حالة من عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها الساحة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، نتيجة المُتغيرات السياسية التي طرأت، وحِدَّة الخلافات التي نشبت بين المسؤولين والأحزاب الإسرائيلية، حتى وصل الأمر لحل الكنيست الإسرائيلي الحالي والتوجه لإجراء انتخابات رابعة.
ويُعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية في شهر مارس القادم، هي الرابعة في غضون عامين، ما يعكس حالة التخبط لدى صناع القرار في حكومة الاحتلال، واشتداد حدَّة الخلافات التي كان آخرها الانشقاقات التي حدثت بين الأحزاب وانتقال شخصيات خاصة من الليكود لأحزاب أخرى.
وبحسب استطلاع للرأي نشره "راديو 103"، أمس، أظهر تراجع عدد مقاعد حزب الليكود وتقليص فرص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتشكيل الحكومة المقبلة فيما يعزز حزب "تيكفا حدشا" (أمل جديد) برئاسة جدعون ساعر من عدد مقاعده على حساب القواعد الانتخابية لحزب الليكود.
وجاء هذا الاستطلاع بعد إعلان الوزير زئيف إلكين، أول من أمس، استقالته من حكومة نتنياهو وانشقاقه عن حزب الليكود والانضمام لحزب ساعر.
المختص في الشأن الإسرائيلي جلال أبو رمانة، رأى أن الوقت الذهبي لنتنياهو وحزب الليكود، قد قارب على الانتهاء تقريبًا، خاصة بعد المفاجآت التي طرأت في الأسبوعين الأخيرين، وآخرها انشقاق "إلكين" عن الليكود وانضمامه لحزب ساعر.
وأشار أبو رمانة في حديثه مع "فلسطين"، إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة منحت لساعر فرصة قوية لمنافسة نتنياهو على رئاسة الحكم في الفترة القادمة، ما يعني أن احتمالية عدم وجود منافس لنتنياهو من اليمين "أصبحت وراء الظهور".
وأمر آخر وفق أبو رُمانة، هو إعلان رئيس بلدية (تل أبيب) رون هولداي إقامة حزب جديد يميل لليسار، يزيد الصعوبات أمام نتنياهو، لا سيَّما أن هذا الشخص مرغوب لدى كثير من المواطنين.
وبيَّن أن أحزاب الوسط واليسار "إذا استطاعوا أن يجمعوا شخصية لخليفة نتنياهو وهو هولداي يجعلنا ندرك أن نتنياهو بات على أكبر احتمالية وهي قرب انتهاء عمله السياسي، يُضاف إلى ذلك أن محاكمته على تهم الفساد ستبدأ الشهر القادم".
وعد أن إجراء الانتخابات ستضيف يأسًا آخر لدى الناخب الإسرائيلي، خاصة أنها الرابعة في غضون عامين.
وتطرّق أبو رمانة إلى أمر آخر، يتعلق بالقائمة العربية المشتركة، حيث إن تجربتها في الانتخابات الإسرائيلية "مُخيبة للآمال"، وفشلت فشلًا ذريعًا.
ووصف العرب بأنهم "موجودون في الكنيست شهود زور ويقسمون على الولاء للاحتلال رغم عنصريتها وضدها للشعب الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن وجود العرب في الانتخابات القادمة "شكلي فقط"، لأن الاحتلال لا يقبل بوجود العرب في صنع القرار السياسي.
وهذا ما ذهب إليه الباحث في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، حيث أكد أن الفترة الراهنة في دولة الاحتلال تشهد جُملة من المتغيرات السياسية بفعل الانشقاقات الأخيرة بين الأحزاب وخروج شخصيات جديدة.
وأوضح بشارات خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن "ساعر" استطاع جذب الأضواء حاليًا، مستبعدًا أن يكون ذلك ذا تأثير واضح على نتنياهو لأن اليمين له شعبية ولكن يفتقد لشخصية تحمل الجذب لأصوات الجمهور.
وبيّن أن الهدف الرئيس لجميع الشخصيات والأحزاب هي اختفاء نتنياهو عن سدة الحكم، مستدركًا: "لكن نتنياهو محنك سياسيًّا وقد يستغل الخصوم لصالحه".
ورجّح أن تكون المرحلة القادمة تمتاز بالجمود واستعار الحرب السياسية بين الشخصيات والأحزاب واستمرار تمسك نتنياهو بالحكم، ما يُبقى الأمور متطورة في كل لحظة.
يذكر أن نتنياهو لم يتمكن بعد الانتخابات المذكورة من تشكيل حكومة جديدة، فأعلن حل الكنيست وجرت انتخابات ثانية في العام ذاته في 17 سبتمبر/ أيلول، كرست حالة الجمود والأزمة السياسية.
وبعد الانتخابات الثالثة في مارس/ آذار من العام الحالي تمكن نتنياهو من تشكيل حكومة وحدة طوارئ وطنية مع حزب "أزرق-أبيض" بعد أن حصل غانتس على توصية 61 نائبًا من الكنيست بمن فيهم أعضاء القائمة المشتركة للأحزاب العربية، لكن غانتس فضّل الانشقاق عن شريكيه في القائمة يئير لبيد وبوغي يعالون، وتشكيل حكومة وحدة وطنية مع نتنياهو في مايو الماضي.