انخفض عدد الحالات الخطرة والحرجة المصابة بمرض "كوفيد 19" الناتج عن فيروس "كورونا" المستجد، إلى قرابة (200) حالة بعد أن كان يزيد على ذلك، تزامنًا مع الإغلاق الذي أقرته الجهات الحكومية بغزة، للحد من تفشي الوباء في القطاع الساحلي المكتظ سكانيًّا بتعداد يزيد على مليوني نسمة.
وفي هذا الصدد أكد مسؤولان طبيان أن الحالات الحرجة تتوزع على أكثر من مستشفى بغزة، لكن العدد الأكبر يخضع للرعاية الصحية على أسرة مستشفى غزة الأوروبي في محافظة خان يونس جنوب القطاع.
وفي حديثين منفصلين نبَّه المسؤولان إلى أن حالة الإغلاق التي شهدها القطاع ومساحته (365) كيلومترًا مربعًا، في يومي الجمعة والسبت من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، ساهمت في تقليل منحنى انتشار الفيروس.
واكتشفت أولى الإصابات بفيروس "كورونا" بغزة، نهاية آب/ أغسطس الماضي، في أول تفشٍ محلي للفيروس بعد أشهر من انتشاره حول العالم انطلاقًا من الصين.
وبين مدير المستشفى الأوروبي الدكتور يوسف العقاد، أن (170) مصابًا بـ"كوفيد 19"، حالتهم بين الخطرة والحرجة، إضافة إلى (30) مصابًا آخرين توصف حالاتهم بأنها متوسطة من أصحاب الأمراض المزمنة السكري والضغط، ومرضى الكلى الذي بحاجة إلى غسل كلوي.
وذكر أن عدد الأسرة في المستشفى يصل لـ(300) سرير، في حين ليس بإمكانه استقبال حلات بحاجة إلى أكسجين أكثر من (200) مريض، لأن ما يتوفر الأكسجين بالكاد يكفي هذا العدد.
وأضاف: أن الصحة رفعت مستوى الأكسجين من 800 لتر في الدقيقة إلى 4 آلاف، عادًّا هذا الرقم "هائلًا بعد جهود مضنية قامت بها فرق الهندسة والصيانة في وزارة الصحة التي تحاول استجلاب محطات جديدة لإنتاج الاكسجين".
وأكمل: أن محطات توليد الأكسجين تصنع في دول بعيدة، وننتظر وصول محطات جديدة لغزة بفارغ الصبر، في وقت يواصل الاحتلال حصاره ويماطل في إدخال المستلزمات والأجهزة الطبية، بينما نستعد في المستشفى الأوروبي للأسوأ، ونسعى جاهدين لرفع كمية الأكسجين المنتج مستقبلًا بعد دخول محطات التوليد.
وإذ يشير د. العقاد إلى أن مستشفى الأوروبي مخصص للحالات المصنفة أنها حرجة وخطرة، بيَّن أن الفرق الطبية تقدم لهم الخدمات الصحية اللازمة، لكن إذا ازداد عددهم سنكون أمام تحدٍّ خطر، يرتبط بمزيد من الحاجة إلى الأكسجين، وفي إثر ذلك قد نصل إلى مرحلة لا نستطيع خلالها استقبال مرضى جدد بـ"كوفيد-19".
وذكر أن الحالات المصابة بالمرض المعدي، المصنفة بالمتوسطة تقدم لها الرعاية الصحية في مستشفيات أخرى، وفي حال طرأ عليها تطور للأسوأ تنقل إلى الأوروبي.
"ولذلك فإن مستشفى الوبائيات بحاجة إلى دعم بأجهزة التنفس الاصطناعي، سواء على أسرة العناية المركزة أو على الأسرة التي خصصت للمرضى التي توصف حالاتها بأنها خطرة وحرجة" بحسب العقاد مدير الأوروبي.
فئات المصابين
وبشأن فئات المصابين، ذكر أنها تتنوع من كلا الجنسين، بنسبة 52 بالمئة للإناث و48 بالمئة للرجال، من كبار السن والشباب.
وأشار إلى أن 13 حالة من الأطفال مصابين بـ"كورونا" كانوا يتلقون الرعاية الصحية في المستشفى، وارتفع لاحقًا إلى 30 طفلًا عندما فتحت المدارس أبوابها، لكن تمَّ شفاؤهم جميعًا، وطفل واحد ما زال في المستشفى الأوروبي، إضافة إلى عدد من الأطفال الآخرين في مستشفيات أخرى قادرة على استيعابهم وجهزت لهم أقسام بداخلها للتعامل مع المصابين.
وأشار إلى أنه قبل الإغلاق لمدة يومين أسبوعيًّا، كان يصل إلى الأوروبي قرابة 40 حالة يوميًا، والآن انخفض ليتراوح بين 29-32 حالة، وبالتالي هناك انخفاض ملحوظ في عدد الإصابات، إذ ساهم الإغلاق في خفض منحنى الإصابات ولو يسيرًا.
وفيما يتعلق باللقاح المضاد، ذكر أن "غزة وعدت به في الربع الأول من عام 2021، وما زلنا بانتظار وصوله"، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة وضعت الخطط والآليات لاستخدام اللقاح وفق جداول زمنية محددة خلالها من المقرر استهداف الفئات الأكثر تضررًا من الفيروس وحاجةً للقاح.
وأوصى مدير مستشفى الأوروبي مجددًا المواطنين بضرورة التزام قرارات وزارتي الداخلية والصحة وكذلك الالتزام الكامل في إجراءات السلامة والوقاية من فيروس "كورونا"، لأنها كفيلة بحماية المجتمع، في وقت نشهد فيه ذروة الانتشار مع بدء فصل الشتاء وما يصاحبه من أمراض موسمية وتنفسية.
ووجه نداءً لوزارة الصحة في رام الله، بضرورة تزويد غزة بما يلزم من معدات وأجهزة ومستهلكات طبية، مضيفًا: أن الدعم الذي يصل هو للكل الفلسطيني، ومن حق غزة الحصول على حصتها من هذا الدعم لتمكينها من مواجهة جائحة (كورونا)".
وطالب د. العقاد، أحرار العالم بالضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار عن غزة، وتمكينها من مواجهة جائحة "كورونا" وتقديم خدمات صحية آمنة لأبناء الشعب الفلسطيني على اعتبار أن الصحة حق للجميع.
يرفضون الفحص
من جهته، أكد مدير دائرة مكافحة العدوى في وزارة الصحة بغزة رامي حيدر العبادلة، أن نسبة الإصابات الحرجة من مرضى "كوفيد 19" هي مقياس الحالة الوبائية في قطاع غزة.
وبيَّن د. العبادلة أن أشخاصًا كثرًا مصابون لكنهم لا يتقدمون للفحص بحجة أن لديهم مصالح يأبون تركها حتى لو ظهرت عليهم أعراض الإصابة، وبذلك لا تعلم الصحة بإصاباتهم إلا بعد تدهور حالاتهم ولجوئهم لإحدى المؤسسات الصحية.
ونبَّه إلى أن ذلك يشكل خطرًا كبيرًا يساهم في انتشار الوباء بين المواطنين.
وبشأن اللقاح المضاد، ذكر العبادلة أن هناك آليات لاستخدامه للحالات المصابة الأكثر خطورة، لكن هذه الآليات تعتمد على عدد اللقاحات وموعد وصولها غير المعروف لدينا حتى الآن.
وبين أن عدد الحالات الحرجة خفض في الأيام الأخيرة ووصل إلى 200 أو أزيد بقليل، بينهم 170 في الأوروبي، وبدأ العدد ينخفض وهذا مقياس جيد تزامنًا والإغلاق ليومين.
وتوقع استمرار الإغلاق ليومين في العام الجديد، طالما بقي عدد الحالات الحرجة يزيد على 200.
وبشأن نسبة النجاة في صفوف الحالات الخطرة والحرجة، قال: إن الأمر مرتبط بعدة عوامل لدى الحالة المرضية نفسها، ومدى قدرة جسد المريض على تحمل الإصابة وشدة الالتهابات لديه، والأمراض التي يعانيها، وتوقيت وصوله إلى المشفى إن كان مبكرًا أو متأخرًا بعد الإصابة بالفيروس.