ما أخطر الآثار الجانبية للقاح فيروس كورونا المستجد؟ وما تأثيرها على الجسم؟ وكيف نواجهها عند الحصول على اللقاح؟ وما فوائد التطعيم؟
يقول اختصاصي أمراض الحساسية لودغر كليميك في حديث نقلته دويتشه فيله إن "ردود الفعل التحسسية هي أخطر آثار جانبية للقاح حتى الآن".
فبعض الناس الذين تلقوا لقاحًا مضادا لفيروس كورونا في بريطانيا وأميركا أصيبوا بردود فعل تحسسية شديدة بعد التطعيم مباشرة؛ فبعد تلقي لقاح فايزر-بيونتك (Pfizer-BioNTech) المضاد لفيروس كورونا أصيب شخصان في بريطانيا بردود فعل تحسسية شديدة، كما ظهرت حالة مشابهة في الولايات المتحدة أيضا.
وقبل أسبوع، قال رئيس فريق خبراء لجنة الأدوية البشرية المعني بلقاحات كورونا في بريطانيا البروفيسور منير بير محمد "لقد توصلنا إلى التوصية بأن الأشخاص الذين لديهم تاريخ معروف للتفاعل مع أي مكونات معينة من اللقاح يجب ألا يحصلوا
عليه (لقاح أسترازينيكا-أكسفورد "AstraZeneca-Oxford")، ولكن الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه أدوية أخرى أو أطعمة يمكن أن يحصلوا عليه".
كما أعلنت الوكالة البريطانية لتنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية أنها غيّرت نصائحها السابقة بشأن الحساسية للأشخاص الذين يتلقون لقاح فايزر-بيونتك.
وبعد حالتين تعرض فيهما اثنان من العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية لرد فعل تحسسي عندما تلقيا جرعة من لقاح فايزر-بيونتك، قالت الوكالة البريطانية لتنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية إن الأشخاص الذين يعانون من الحساسية يجب ألا يتلقوه.
ولكن في الإحاطة، قالت الرئيسة التنفيذية للوكالة جوون راينر إنه بعد حصول 800 ألف شخص في بريطانيا و1.5 مليون شخص في الولايات المتحدة على اللقاح، فإنه ليست هناك "مخاوف أخرى".
ما الحساسية؟
وفي الحساسية يتفاعل جهاز المناعة لدى الشخص مع مادة أو مواد يتعرف عليها باعتبارها مصدر ضرر أو تهديد، فينتج أجساما مضادة تؤدي إلى ظهور أعراض الحساسية، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى "الحساسية المفرطة"، التي قد تؤدي إلى الموت.
ويعمل جهاز المناعة على حماية الجسم من الأجسام الغريبة والجراثيم والفيروسات التي تهدده وتسبب له الضرر، ولكن في حالة الحساسية يتعرف الجهاز المناعي على شيء لا يكون مؤذيا عادة (مثل حبوب اللقاح أو الفول السوداني أو دواء أو مكون في دواء)، ثم يتفاعل معه وينتج أجساما مضادة له؛ أي أن رد جهاز المناعة هو استجابة لإنذار خاطئ بالخطر.
ويُعتقد أن أحد أنواع الأجسام المضادة، وهو "آي جي إي" (IGE) يلعب دورا أساسيا في الحساسية، ويتفاعل هذ النوع من الأجسام المضادة مع خلايا أخرى في الجسم، وتنتج عن هذه التفاعل أعراض الحساسية، مثل: سيلان الأنف والعطاس والحكة، وظهور طفح جلدي، وحدوث تورم في الجسم، وأزمة تنفسية.
وتوجد عدة أنواع من الحساسية تعتمد على نوع المادة التي تثير الرد المناعي لدى الشخص المتأثر، وتلعب الوراثة والجينات جانبا مهما في قابلية تطوير الشخص للحساسية، فإذا كان أحد أفراد الأسرة حساسا لمادة معينة فاحتمال أن تكون لدى هذا الشخص حساسية تجاهها أكبر.
حساسية الدواء إحدى أنواع الحساسية، وتنجم عن تناول دواء معين مسبب للحساسية، مثل المضاد الحيوي البنسلين، أو الأدوية التي تنتمي لعائلته أو شبيهة به على الصعيد الكيميائي. وتشمل أعراضها حكة في الجلد وطفحا جلديا وتورما في الوجه وصفيرا في الصدر عند التنفس.
فرط الحساسية (التأق)
التأق حالة من فرط الحساسية تؤدي إلى رد حاد من جهاز المناعة، ينجم عنه تهديد لحياة الشخص، وتحدث عادة هذه الحالة في حساسية الأطعمة، وحساسية لدغات الحشرات، وحساسية الأدوية، كما قد تحدث أيضا مع أنواع أخرى من الحساسية.
أعراض التأق:
الدوار.
ضيق في التنفس.
تسارع النبض وضعفه.
طفح جلدي.
غثيان وقيء.
تضخم في المجاري التنفسية قد يؤدي لانسدادها.
فقدان الوعي.
قد تؤدي نوبة التأق إلى وفاة الشخص إذا لم يتم إسعافه.
بالإضافة إلى الاستعداد دائما للحالات الطارئة، فإذا كنت معرضا للتأق فقد يعطيك الطبيب حقنة خاصة ضد التأق، فإذا تعرضت لنوبة من فرط التحسس فإنك تقوم بحقنها لتخفيف الأعراض، حتى تصل المساعدة الطبية الطارئة.
عودة إلى ألمانيا
حالات الحساسية أثارت مخاوف كبيرة لدى الألمان من إمكانية ظهور أعراض مماثلة عليهم عند تلقي اللقاح، كما ذكرت دويتشه فيله.
ولكن الاختصاصي كليميك يطمئن الألمان ويقول "رغم أن نحو 24 مليون ألماني يعانون من الحساسية، فإن القليل منهم فقط يعاني من حساسية شديدة قد تمنع التطعيم". وقد أصيب بعض الذين تلقوا اللقاح بالتأق.
من يتلقى اللقاح بلا خوف؟
يقول كليميك إنه لا مبرر للخوف من تلقي اللقاح إذا كان المرء يعاني من حمى القش أو من حساسية تجاه الغبار فقط، لكنه يؤكد ضرورة أن يتأكد المرء من وضعه الصحي إذا كانت لديه حساسية تجاه بعض الأغذية أو الأدوية، قبل أن يتلقى اللقاح.
وحمى القش إحدى أنواع الحساسية، وتشبه أعراضها نزلة البرد، ولكنها لا تنتج عن فيروس بل من مواد في البيئة الخارجية، أبرزها حبوب اللقاح ووبر الحيوانات وعث الغبار والعفن، وتشمل أعراضها الاحتقان وسيلان الأنف وسيلان العينين وتورمهما.
ويفترض الخبير الألماني أن ما بين 1 و3% من الألمان فقط معرضون لخطر الحساسية المفرطة، ولذلك "يجب ألا يتم تطعيمهم أو أن يتم تطعيمهم عبر اتخاذ إجراءات وقائية".
ويرى كليميك أن "المشتبه الرئيسي" الذي يسبب الحساسية عند تلقي اللقاح هو المركب الحيوي "بولي إيتيلين غلايكول" (Polyethylene glycol) الذي يدخل في تركيب اللقاح، والمعروف بأنه يسبب الحساسية، إذ يستخدم في صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل أيضا.
ما الحل؟
يقترح الخبير الألماني أن يتم تقسيم الأشخاص بناء على معلومات الحساسية المتعلقة بهم في نظام يحمل إشارات المرور؛ فالأشخاص الذين يظهر لهم اللون الأخضر يمكنهم أن يتلقوا اللقاح من دون مشاكل. أما الذين يظهر لهم اللون الأصفر فيمكنهم تلقي اللقاح، على أن يبقوا في مركز التطعيم لمدة نصف ساعة بعد تلقي اللقاح، من أجل أن يتدخل فريق طبي مجهز فورًا في حال ظهور الأعراض لديهم.
أما بالنسبة للذين يظهر لهم اللون الأحمر، فيقترح كليميك أن يتم إجراء اختبار حساسية لهم قبل التطعيم، فإذا تبين أن لديهم حساسية من أي مادة تدخل في تركيب اللقاح، فعندها يجب عدم التطعيم.
ختاما، يجب إعلام طبيبك بأي تاريخ مرضي للحساسية، واتبع تعليمات السلطات الصحية في بلدك حول التطعيم.