تعد مخلفات المصانع والمنشآت القادمة من مستوطنة "معالي أدوميم" والمنطقة الصناعية "ميشور أدوميم" أكبر مصدر للنفايات الخطرة، وتضاهي كمية مخلفاتها في المكب مخلفات المناطق الأخرى، ولا أحد سوى الاحتلال المسيطر على المكب يعرف طبيعة النفايات التي تلقى من جانبه في المكب.
وأقرت بلدية الاحتلال في جلستها الأخيرة مخططًا لإقامة مكب ضخم لجمع وفرز النفايات وحرقها على أراضٍ فلسطينية خاصة بين مستوطنة "معاليه أدوميم" والمنطقة الصناعية "ميشور أدميم"، وقد توافقت البلدية وحكومة الاحتلال على إقامة المكب (محرقة نفايات).
وعلى أرض مساحتها 800 دونم شرقي القدس يلقي الاحتلال مئات الأطنان من النفايات يوميًّا في مكب أضحى مكرهة صحية تنبعث منه الغازات السامة، ما تسبب بأمراض للسكان في مناطق شرقي القدس المحتلة.
ويقول الباحث البيئي أشرف زهدي: "إن الاحتلال يستهدف البيئة الفلسطينية بصور متعددة، ومنها إقامة مكبات ومحارق تخالف المعايير البيئية"، مشيرًا إلى أن المستوطنات تضخ المياه العادمة باتجاه الأودية الفلسطينية في القدس والمناطق الفلسطينية.
وأوضح أن المناطق الصناعية تستغل الفوضى القائمة وتتخلص من نفايات سائلة لا تعرف طبيعتها ومكوناتها، وتترك الكثير من الآثار السلبية التي تلحق الضرر بالإنسان والحيوان والتربة والنباتات والمصادر الطبيعية، خاصة المياه الجوفية والسطحية.
وأضاف: "التخلص من النفايات في دولة الاحتلال مكلف جدًّا، حيث يكلف نقل البرميل الواحد من النفايات السامة إلى صحراء النقب نحو ألف دولار، في حين أن التخلص منها داخل البيئة الفلسطينية شبه مجاني".
وذكر أن محرقة النفايات التي يعتزم الاحتلال إنشاءها ستلوث الهواء نتيجة الغازات السامة المنبعثة منها قرب منازل السكان، وهي غازات: الميثان والكبريتيد والهيدروجين وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون والأمونيا، وأبخرة المواد السامة من الفضلات الناتجة عن صناعة البلاستيك والأصباغ، التي تؤثر في الجهاز التنفسي وتسبب أمراض القلب والرئة وتهيج العيون، وأمراضًا أخرى خطرة مثل سرطان الرئة.
طرد صامت
من جانبه أكد الخبير المقدسي في مجال العمران د. جمال عمرو تعمد بلدية الاحتلال في القدس اختيار مشاريع تحاصر المقدسيين وتقطع عليهم حياتهم ومستقبلهم، فمكب النفايات الجديد (المحرقة) سيقطع على بلدة أبو ديس التوسع شرقًا بعد أن حاصرها الجدار غربًا، فهي محاطة بين جدارين: الأول جدار إسمنتي، والثاني جدار من النفايات يشكل كارثة بيئية وصحية.
وأوضح أن المناطق التي سيقام عليها المكب يحظر على المقدسيين استخدامها في البناء أو الاستفادة منها، بحجة أنها أراضٍ تقع في مناطق عامة، وكل أرض تصنف في القدس أرضًا عامة تكون مرشحة لإقامة بؤرة استيطانية أو مشروع يحاصر التجمعات السكنية المقدسية ويمنع توسعها، فالاحتلال يسيطر على الأراضي الواقعة في المنطقة (ج) والتي يمتلكها المقدسيون خارج الجدار، أي أن السيطرة الأمنية والإدارية للاحتلال.
وقال عمرو: "تعمدت بلدية الاحتلال وضع المكبات القديمة في القدس المحتلة بالقرب من المناطق السكنية الفلسطينية، ليكون تأثيرها البيئي على هذه التجمعات أعلى، وبذلك تضمن تحقيق الطرد الصامت للمقدسيين ومنع توسعهم في المستقبل".
ولفت إلى أن المكب الجديد تحيط به العديد من المشاريع التهويدية الاستيطانية، ولن يضر بسكان أبو ديس والعيزرية فقط بل بجميع سكان شرقي القدس المحتلة، لأن أسلوب المكب الجديد في التعامل مع النفايات هو الحرق، وستنبعث منه غازات سامة.
وطالب عمرو بمخاطبة لجان دولية تختص بالشأن البيئي لمحاسبة الاحتلال على استخفافه حياة المقدسيين بمشاريع تضر بكل مكونات البيئة، وبالمقابل يحافظ على مكونات البيئة في التجمعات الاستيطانية.
وفي عام 1981م صادر الاحتلال مساحات واسعة من أراضي المواطنين شرقي القدس، وأقام عليها مكب نفايات يُطلق عليه السكان المحليون "مكب العبدلي"، ومع أنه قائم على أراضي المواطنين يجبر الاحتلال المجالس المحلية والبلدية بشرقي القدس على دفع مبلغ 25 شيقلًا بدل إفراغ الطن الواحد من النفايات بالمكب.
يشار إلى أن معهد أريج المختص بقضايا البيئة أشار في تقرير له إلى تأثير المستوطنات والمكبات العشوائية للنفايات على صحة المواطنين الفلسطينيين، إذ تشكل مصدرًا رئيسًا للأمراض الفتاكة.