بدأت الاستعدادات الكبرى لتنفيذ المناورة الأضخم على مستوى قطاع غزة، التي تشارك فيها كل فصائل المقاومة، وتمتد فعالياتها في جميع المحافظات بأعمال و"مهمات قتالية" تم التحضير لها والتدرب عليها منذ عدة أشهر، وهي إحدى ثمار التدريب والتطوير المستمر الذي تقوم به المقاومة في غزة، والتي استطاعت أن تمتلك قدرات عسكرية وميدانية متقدمة تؤهلها لإيقاع الخسائر بالعدو وإلحاق الهزيمة بجيشه وتثبيت معادلات قاسية ومؤلمة من الردع.
ويشارك في هذه المناورة عشرات المقاتلين من فصائل المقاومة من وحدات النخبة ووحدات تخصصية أخرى كلفت بمهمات متعددة، وتتنوع ما بين إطلاق الصواريخ وعمليات الانزال وتنفيذ اقتحامات للمواقع والسيطرة على المركبات وتدمير الثكنات العسكرية واختطاف جنود والقيام بتفجيرات كبيرة في ساحات المعركة المفترضة للمناورة.
وتحرص قيادة الفصائل في هذه المناورة على استخدام الذخيرة الحية استشعارا بخطورة ما يجري في المعركة، وتجسيدا لحالة التأهب والاستعداد التي تعيشها المقاومة في ظل الظروف الراهنة، وحرصا على إظهار كفاءة وقدرة مقاتليها على تنفيذ عمليات خاصة وخطرة تحاكي ساحة المعركة الحقيقية، وتعكس في ذات الوقت الاحترافية العالية في استخدام النار والجرأة التي بات يتمتع بها المقاتلون بعد أن صقلت قدراتهم من خلال التدريب المكثف.
المناورة في ذاتها لن تكون حدثا عابرا بل هي تجسيد لمسار متقدم من العمل الوطني الجامع والذي أوجد مساحة مناسبة لتلتقي فيها بنادق فصائل المقاومة تحت مظلة واحدة في مواجهة العدو الاسرائيلي ومخططاته العدوانية على شعبنا، وهي فرصة لزيادة زخم الفعل المقاوم ومراكمة القوة المنظمة والموجهة وفق برامج كفيلة بحماية شعبنا والدفاع عن حقوقه وحماية مصالحه.
وتتزامن المناورة مع ارتفاع مستوى المخاطر في المنطقة وزيادة حجم التهديدات التي يطلقها العدو في ظل تنفيذه العديد من المناورات التي تحاكي هجوما مباغتا على القطاع واحتلال مناطق، وتأتي أيضا في ظل انهيارات تشهدها بعض الساحات العربية بفعل التطبيع وتوقيع معاهدات السلام مع العدو، والمحاولات المتكررة لشيطنة المقاومة وتجريمها وقطع الامدادات عنها وهذا ما يعكس أهميتها من حيث التوقيت.
وهي رد طبيعي على كل المحاولات اليائسة لشق الصف الوطني بين هذه القوى المقاومة، وقد مثل هذا الفعل المشترك صفعة أخرى للقيادة الصهيونية، والتي حاولت زرع بذور الخلاف وسعت للاستفراد بالفصائل لتشتيت عوامل القوة وإيجاد صراعات جديدة بين فصائل المقاومة تكون ملهاة ومدعاة للاقتتال الداخلي في إطار الاشغال عن الهدف الرئيس وهو الاشتباك المباشر مع العدو.
وتترقب وسائل الاعلام تغطية مناورة (الركن الشديد) لما تحمله من أهمية بالغة في نقل صورة حية لعمليات التدريب والاطلاق والتفجير وغيرها من المهمات، ولكونها المناورة الأولى التي تشارك فيها كل فصائل المقاومة، ولما تحمله من مشاهد وصور حصرية ستكون أمام الكاميرات حيث سيسمح لوسائل الاعلام بتصويرها وبثها مباشرة.
هذه المناورة سيكون لها وقع وتأثير مباشر على المشهد الاسرائيلي في ظل عجز القيادة السياسية عن اتخاذ أي قرارات من شأنها القضاء على المقاومة أو الحد من قدراتها، وفشل خطط وزراء الحرب ورؤساء الأركان عن وقف التهديدات التي تفرضها المقاومة على سكان الغلاف والمدن المحيطة، وهي فرصة لأحزاب المعارضة لتصعيد حراكهم ضد رئيس وزراء العدو، وتحميله مسؤولية ما يجري في غزة، فالمناورة ستشكل انتكاسة جديدة للعدو ووصمة عار ستلاحق قياداته.
وتريد المقاومة في هذا السياق إرسال عدة رسائل منها تطمين شعبنا على المقاومة وسلاحها وقدراتها وأنها ما زالت بخير، ولديها من القدرات ما يمكنها من رد العدوان، فهي الأمينة على مصالحه والحارسة لمشروعه الوطني، وتحرص في ذات الوقت على ارسال رسالتها للمحيط العربي والاسلامي بأن المقاومة في غزة هي خط الدفاع الأول عن مقدسات الأمة، وأنها المشروع الأمثل لمواجهة الاحتلال وأطماعه الاستعمارية.
والامتداد الطبيعي لمقدرات الأمة التي يجب أن تتعاظم في مواجهة المخاطر والتحديات وأنه بات من الضروري المراهنة عليها وتوفير سبل الدعم والاسناد لها ولمشروعها لإسقاط مشاريع التصفية التي تستهدف فلسطين والامة العربية والاسلامية برمتها.
وتشكل في ذات الوقت تحذيرا مباشرا للعدو بأن أي مغامرة مع غزة ستكون محفوفة بالمخاطر وتكلفه ثمنا غير مسبوق إذا ما فكر بتكرار عدوانه على القطاع، وهي فرصة حقيقية للانطلاق نحو تجسيد الوحدة السياسية في المشهد الفلسطيني بعد سنوات من الفرقة والانقسام.