مرَّت (12) سنة على العدوان الإسرائيلي الذي شنته على قطاع غزة عام 2008، الذي أطلقت عليه (إسرائيل) اسم "الرصاص المصبوب"، استطاعت المقاومة الفلسطينية التي سمتها "حرب الفرقان" أن تُراكم قوَّتها وتطوِّرها إلى مستويات متقدمة.
وحققت المقاومة طيلة السنوات الماضية إنجازات مهمة وتطورات عسكرية هائلة، حيث كانت صواريخها خلال "حرب الفرقان" تصل إلى مدى لا يزيد على 30 كيلومترًا، لكن مع مرور السنوات دكت تلك الصواريخ قلب الكيان (تل أبيب) خلال العدوان الإسرائيلي عام 2014.
وقبيل ظهر يوم 27 ديسمبر 2008، شنت (80) من طائرات الاحتلال المختلفة (الحربية والمروحية والمسيرة) عشرات الغارات الجوية خلال وقت قصير استهدفت الأحياء السكنية ومقار ومراكز عسكرية وأمنية وشرطية في قطاع غزة.
تعاظم القوة
الخبير في الشؤون العسكرية اللواء يوسف الشرقاوي، رأى أن المقاومة الفلسطينية تطورت خلال السنوات الماضية وحتى الآن، وأثبتت أنها صلبة وغير مردوعة، وهذا الأهم بالنسبة لها.
وبيَّن الشرقاوي لصحيفة "فلسطين"، أن المقاومة تُعطي رسالة لـ(إسرائيل) أنه مهما تعاظمت قوتها، فهناك تعاظم لقوّة المقاومة، قائلًا: "المقاومة أثبتت بعد كل معركة أن تكون أصلب من ذي قبل وهذا مهم جدًّا في عمل المقاومة بغزة".
وأضاف أن "التطور المستمر للمقاومة يُدلل على أنها جدية وتُعد لأي مواجهة مع العدو خلال المرحلة القادمة"، متوقعًا أن تكون المقاومة مستقبلًا قادرة على حماية جبهتها الداخلية وتهديد جبهة العدو وهذه إحدى استراتيجيات المقاومة.
وأبدى تأييده لإجراء مناورات ميدانية مشتركة بين فصائل المقاومة، في رسالة واضحة للاحتلال بوحدة الميدان والاستعداد لأي عدوان قادم.
أسلوب الترويع
بدوره رأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية د. رفيق أبو هاني، أن المقاومة في غزة امتصت أسلوب جيش الاحتلال الذي اعتمد الترويع من خلال القصف من طائرات في محاولة للقضاء عليها وبقيت متماسكة.
وقال أبو هاني لصحيفة "فلسطين"، إن هذه التجربة للمقاومة كانت الأولى لكنها استطاعت خوض المعركة بكل قوة واقتدار لمدة (21) يومًا، رغم عدم توفر أسلحة نوعية وأنفاق استراتيجية لديها في ذلك الوقت.
وأوضح أن الاحتلال لم يحقق أهدافه التي شن العدوان لأجله، وهذا يُسجل انتصارًا للمقاومة ضمن العلوم العسكرية، حيث استطاعت أن تكسر الرقميات العسكرية بأن الجيش لا يُكسر.
وبيّن أن المقاومة طوّرت قدراتها وغيّرت المعادلات من الدفاع إلى الهجوم خلال السنوات التي تلت العدوان عام 2008، وهذه استراتيجية مهمة في العلم العسكري.
المقاومة نضجت
وأكد أبو هاني، أن المقاومة اليوم نضجت لمستوى أنها شكَّلت غرفة عمليات مشتركة، حيث حققت بها أحد المبادئ العسكرية المهمة.
ورأى أن هذه الخطوة شكّلت وحدة مهمة في الميدان، ما جعل قوى المقاومة أشبه بالجيش النظامي ويُسيّر الأعمال العسكرية مثل الضرب والمناورة والدفاع.
وعدّ إعلان مناورة الركن الشديد، "رسالة مهمة أن المقاومة أصبحت ناضجة وتستطيع أن تقود المعركة موحدة وبشكل منظم بقرار واحد واستراتيجية واحدة، على طريق تشكيل جيش منظم، وأي خرق للمقاومة يشمل الجميع".
ووصف المناورة، أحد أهم تعبيرات الوحدة العسكرية، والتي ستكون في الميدان خلال المرحلة القادمة، تحت قيادة واحدة تحقق رسالة الشعب الفلسطيني.
وذكر أبو هاني، أن المناورة تتضمن هدفين "تدريبيًّا أو ردعيًّا"، و"الركن الشديد" تمثل الهدفين، الأول تبحث قدرات جنودها والخطط الاستراتيجية، والثاني تحقيق هدف الردع وإيصال رسالة للاحتلال بمدى استعدادها لأي عدوان قادم.
وتسببت الغارات والتي أراد الاحتلال منها إحداث صدمة ومفاجأة للمقاومة وعلى رأسها حركة حماس في الساعات الأولى للحرب باستشهاد أكثر من 300 فلسطيني وجرح أكثر من 700 آخرين، بينهم مدير الشرطة في القطاع اللواء توفيق جبر، وضباط كبار في الأجهزة الأمنية بغزة.
وأسفرت الحرب التي استمرت 21 يومًا عن استشهاد نحو 1600 فلسطيني (من بينهم 926 مدنيًا و412 طفلًا و111 امرأة) وإصابة نحو 5 آلاف آخرين، وأبيدت خلال الحرب عائلات بأكملها من ضمنهم عائلة السموني التي فقدت 29 من أفرادها.