أكد مختصان بشؤون اللاجئين أن الأزمة المالية التي تواجهها "أونروا" تأتي ضمن محاولات إنهاء عملها بحيث يكون العجز عن أداء الخدمات للاجئين مبررًا لإنهاء دورها، وأن الطريق لذلك ليس سهلًا حتى مع احتمال إحداث انشقاقات داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة برفض التجديد للمؤسسة الأممية.
تصب في مسار التطبيع العربي المتسارع مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرين إلى أن تلك المحاولات تفت في عضد القضية الفلسطينية وتسهم في تصفيتها.
وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قد بينت أن دولة الإمارات تسعى بالتنسيق مع سلطات الاحتلال إلى إنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، من أجل كسب ودها وذلك في أعقاب تطبيع العلاقات بين الجانبين منذ أغسطس/ آب الماضي.
رئيس المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في مخيمات قطاع غزة خالد السراج، قال: إن التطبيع العربي المتسارع مع الاحتلال الإسرائيلي هذا العام، كان شيئًا معيبًا بحق عموم الأمتين العربية والإسلامية وأثر في قضيتنا الفلسطينية من نواحٍ سلبية بشكل كبير.
وأوضح أن هذا التطبيع قد يكون من نتائجه التساوق مع رغبة الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) في مخططهما لإنهاء أونروا ما يعني أن تأثيره سيكون سلبًا مباشرًا على اللاجئين، "فأونروا هي جوهر موضوع النكبة الفلسطينية، وهي من الدلائل على وجود قضية اللاجئين ومحاولة طمسها من قبل الاحتلال وأمريكا يعني محاولة إنهاء تلك القضية".
وقال السراج: "أن تنحى دولة عربية وإسلامية هذا المنحى وتكون إحدى البوابات لها وتحمل تلك الرؤية هو أمر معيب ومسيء لقضيتنا الفلسطينية، في ظل معاناتنا كفلسطينيين من ويلات الاحتلال من ممارسات سيئة وحصار ووضع اقتصادي سيئ".
ولفت إلى أن محاولات إنهاء "أونروا" قديمة جديدة، "لكن الجديد هو أن تتحول دولة عربية من أهم داعميْ أونروا في أزماتها المالية للمطالبة بتفكيكها وتشكك في نزاهتها ضمن نتائج التطبيع السلبية على القضية الفلسطينية ومستقبلها".
وأضاف السراج: "تحاول سلطات الاحتلال والإدارة الأمريكية منذ أكثر من عشر سنوات تعريب أونروا بدفع الدول العربية لزيادة حصص دعمها للمؤسسة الأممية، وتقليص دعم الدول الأخرى، لتصبح القضية الفلسطينية عربية داخلية ورهنًا للتجاذبات العربية".
وبين أن أحد المخططات الإسرائيلية-الأمريكية تتمثل بإنهاء الوجود الدولي لأونروا والتقليل من دورها بإحداث عجز مالي في موازنتها، بحيث يؤدي عجزها عن أداء خدماتها لإيجاد مبرر للجهات العربية وغيرها بأن تطالب بإنهائها.
وأكد السراج أن الحل في مواجهة تلك المخططات هو بالالتفاف الفلسطيني حول موقف موحد من قضية اللاجئين وألا تتأثر مواقفهم منها بأي موقف عربي أو غيره، "ليقفوا سدًا منيعًا أمام أمريكا و(إسرائيل) والدول المطبعة".
في حين نبه المختص بشئون اللاجئين عصام عدوان أن أونروا مؤسسة دولية تابعة للأمم المتحدة، وأن قرار إنهائها أو استمرارها يتم من خلال المؤسسة الأم، أكد أن تصويت أي دولة عربية أو أكثر لا ينهيها.
وقال مستدركًا: "لكن بإمكان دولة غنية مثل الإمارات بثقلها المالي السعي لشراء أصوات الدول للتصويت ضد التمديد لأونروا".
ذكر أن هناك مخططًا مطروحًا منذ فترة طويلة بأن تنشئ الدول العربية بديلًا عربيًّا لأونروا بما يمهد لانسحابها، وقد طرح ذلك أولًا في اتفاقية جنيف عام 2003، شبه الرسمية بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي نصت على إقامة منظمة دولية أخرى تقوم مقام "أونروا" وتستلم مقراتها وإمكاناتها.
وبين عدوان أن ترامب أعاد طرح نفس الفكرة ضمن ما يسمى بـ"صفقة القرن"، مقترحًا إنشاء منظمة أمريكية تساعد الفقراء الفلسطينيين دون حملهم صفة لاجئين مقابل وقف عمل "أونروا"، قائلًا: "قد تعمد الإمارات لدعم إنشاء بديل لأونروا ولكنها لن تتمكن من إنهائها إلا بخلق لوبي داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة يرفض بقاءها".
وتابع: "يبقى هنا السؤال هل ستعمل الإمارات على خلق هذا اللوبي؟، وهل بمقدورها إقناع العالم الغربي، الداعم الاساسي للمؤسسة الدولية، بطرحها وتسويقه كوسيلة لإرساء السلام؟!".
وبين عدوان أن المؤشرات حتى اللحظة تشير إلى أن ندرة من دول العالم تبعت أمريكا بوقف مساعداتها لأونروا أو نقل سفاراتها للقدس حتى الحزب الديمقراطي في أمريكا لا يحبذ تلك الأفكار، ما يجعل الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية – العربية لإنهاء أونروا ليس بالسهل أبدًا.