قائمة الموقع

موظفون للسلطة رواتبهم "صفر".. وآخرون في المحاكم

2017-05-11T05:55:00+03:00
أحد الموظفين يستلم راتبه بغزة أمس (صفا)

على دراجته الهوائية، قطع الموظف في السلطة محمد كلوب، مسافة طويلة تحت أشعة قرص الشمس المتوهج وقت الظهيرة، قاصدا بنك فلسطين في مدينة غزة، وخلفه طفله الصغير الذي وعده بشراء هدية بسيطة له عقب تسلمه راتبه.

ووصل كلوب البنك، وانتظر دوره في طوابير الموظفين أمام "الصراف الآلي"، ليتفاجأ بـ"الصدمة" حسب وصفه، فلا يوجد له رصيد مالي في حسابه.

ولم يتوقف عند هذا الحد، بل أصبح كلوب، مديونا لبنك فلسطين، بمبلغ 700 شيكل، إضافة إلى مبلغ 700 شيكل لصاحب بيت الإيجار الذي يقطنه.

وغادر كلوب, عابس الوجه، طابور الموظفين أمام بنك فلسطين ولا يحمل لعائلته سوى مزيد من الأعباء المالية، ودون أن يعلم بماذا يجيب طفله الذي اصطحبه معه، لتبدأ العائلة مرحلة صعبة كما يصف "حسرة على واقع الحال".

كلوب المثقل بالهموم والالتزامات، لا يعلم كيف سيخبر ابنته التي تريد سداد تكاليف دروسها الخصوصية، أو صاحب متجر بيع المواد الغذائية الذي هدد بوقف الدين عنه.

وقال كلوب، إن "كفلائي في القرض، أمهلوني فرصة لراتب الشهر القادم إما بسداد دينه أو بإحالة القضية إلى المحاكم".

سلفة نقدية

ويقف إلى جانب كلوب، الموظف رامي جرادة، وهو بذات الحال لا يوجد رصيد مالي في حسابه، الأمر الذي اضطره إلى أخذ سلفة نقدية بمبلغ 300 شيكل من البنك، مؤجلا "مشكلته نوعا ما إلى الشهر القادم" حسب تعبيره.

واحتار جراده، من أين يبدأ الحديث عن معاناته لصحيفة "فلسطين"، لافتا إلى أن "شركتين قامتا برفع قضيته إلى المحاكم بعد أن سحب معاملات منها، وقام البنك بدوره بخصم القيمة المالية من راتبه".

وفي السابق كان يتبقى لجرادة 800 شيكل، يستطيع أن يسدد ما عليه من التزامات، أما اليوم فهو يضطر لمراكمة سلف نقدية متواصلة من البنوك، وحينما سألناه كيف ستسدد للبنك أيضا؟، أرجأ الإجابة إلى المستقبل وما سيحدث معه من متغيرات، كما قال.

فيما يحاول الموظف "س، ج " (فضل عدم الكشف عن اسمه كاملًا)، مواساة نفسه بأحوال من حوله، فكلهم بالمعاناة شركاء، فقام كحال سابقه بأخذ أيضا سلفة نقدية بمبلغ 300 شيكل.

وقال لصحيفة "فلسطين": "يجب أن يخصم البنك نصف المبلغ المحول، ويتبقى النصف كي نقوم بتأدية ما علينا من التزامات"، لافتا إلى أن هناك أربع قضايا رفعت عليه نتيجة عدم قدرته على سداد ما عليه من ديون والتزامات، مما اضطر البنك لخصم ما تبقى من راتبه.

وسيلة ضغط

لكن الأمر هنا مختلف، فالموظف "م ، ح" رفض أيضا الكشف عن اسمه وهو ملازم أول في جهاز الشرطة التابع للسلطة في رام الله، تفاجأ أيضا بقطع راتبه لهذا الشهر.

بنظارته السوداء التي أخفت ما تحتها من تفاصيل، بدا غير متأثر بما حدث له فهو يقابل الجميع بابتسامة ويطلب من زملائه عدم التأثر، ويقول لصحيفة "فلسطين": "هذه وسيلة ضغط .. أبو مازن (رئيس السلطة) بده يركع غزة لكن غزة لا تركع .. غزة صمدت ثلاث حروب، لم تسقط وستبقى صامدة في وجه من يحاصرها وستكون بالمرصاد لهم".

بدوره، أكد نقيب الموظفين العموميين في السلطة في غزة، عارف أبو جراد، أن السلطة قطعت رواتب العشرات من الموظفين، في الوقت الذي استمرت فيه بخصم 30 - 50 % من رواتب جميع الموظفين للشهر الثاني على التوالي.

وذكر أبو جراد، لصحيفة "فلسطين" أنه لا توجد معلومات حول أعداد الموظفين الذين قطعت رواتبهم، معتبرا ذلك جريمة ترتكبها حكومة رامي الحمد الله.

كارثة ومصيبة

وفي السياق، قال منسق اتحاد العاملين في الجامعات والكليات الحكومية، محمد العمور، إن موظفي جامعة الأقصى في قطاع غزة، حصلوا على نصف الراتب الأساسي عن الشهر الماضي، بما يتراوح بـ 800 إلى 1400 شيكل فقط، مشيرًا إلى أن ذلك خلق حالة من الاستياء الشديد بين صفوف الموظفين جميعهم.

وأشار العمور لصحيفة "فلسطين" إلى أن الراتب الأساسي للموظفين 2800 شيكل، خصم منه 50% إضافة إلى خصم العلوات والبدلات، منوهاً إلى أن نسبة الخصم من راتب الأكاديميين وصلت من 80 إلى 85%.

ولفت إلى أن مراجعة جرت لوزارة المالية في حكومة الحمد الله في رام الله بعد هذه الخصومات، وقد أجابت بـ"هكذا طُلب منا أن نرسل لكم"، موضحا أن 600 أسرة لموظفي الجامعة هم مقبلون على شهر رمضان ولم يجدوا في راتبهم ما يسعفهم.

وطالب العمور بتجنيب قطاع الوظيفة العمومية والتعليم والصحة الخلافات السياسية و"الانتحار الذي يدفعون غزة له"، متسائلا:" الموظف في وظيفته العمومية قائم على أعماله المطلوبة منه لماذا يخصم من راتبه؟".

فيما وصف عميد شئون الطلاب في جامعة الأقصى رياض أبو زناد، ما يحدث مع جامعة الأقصى من خصم الرواتب بالأمر المثير للدهشة والاستغراب، مضيفا أن إدارة الجامعة لا تملك إجابة واضحة حول الذي يحدث في الجامعة.

كما ووصف أبو زناد في حديثه مع "فلسطين" خصم الرواتب وما يجري في جامعة الأقصى بـ"المصيبة والكارثة"، وأن ذلك يحدث بعد أن كانت الجامعة تعيش في ظل خلافات حادة وعلى وشك الانهيار إلى أن جرى حل المشكلة.

وأكمل قوله:" فوجئنا أنه عند تقليص رواتب الموظفين إلى 70% جامعة الأقصى لم تحصل على رواتب مطلقاً حتى بعد مرور 20 يوم من الشهر الماضي حصل الموظفين على راتب بقيمة 25% للأكاديميين".

وقال:" انتظرنا الشهر الذي يليه حتى تدرك الحكومة في رام الله أننا لا زلنا على رأس عملنا ولم نستنكف أو نغادر أماكن عملنا، لكن للأسف قطعت الرواتب لعشرين يوم وعندما تدخل رئيس الجامعة حصلنا على راتب 25% فقط على أمل أن يتم تفهم الموضوع وإعادة الرواتب بشكل طبيعي في هذا الشهر".

واعتبر هذه الخصومات استهزاء بالكادر الأكاديمي وعلماء البلد ولن يستطيع قبولها أستاذ جامعي، محملاً مسئولية ما يحدث لرئيس الحكومة رامي الحمد الله، مضيفاً:" إذا بقى الموضوع على ما هو عليه فإن الأستاذ الجامعي لا يقبل أن يهان أو تُمس كرامته".

اخبار ذات صلة