تصاعد الغضب الفلسطيني ضد ممارسات البطريرك "كيريوس ثيوفولوس" الثالث، بعد الكشف عن صفقة تسريب جديدة قام بها لأراضٍ تقع بين بيت لحم والقدس بالضفة الغربية، لمصلحة التوسع الاستيطاني ضمن مشروع "القدس الكبرى".
لم ينسَ الفلسطينيون بعد الصفقة التي قام بها البطريرك نفسه في 2009م وسرب فيها 71 دونمًا لمصلحة شركات استيطانية من أراضي دير مار إلياس.
تاريخ من التسريب
وكانت الطائفة الأرثوذكسية انتفضت ضد البطريرك نتيجة كشف تواطؤ للبطريركية في بيع وتسريب مئات الدونمات في بيت لحم والقدس لسلطات الاحتلال، كان أخطرها عام 2009م، إذ تضمن الصفقة بيع 71 دونمًا لصالح توسيع مستوطنات "أبو غنيم" و"حارهوما" و"غيلو" و"جفعات همتوس" و"تل بيوت" وكيبوتس "رامات رحيل".
في حين استمرت مقاطعة الطائفة للبطريرك "ثيوفيلوس الثالث" في أثناء احتفالات عيد الميلاد لعام 2016 في بيت لحم بعد اتهامه بتسريب أراضي الكنيسة.
وفي 2017م عادت مطالبات الطائفة لعزل "ثوفيليوس" بعد الكشف عن آخر صفقات البيع السرية في منطقة رحابيا بمدينة القدس المحتلة بشأن تسريب 520 دونمًا من الأراضي الوقفية التابعة للكنيسة.
وعاودت القضية للطفو على السطح عندما كشف عضو المجلس المركزيّ الأرثوذوكسيّ في الأردن وفلسطين جلال برهم -في مؤتمر صحفي عقد في مدينة بيت جالا شمال غرب بيت لحم الثلاثاء الماضي عن صفقة تسريب جديدة قام بها البطريرك كيريوس ثيوفولوس الثالث، لأراضٍ تقع بين بيت لحم والقدس بالضفة الغربية لـ(إسرائيل).
عضو المجلس المركزي للطائفة الأرثوذكسية عدي جبالي قال إن الـ110 دونمات التي كشف عن تسريبها من أراضي دير مار إلياس ضمن صفقة جديدة للبطريركية مع الاحتلال تقع جنوب القدس وتحدها بيت صفافا والشارع الرئيس بين القدس وبيت لحم.
وأضاف خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين": "عمليًّا هذه الأراضي ستشكل امتدادًا لرقعة الاستيطان التي أعلنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل فترة وجيزة في منطقة بؤرة "جفعات همتوس" "تلة الطبالية"".
وكان نتنياهو كشف في شهر فبراير من العام الماضي عن نيته تحويل بؤرة "جفعات همتوس" بالسماح ببناء 3000 وحدة استيطانية فيها.
"القدس الكبرى"
ولفت جبالي إلى أن الأرض موضوع الصفقة متاخمة للمشروع الاستيطاني "القدس الكبرى" (مقام عليها البؤرة الاستيطانية حاليًّا) قريبة من الأرض التي سربها البطريرك في 2009م (حيث ستضاف لها 16 دونمًا من أصل 71 دونمًا منها) التي سربتها البطريركية بادعاء أنها تريد إنقاذ الأرض من سيطرة بلدية الاحتلال وخطر مصادرتها.
وتابع: "بعد مضي 11 عامًا على الاتفاق، يفاجئنا البطريرك ثوفيليوس عشية عيد الميلاد بصفقة جديدة بأرض مساحتها 110 دونمات وبتحويل بير مار الياس التاريخي إلى فندق لشركات وهمية مسجلة في قبرص".
ولفت جبالي إلى أن الأرض الجديدة تقع مقابلة لـ"بير مار الياس" امتداد للقطعة المذكورة التي سُربت عام 2009م، وهي تقع ضمن تلة تشرف على القدس وعلى بيت لحم وبيت جالا ومنها يمكن مشاهدة غور الأردن والبحر الميت.
وبينت أن المبالغ التي ستتلقاها البطريركية لقاء هذه الصفقة بخسة جدًّا فقيمة الدونم بموجب الصفقة بحدود المليون و200 ألف شيقل في حين قيمة الدونم في تلك المنطقة وبمكانة ذات مكانة جغرافية مليون ونصف المليون دولار (قرابة الخمسة مليون شيقل).
وأشار إلى أن للبطريركية تاريخًا حافلًا في تسريب الأراضي لليهود وتسهيل الاستيطان الإسرائيلي خاصة في القدس فمباشرة بعد "نكبة 48" منحت البطريركية بواسطة القنصل اليوناني العام لليونان (إسرائيل) بحدود 700 دونم لإقامة الأحياء اليهودية الراقية في القدس، وفي 1968م تنازلت البطريركية لصالح بلدية الاحتلال في القدس وشركات الاستيطان التابعة لها عن كل أملاكها التي تقع خارج أسواق القدس القديمة في منطقة باب الخليل وحتى الباب الجديد "الزاهرة".
وأضاف جبالي: "في عام 1974م منحت البطريركية كل منطقة قيسارية قرابة ألف دونم للاحتلال وفي فترة ثيوفولوس الحالي هناك صفقات بالعشرات تشمل تصفية كاملة للملكية الكنسية ونقلها لجهات إسرائيلية".
وأشار إلى أن عائدات البطريركية المالية يتم تهريبها إلى اليونان إلى أقارب أصحاب المناصب، فالبطريركية كمؤسسة فاسدة اقتصاديًّا وروحيًّا وإداريًّا وماليًّا هي منهوبة من الذين يجلسون في سدتها، ومن بعض مستشاريها.
وبين جبالي وجود تقصير أردني في متابعة أمر الأراضي الكنسية، فالأراضي التي يتم الحديث حاليًّا عن تسريبها "لإقامة مستوطنة جفعات همتوس" مسجلة منذ أيام الحكم الأردني في 1963 كـ"منحة مقدسة".
وأضاف: "بل وصل الحال بالأردن عندما أثرنا فساد البطريركية في 2009 م لمنع شباب الحراك من السفر لفترة ثم التحقيق معهم عند دخول الأراضي الأردنية وتأكيد لبراءة البطريرك".
وأكد جبالي في الوقت ذاته أن السلطة أضعف من أن تتخذ موقف مناهض لـ(إسرائيل) على الرغم من أن الموقف الرسمي للرئاسة واضح أنه ضد البيع والتسوية لكن هناك فئات ومؤسسات في السلطة بصورة أو أخرى وبشكل مباشر وغير مباشر لا تألوا جهدًا في إفشال أي تحرك شعبي أو قانوني.
وتابع: "ومثال على ذلك قدمنا شكوى للنائب العام الفلسطيني في 2017 عن طريق نقابة المحامين تضمنت 14 مخالفة قانونية ومالية للبطريرك بموجب القوانين الفلسطينية وكان هناك تجاوب معها في بداية تقديمها وعمل مهنيًّا في مرحلة لاحقة ثم لم نسمع أي تقدم في هذا الملف".