المواطنين، بسب تصدي الأهالي لمحاولات المصادرة، وظهور دعوات لتشكيل لجان شعبية لحماية الممتلكات والمواطنين من اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال معًا.

وتعرض المواطن عبدالجليل صفا (61 عامًا) من "كفر مالك" للضرب المبرح من المستوطنين والجنود معًا.

ويأسف الرجل على الأرض التي حرم منها ثماني سنوات، لتمنحها سلطات الاحتلال أخيرًا للمستوطنين على طبق من فضة.

ويقول: "عندما جئت للدفاع عن أرضي تعرضت للضرب المبرح وكدت أن أفقد حياتي على أيدي المستوطنين والجنود، ولولا فزعة الأهالي لما كنت أتحدث الآن".

ويرى أن الاعتقالات التي تمت فجر الخميس "شكلت رسالة من الاحتلال لكل من يدافع عن أرضه بأن مصيره الاعتقال والإيذاء".

ووفق مؤسسات حقوقية، سجل عام 2020 أعلى نسبة اعتداءات للمستوطنين على المواطنين الفلسطينيين منذ 20 عامًا، "وهذا يدلل على وجود مخطط ينفذه المستوطنين تحت حماية جنود الاحتلال يتضمن الاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي".

ويصف المواطن جهاد أبو عليا (45 عامًا) من بلدة المغير حملة الاعتقالات بأنها عملية اجتياح واسعة، إذ شارك العشرات من جنود جيش الاحتلال يرافقهم تعزيزات عسكرية، ويحملون بأيدهم خرائط لتنفيذ عمليات الاعتقال دفعة واحدة، ولعدم السماح لأي مواطن مستهدف بالفرار من الاعتقال.

وذهب إلى القول: "هذه فاتورة الدفاع عن الأرض وحراثتها والبقاء فيها، فالاحتلال جن جنونه عندما استنفر الأهالي في الدفاع عن أراضيهم، فقد هاجمنا ما يسمى بشباب فتية التلال عندما بدأت الجرارات الزراعية في حراثة الأرض المستهدفة".

وأشار إلى أن المستوطنين أخذوا يلقون الحجارة على المزارعين، ويهددون أصحاب الجرارات الزراعية بالقتل لمنعهم من حراثة الأرض ونثر البذور بها.

وأضاف أبو عليا: "الفزعة التي هبَّ بها المواطنون أجبرت جيش الاحتلال ومستوطنيه على التراجع، فجاء خطوة الاحتلال الترهيبية بالاعتقالات الجماعية المكثفة لمنع عودة المواطنين والمزارعين للدفاع عن أرضهم".

ويشدد على أن هذه الاعتقالات ستزيد من تمسك المواطنين بأرضهم، "فالفلسطيني لا يشيب، وكبار السن قبل الشباب في الميدان حتى لا تضيع الأرض".

 

الاستيطان في المغير

وقرية المغير إحدى قرى رام الله الصغيرة التي تتوسط ترمسعيا وخربة أبو فلاح (غربًا) وقرية دوما (شمالًا) وقرية كفر مالك (جنوبًا) وغور الأردن (شرقًا). تمتدُّ على مساحة 30 ألف دونم، غالبيتها أراضٍ مزروعة باللوزيات والزيتون.

وأضحت القرية محط طمع الاحتلال منذ سبعينيات القرن الماضي، حينما بدأ بشقّ الشّارع الاستيطاني وسط الضفة الغربيّة، شارع "ألون" شرقي القرية.

وعام 1976 بدأ جنود في كتيبة الـ"ناحل" في جيش الاحتلال بإقامة معسكر "مفو شيلو" على أراضي شرقي القرية، ولاحقًا بنيت في المكان مبان تستخدم لصيانة المعدات العسكرية الثقيلة ومستودعات للأسلحة، وكان المكان في الثمانينيات معسكرًا لسلاح المدفعية الإسرائيلي، إلى أن أصبح معسكرًا يخدم الجنود في الحملات العسكريَّة، ولكنه قليل الاستخدام في يومنا هذا.

وعام 1998 أقام مستوطنو مستوطنة "شفوت راحيل" بؤرةً استيطانية جديدة قريبة من المغير باسم "عدي عاد"، كرد فعلي منهم حينها على اتفاقية واي ريفر.

وتقع تلك البؤرة حتى اليوم على أراضٍ تتوزَّع فيها الملكيات ما بين قرى المغير وترمسعيا وقريوت، وتقدر مساحتها بنحو ألف دونم.

ومع التوسع الاستيطاني حول قرية المغير، بدأت خلال التسعينيات وبداية الألفية سلسلة من اعتداءات المستوطنين على القرية ومزارعيها. شمل ذلك، تقطيع الأشجار وحرقها، وسرقة معدات المزارعين، وإطلاق النار على الخيول، وغيرها.

وبالتوازي مع ذلك، منع جيش الاحتلال لأهالي من الوصول إلى أراضيهم شمالي المغير دون "تنسيق" للحصول على "تصريح"، وفي أحيان أخرى منعهم كليًّا. وكما حوربوا في الزراعة، منع أهالي القرية الذين يعتمدون على رعي المواشي، من التوجه بمواشيهم إلى المنطقة الممتدة من شرقي المغير حتى فصايل في الأغوار.

 

ضخ استيطاني بشري

وفي هذا السياق يوضح الصحفي علاء الريماوي، أن 280 ألف مستوطن يقطنون في منطقة ترمسعيا والمناطق المحيطة بها حتى شمال الضفة الغربية المحتلة، لافتًا إلى أن الاحتلال أقام هناك جامعات ومراكز مدنية استيطانية، "لذلك عندما يهب الأهالي وأصحاب الأراضي للدفاع عن أرضهم يكون الانتقام مباشرًا من قبل الاحتلال والمستوطنين معًا".

ويؤكد الريماوي أن الاحتلال يريد ضخ المزيد من المستوطنين في هذا "الأصبع الاستيطاني" ليصل عدد المستوطنين في المناطق الفلسطينية إلى نحو مليون مستوطن، كما صرح بذلك مسؤول مجلس المستوطنات في الضفة الغربية دافيد الحياني.

ونبه إلى أن "الحياني" عدَّ التطبيع العربي الإسرائيلي وتصدير منتجات المستوطنات إلى دول الخليج سيدخل ما مجموعه ثلاثة مليارات دولار لصالح المستوطنات، "أما الفلسطيني يدفع ضريبة الدفاع عن أرضه بالضرب والاعتقال والتشريد".

المصدر / فلسطين أون لاين