أكد مختصان بشؤون القدس، أن عام 2020م شهد تطورات مفصلية على صعيد تهويد المدينة المقدسة والمسجد الأقصى، مشيرَين إلى أن التطبيع العربي المترافق مع الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي فتح الباب على مصراعيه أمام المسارعة للاستيطان في المدينة.
شديد القتامة
الخبير بشؤون القدس جمال عمرو، عدَّ عام 2020م على فلسطين عامة والقدس والأقصى خاصة، "كان شديد القتامة، ومُرًّا علقمًا ومؤشرًا على قناعة راسخة يهودية: أنه قد آن الأوان لتوجيه الخنجر للمسجد الأقصى بالضربة القاضية".
وقال عمرو لصحيفة فلسطين": "الدعم السياسي والمعنوي والاقتصادي الذي تلقاه الاحتلال في هذا العام باتفاقيات التطبيع مع العرب وغيرها واستغلاله جائحة كورونا، عززت قدرته على الاستفراد بالقدس وبخاصة الأقصى".
وأضاف: "كان أكثر عام يُحرم فيه الفلسطينيون من الوصول للمسجد المبارك".
وأشار إلى إبعاد سلطات الاحتلال رجالات الأقصى كالشيخ رائد صلاح، مبينًا أيضًا أن 2020 سجَّل أكثر الأعوام من حيث قرارات إبعاد للمرابطين والمصلين، وشن اعتقالات بحقهم على أبواب المسجد.
وبيّن عمرو أن الجمعيات اليهودية أصبحت تُقيم الطقوس التلمودية جهارًا نهارًا في محيط باب الرحمة وسط الأقصى، ويدنسه المستوطنون بالأحذية والبساطير.
ولفت إلى أن المستوطنين تجرؤوا كثيرًا على أهل القدس، فأخذوا يحطمون سيارات الفلسطينيين، في حين تمنع شرطة الاحتلال حافلات المصلين وسكان البلدة القديمة من الوصول إليه.
وقال عمرو: "وصلنا إلى حلقة المشنقة في ظل حالة التردي السياسي الفلسطيني والعربي، والحال المأساوي الذي وصلت إليه دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، فأصبح الاحتلال يمنع حراسها من الوصول لمناطق وجود المستوطنين نهائيًّا".
ونبه الخبير في شؤون القدس إلى أن المنطقة الشرقية لـ"الأقصى" في دائرة الاستهداف والسيطرة غير المعلنة من قبل الاحتلال؛ تمهيدًا لتقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا كما حدث في الحرم الإبراهيمي.
وشرح بالقول: "فالاحتلال مدد المدة الزمنية لمكوث المستوطنين بالأقصى، وفوَّض الشرطة بتقدير المدة الزمنية للصلاة وفقًا لوجود خطر من عدمه، فهو أسس في هذا العام تقسيمًا معلنًا بخلاف الأعوام السابقة".
وبين أنه أصبح هناك مسار واضح لدخول وخروج المستوطنين، ولم تعد أعداد المقتحمين محصورة، وأصبحوا يأتون برموز تلمودية، ويؤدون طقوسهم جهرًا.
وشدد على أن التطبيع العربي ساهم في تبرئة الاحتلال، وغسل دماء الفلسطينيين عن يديه، وأضر بالأقصى ضررًا بالغًا في 2020م، حيث وصل الحال ببعض العرب لاقتحام الأقصى بحماية الاحتلال، عادِّين أن الأقصى هو المصلى القبلي، وبقية المساحة هي "جبل الهيكل"، في مشهد قاسٍ على الفلسطينيين.
وأشار إلى أن هذا العام شهد سيطرة وتحكمًا واضحًا ومعلنًا وإغلاقًا عسكريًّا واعتقالات وعقابًا ومخالفات لمرتادي الأقصى، بالمزامنة مع مصادرة أراضٍ مهمة محيطة به، خاصة من مقبرتيْ باب الرحمة واليوسفية، بغرض تحويلها إلى "حدائق توراتية".
العام الأسوأ
بدوره بيَّن رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهجير ناصر الهدمي أن عام 2020 تميز بأنه
الأسوأ الذي يمر على القدس من حيث الاعتداءات الإسرائيلية على أهلها واستغلال "كورونا" للاعتداء على مقدسات المدينة.
وأشار الهدمي لصحيفة فلسطين، إلى زيادة الاقتحامات وإغلاق الأقصى والسماح للمستوطنين بدخوله، في حين منعت سلطات الاحتلال المسلمين من خارج البلدة القديمة من دخول المسجد.
ولفت إلى أن هذا العام شهد ارتفاعًا في معدل الهدم بحجة البناء غير المرخص، في هجمة واضحة هدفها التغيير القانوني لوضع القدس من مدينة تحت الاحتلال لتصبح عاصمة تعترف بها أمريكا لـ(إسرائيل).
وبيّن أيضًا أن التطبيع العربي شجّع الاحتلال على مزيد من التنكيل بالمقدسيين، وعده صاحب حق بالديار، وتوج ذلك باقتحام المطبعين الأقصى عبر باب المغاربة تحت حماية الاحتلال، دون موافقة دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس.
ونبه الهدمي إلى وجود جهود إماراتية–سعودية لإضعاف دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية كي تتوليا إدارة الأقصى بدلًا عنها.
وقال: "الطعنة الكبرى للقدس كانت باقتحام بعض المطبعين للأقصى اقتحامًا لا يقل خطورة عن اقتحامات المستوطنين، ما يمس بواقع القدس الذي حافظ عليه المقدسيون لسنوات طويلة برباطهم في الأقصى".
وفي الوقت ذاته تتوالى، وفقًا للهدمي، مخططات التهجير في أحياء عدة بالمدينة تحت ذرائع مختلفة، كـ"الشيخ جراح وبطن الهوى"، بادعاء أن أراضيها "مملوكة لليهود"، فالاحتلال يحاول تغيير ملامح المدينة.

