بضع دقائق فصلت بين انتهاء المؤتمر الصحفي الذي عقده أحد عناصر المقاومة الفلسطينية، حتى خرجت رشقة صاروخية من قواعدها، فحلَّقت في سماء قطاع غزة بشكل منتظم وضمن مسار مُحدد، مُتجهة هذه المرَّة نحو البحر غربًا، كـ"سرب من طيور في السماء يُسافر من منطقة إلى أخرى دون أن يحيد أحد عن صفه".
ما إن اختفت آثار آخر قذيفة صاروخية واندثر دخانها المنبعث خلفها، حتى خرجت طائرة استكشافية صُنعت بأيدي المقاومة الفلسطينية في غزة، وظلَّت تصول وتجول فوق أرجاء أحد المواقع العسكرية التابعة للمقاومة.
كانت هذه المشاهد الأولى إيذانًا بانطلاق مناورة دفاعية للغرفة المشتركة التي تضم جميع فصائل المقاومة حملت اسم "الركن الشديد" الأولى من نوعها، تُحاكي قدرة المقاومة واستعدادها للتصدي لأي عدوان إسرائيلي مُباغت مُحتمل على قطاع غزة خلال الفترة القادمة.
داخل الموقع العسكري انتشر عناصر من المقاومة مرتدين أقنعة على وجوههم، واضعين عصبة على جبينهم من مختلف الألوان، كل لون منها يعود لفصيل مقاومة مُعين، مما يُدل على وحدة المقاومة في الميدان، أملًا أن ينسحب ذلك على وحدة الصف السياسي وصولًا لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة.
في جانب آخر، وقفت دبابة إسرائيلية من نوع "ميركافاه" لكن هذه المرّة صنعتها أيدي المقاومة الفلسطينية في غزة، لتُحاكي بها تفجيرها واقتحامها حال تجرأت دبابة دخول قطاع غزة في أي عدوان قادم.
وفي إطار برنامج مناورة "الركن الشديد"، نفذت الغرفة المشتركة مناورة بحرية، تحاكي تسلل قوات "كوماندوز" إسرائيلية إلى قطاع غزة.
وتقدم عناصر المقاومة تجاه الشاطئ مع بدء وصول عناصر بحرية إسرائيلية، في حين تعاملت عبر عناصر ثابتة ومتحركة مع القوات المتسلسلة عبر قوارب مطاطية.
ونجحت عناصر المقاومة في احكام قبضتها على العناصر المتسلسلة بالإجهاز على بعضهم، وأسر آخرين. كما نفذت عملية اقتحام بحري لقوات الكوماندوز تجاه أهداف إسرائيلية.
وجاءت هذه المناورة، بعد مناورة عسكرية نفذها جيش الاحتلال في الثاني والعشرين من شهر نوفمبر الماضي، واستمرت 4 أيام، في جنوبي فلسطين المحتلة، تركزت في منطقة "غلاف غزة".
وذكر الناطق بلسان جيش الاحتلال "هدي زيلبر"، حينها، أن المناورة "معدة للوقوف على استعدادات المنطقة الجنوبية لسيناريوهات قتالية في قطاع غزة باشتراك قوات نظامية واحتياط".
إعلان المؤتمر
وكانت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، أعلنت صباح أمس عن انطلاق مناورة "الركن الشديد" الأولى من نوعها بمشاركة 12 جناحًا عسكريًا تابع للفصائل.
وقال متحدث باسم الغرفة المشتركة خلال مؤتمر صحفي، أمس، من داخل أحد المواقع العسكرية: "في إطار تعزيز العمل المشترك والتعاون بين الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، فإننا نعلن بعون الله تعالى عن انطلاق مناورات الركن الشديد، التي ينفذها مقاتلونا ومجاهدونا من كافة الأجنحة العسكرية تحت قيادة الغرفة المشتركة".
وذكر المتحدث، أن المناورة تنفَّذ بالذّخيرة الحية عبر سيناريوهاتٍ متعددة ومتنوعةٍ على امتداد قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، حيث تحاكي تهديدات العدو المتوقعة، وتهدف إلى رفع كفاءة وقدرة مقاتلي المقاومة للقتال في مختلف الظروف والأوقات.
وشدد على أن "هذه المناورات الدفاعية هي تأكيد على جهوزية المقاومة للدفاع عن شعبنا في كل الأحوال وتحت كافة الظروف"، مؤكدًا أن قيادة المقاومة جاهزة لخوض أية معركة للدفاع عن شعبنا وأرضنا.
وأضاف "لن نقبل بأن يتغول العدو على أهلنا، وإنّ سلاحنا حاضر، وقرارنا موحد في خوض أية مواجهة تُفرض على شعبنا في أي زمان ومكان بإذن الله تعالى"، محذرًا قيادة الاحتلال من التفكير في خوض مغامرة ضد شعبنا، "لأنها ستواجه بكل قوة ووحدة وستحمل الكثير من المفاجآت بإذن الله".
وبيّن أن هذه المناورات المشتركة تعبر بوضوح عن القرار المشترك ووحدة الحال بين أجنحة فصائل المقاومة بكافة أطيافها، متابعًا "فسنواتٌ طويلةٌ من النضال والقتال ضد هذا العدو أنضجت تجربةً فريدةً للمقاومة وجعلتها تقف على أرض صلبة، وتتكاتف في خندق واحد في الدفاع عن شعبنا، ورسم قواعد قتالها واشتباكها مع العدو بشكل موحد بكل حكمة وإرادة واقتدار".
متابعة الإعلام العبري
وتابعت وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي، باهتمام شديد، مناورة "الركن الشديد" التي نفذتها الفصائل أمس، فيما رفع جيش الاحتلال حالة التأهب ، تزامنًا مع انطلاقها، وفق ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وكتب المراسل العسكري لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليؤور ليفي، قال: "الفصائل بغزة بدأت مناوراتها المشتركة برشقة صاروخية تجاه البحر، وتشغيل طوافات مسيرة".
فيما قال محرر شؤون الطيران في الصحيفة :"تقوم ثلاث طائرات لجمع البيانات والقياس عن بُعد بخدمة مؤسسة الجيش من خلال طلعات بالقرب من حدود قطاع غزة البحرية خلال المناورات العسكرية الواسعة هناك".
وأضاف "تم التعرف على طائرة 4X-CUT و 4X-CMA و 4X-AOO يعملن كـ "مختبر طائر" لـ IAI و Alta - في الساعة القادمة يتوقع إطلاق رشقة صواريخ أخرى باتجاه البحر".
أما موقع (مفزاك درومي)، قال: "حماس تطلق رشقة صاروخية تجاه البحر، في إطار المناورات الأركانية المشتركة للفصائل بغزة".