كتب النائب في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة "حماس"، يونس الأسطل مقالاً حمل عنوان "أربعون ليلة في ضيافة الكورونا".
وفي يلي المقال كاملاً:
بسم الله الرحمن الرحيم
أربعون ليلة في ضيافة الكورونا
د. يونس الأسطل
الحمد لله القائل على لسان خليله إبراهيم أبي الأنبياء ( مخاطباً قومه " قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" سورة الشعراء (75 – 80)
أربعون ليلةً بصحبة الكورونا، كتلك التي قضاها سيدنا موسى – من حيث العدد – عند الطور لميقات ربِّه، فلما كلَّمه ربُّه قال: ربِّ أرني أنظر إليك؛ ليرتقي في معرفة ربِّه من علم اليقين إلى عين اليقين، وهكذا أراد سيدنا إبراهيم ( عند ما قال: ربِّ أرني كيف تحيي الموتى، والمقصد أن يزداد من رؤية آيات ربَّه الكبرى؛ لأنه كما قيل قديماً في الأمثال. (ما رَاءٍ كَمَنْ سَمِع).
وقد استمعتُ كثيراً إلى وزارة الصحة في إيجازاتها الصحفية، وإلى بعض ما نُشِر من الفيديوهات من قاعات العناية المكثفة؛ حيثُ التوجُّعُ والأنين الذي يَقَضُّ مضاجعَ المُبْتَلَيْنَ بالإصابة بفيروس كورونا، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراضٍ مزمنة، فتراجعتْ عندهم المناعة الطبيعية، فوجدها الفيروس فرصةً؛ ليفتك بجهازه التنفسيّ، ويُعينُه على ذلك كثيرٌ من أنواع البكتيريا؛ ليكون مَثَلُ ذلك المسكين كمن تكسرت على جسده النِّصالُ على النِّصال، ولعل أحدَ جنود ذلك الفيروس هو المريض نفسه؛ إذا سيطر عليه الخوفُ من الموت، أو أصابه الاكتئاب، فجعل مناعتَه تتقهقر، ومهما حُقِنَ بالأدوية بعد ذلك؛ فقد لا تقوى على تنشيط المناعة، وحالئذٍ يكون مَثَلُهُ كأولئك الذين خَرجوا من ديارهم وهم أُلُوفٌ حَذَرَ الموت، فقال لهم الله: مُوتُوا، والفرق بينهما أن الله أحياهم؛ ليعلموا أنه لا يُغْني الحَذَرُ من القَدَر، وأن الموت الذي تفرُّون منه فإنه ملاقيكم، بينما لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها، وأنهم إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون، مع أنه ما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً؛ ولكنْ لماذا يحذر الناس من الموت؟!
أما المؤمن؛ فإنه إذا أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، وما عند الله خير للأبرار؛ إنه رَوُحٌ، وريحانٌ، وجنةُ نعيم، وأما غيرُ المؤمن، فإن موته يقطع آثامَه وذنوبه، بينما إذا أملى لهم ربُّهم، فليس خيراً لأنفسهم، إنما يُملي لهم ليزدادوا إثماً، فمتى ماتوا طُوِيَتْ صحائفُهم، وتوقفتْ خطيئاتهم، ما لم يكونوا ممن دعا إلى ضلالة، أو سَنَّ سُنَّةً سيئةً؛ ليحملوا أو زارَهم كاملةً يوم القيامة، ومِنْ أوزار الذين يُضلونهم بغير علم، أَلَا ساء ما يَزِرُون، ولَيَحْمِلُنَّ أثقالَهم، وأثقالاً مع أثقالهم، وليسألُنَّ يوم القيامة عما كانوا يفترون.
البداية:
في مثل هذه الأيام في كثيرٍ من الأعوام، وعند التحوُّلِ من الصيف إلى بواكير الشتاء تُّصيبني الأنفلونزا، مع قَحَّةٍ جافَّةٍ، تطرحني الفراش ثلاثَ ليالٍ سوياً، ثم تنقشع بالتدريج، وللوهلة الأُولى اعتقدتُ أنها الزائر المعتاد، حتى إذا انسلختِ الأيام الثلاثة عملتُ مَسْحةً للكورونا، وكانت النتيجة سلبيةً، فازددتُ قناعةً أنها الإنفلونزا الموسمية، غير أنه يوماً بعد يوم أجدني في شدةٍ متصاعدة، على الرغم من استعانتي - بعد الله - بطبيبٍ زائرٍ من أبناء العمومة، حتى إذا بلغ مني ذلك المرض مَبْلَغَه، حيثُ الصداع الدائم، والقحة الجافة المتواصلة، ولا يشفع لي أن أهرب منها إلى النوم، أو شبهِ النوم، حتى إذا ضاق صدري، ووهن العظم مني، وأكاد أختنق لأدنى جُهْدٍ، مع الاضطرار إلى الصلاة على الكرسيّ؛ بل وجمع الصلوات بِداراً للوضوء، واستجماعاً للتركيز؛ بسبب الصُّداع الشديد، فإذا انضاف إلى ذلك الشعور شبهُ الدائم للحاجة إلى الاستفراغ أو القيئ، ومع حصول موجات الاستفراغ إلا أنه لا يكاد يخرج شيءٌ، ولعل السببَ في ذلك هو عُزُوفُ النَّفْس عن الطعام؛ بل عن الماء أيضاً، إلا ببعض الإكراه، ولجرعةٍ يسيرةٍ، مع الشعور بالضيق لأدنى إزعاج، حتى إنَّ المبتلى بذلك يتذكر أمنيةَ مريمَ ابنةِ عمران حين أجاءها المخاض إلى جذع النخلة، فقالت: ياليتني مِتُّ قبل هذا، وكنت نسياً منسياً، بل إنه كان يراودني طيفٌ بين حينٍ وآخر، فيقول بلسان الحال:
لو أن عذاب الآخرة مِثُلُ ما أنا فيه من الكرب لكان كافياً أن يأتي أحدَهم الموتُ من كل مكان، وما هو بميِّتٍ، ومن ورائه عذاب غليظ، وكنت أظن أنني أبالغ كثيراً في هذا الخيال حتى قرأت مقالاً للأستاذ الدكتور زغلول النجار بعنوان: (كورونا .. قيامةٌ صُغرى) رأى فيه أن هذا الفيروس يذكِّرنا بأحوال كثيرٍ من الناس في مشاهد الحشر والقيامة، ولولا الإطالة لنقلتُ فقراتٍ منه، أو لنقلتُهُ حرفياً، فليرجع إليها من رام الإطِّلاع عليه، ثم وصلني تغريدة من ابن العم فضيله الشيخ الدكتور محمد محمد الأسطل تحمل نفس المضمون، ومن عجبٍ أنه كتبها وهو على سرير الشفاء في المشفى الأوروبي، وإن دخوله فيه كان في اليوم التالي لمغادرتي له بعد ستة عشر يوماً، كان منها ثلاثة عشر في العناية المتوسطة.
فإذا تحدثت عن العناية سواء كانت متوسطة أو مكثفة تحدثت عن المعاناة التي يمرُّ بها المريض من ناحية، وعن الخدمة الفائقة للأطقم الطبية، وأطقم النظافة والتعقيم، بل والقائمون على الضيافة من ناحية أخرى.
أما المعاناة فهي ألوان عديدة؛ بدءاً بالأعراض التي تنتاب المريض، وخاصة إذا كان مصاباً ابتداءً بأمراضٍ أخرى، فإن التوجع، وربما الصراخ أحياناً، لا يقتصر على المريض نفسه، إنما يزعج كلَّ من في القاعة؛ لأن الأَسِرَّةَ لا يفصل بينهما إلا ستائر من القماش، فأيُّ صوت في القاعة يصل إلى الجميع، حتى لو كان من التمريض أنفسهم، فإذا انضاف إلى ذلك أن الأجهزة التلفازية المثبتة فوق كل مريض تصدر منها طنطنات متلاحقة، يشعر معها المصاب كأنما تضربه على دماغه، بنيما المرضى أنفسهم ينادون على طاقم التمريض لأية خدمة يبغونها، وبالأخص عند تقديم وجبات الطعام؛ لأن هذا يريد من يغسل له الخضار، أو يقطِّع الفواكه المصاحبة لوجبة الغذاء يومياً، وقد تأتي مع العشاء أحياناً، أو لإحضار المياه، وما شاكل ذلك.
لكنَّ الأكثر إحراجاً في العناية هو اضطرار المريض لخلع جميع ملابسه، وارتداء المعطف الحراري الخفيف، ولأنه لا يكاد يغادر السرير؛ فإن البول يكون بواسطة القسطرة، وهي مؤلمة جسدياً ونفسياً، وأما الإخراج فيكون في فوطة البمبرز، ويتولى بعض الممرضين تغييرها بعد قضاء الحاجة، خاصة وأن المرضى في العناية ليس معهم مرافقون من ذويهم، بل لا مكان للمرافقين إلا نادراً، وفي حال وجوده؛ فإنه يعاني مثلما يعاني المريض، إذا لا مكان للنوم إلا على الكرسي، ولدقائق معدودات؛ لحاجة المريض إليه على مدار الساعة، ولأن الأطقم المختلفة تحتاج إلى إخلاء المكان لتقوم بواجبها، وهذا يستدرجني للحديث عن أولئك الأطقم.
يجري توزيع الإفطار قبل شروق الشمس، ولا تكاد تشرق حتى يمرَّ الأطباء؛ ليدرسوا حالة المريض من حيثُ الفحوصات، ومن خلال التقارير التي يُدَوِّنُها الممرضون، ثم يكتب الأطباء العلاج اللازم على مدار أربع وعشرين ساعة، فإذا خرج الأطباء جاءت ساعة تغيير الطواقم التمريضية؛ حيث يسلِّم المغادرون للقادمين، ويشرحون لهم حالة المريض، وما يحتاجه من متابعة، وبتوقيتٍ دقيقٍ، سواء تعلق بالأدوية المختلفة، وهي إما حبوب يبتلعها، أو إِبَرٌ في أماكنَ من الجسد، أو محاليل معلقة محقونة بأنواع أخرى من الأدوية.
غير أن الممرِّضَ مكلَّفٌ بمراقبة حالة المريض، من حيث ارتداء كمامة الأكسجين، وقياس الضغط، وأخذ عينات من الدم للتحليل؛ ثلاث مرات في اليوم على الأقل، وقياس السكر كذلك، مع معرفة نسبة السوائل في الجسم، إذْ من الضروري أن يتناول المريض المزيد من الماء، حتى يطرد الأملاح الناتجة عن الأدوية العديدة، وحتى لا تتضرر الكِلْية، وهذا يستدعي حاجة المريض إلى التبول على رأس الساعة، خاصة إذا ضاقت نفسه بالقسطرة.
إن المريض لا يكاد يهنأ بساعة نوم؛ لأن ما وصفتُ من الأدوية والقياسات موقوتة بالساعة ليلاً ونهاراً، فإذا انضاف إليهم نوعان من أطقم النظافة، الأولون لجمع النفايات، ولا يكاد يفصل بين المرة والأخرى أكثر من ساعتين، وأما الآخرون فهم الذين يلتزمون بتعقيم الغرف، وغسل الأرض ثلاث مرات في اليوم على الأقل، مع تفقٌّد المغاسل، والورق الصحي، وما إلى ذلك من الخدمات.
وفي أثناء النهار، وصدر الليل، يمرُّ الأطباء المتابعون، وربما المتطوعون أحياناً، فضلاً عن العلاج الطبيعي، خشية حدود تجلُّط للدم في الأطراف، وأحياناً بعض الزائرين من الأطباء والعاملين في المشفى.
إن ما وصفتُ من الحركة المكوكية لا تتيح للمريض أن يهنأ بساعة نوم إلا في الشطر الثاني من الليل؛ ليأتي دور البول في مصادرة حقه في الراحة؛ إذْ قد تصل مرات حاجته إلى الحمام ثماني مرات من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل صلاة الفجر، وغالباً ما تكون الصلاة بالتيمم، وبجمع الصلوات، فليس سهلاً أن يتوضأ لكل صلاة، كما أنه لا يملك التركيز في الصلوات كالصحيح والمعافى، وإن أكثر المرضى لا يستطيع مغادرة السرير؛ لوجود توصيلات على الصدر، ترقب حركة الأجهزة الداخلية، وتعطي إشارات على الشاشة التي يراقبها الحكيم، حتى لا تحدث انتكاسة لأحد الأجهزة، وقد تُفضي إلى الوفاة، ولا يكاد يخلو يوم من وفاة لواحدٍ أو أكثر، لا سيما في العناية المركزة، خاصة لأولئك الذي يحتاجون أن يتنفسوا خارجياً بواسطة جهازٍ خاص، وقد يكون بعضهم في غيبوبة، لكنه يسمع الأصوات، وقد يفهمها، غير أنه لا يستطيع الكلام، ولا حتى الإشارة.
في الأقسام بعد الخروج من العناية:
متى تعافى المريض، ولم يَعُدْ بحاجةٍ إلى العناية على مدار الساعة، يُنقل إلى الأقسام، ويعطى الأدوية، مع درجةٍ أقلَّ من الأكسجين، وتكون الفرصة أفضل من حيثُ الراحة والنوم، مع أن درجة النظافة لا تكاد تختلف، إنما الذي يخفُّ هو كثافة المتابعة من الأطباء والممرضين، كما أن المدة لا تطول غالباً، حيثُ يؤذن له أن يتحول إلى البيت، ويتابع العلاج هناك في فترة نقاهة، تطول أو تقصر بحسب قوة المناعة، ودرجة الإصابة بالفيروس، وما شاكل ذلك.
ومتى تعافى الإنسان امتلك مناعة جيدة قادرة على هزيمة الفيروسات حتى حين، قد يمتدُّ لأشهرٍ أو سنين؛ خاصة إذا لم يكن يعاني من أمراضٍ مزمنةٍ، وبخاصةٍ الفشل الكلويُّ، والسرطان، ثم السُّكر والضغط، وغير ذلك.
دروس من التجربة
يمكن الخروج بعشرات الفوائد والعِبَر من هذه التجربة القاسية، غير أَنِّي أشير إلى أهمها في
ضرورة الالتزام بكل التعليمات التي تطلبها وزارة الصحة، ووزارة الداخلية، والجهات المعنية، فإن درهم وقاية خير من قنطار علاج.
عند الشعور بشيء من الأعراض المذكورة في ثنايا المقال ينبغي أن يُهْرَعَ الإنسان إلى الفحص، وإذا ثبت إصابته بالنتيجة الإيجابية تقدر الطواقم ما إذا كان يكفيه الحجر المنزلي، أم أنه لا بد من اللجوء إلى المشافي، وحالئذٍ فلا ينبغي أن يتردد في المسارعة إلى المشفى.
لزوم المحافظة على الروح المعنوية عالية، وعدم الاكتئاب أو الوجل؛ فإن ذلك يؤثر سلباً على درجة المناعة، ويؤخر الشفاء.
ومما يُعينُ على ذلك أن تُفَوِّضِ أمرك إلى الله، معتقداً أنه سبحانه بهذا الابتلاء يُخَبِّئُ لك خيراً كثيراً؛ بدءاً بتكفير السيئات، ورفع الدرجات، وليس انتهاءً بظهور ضعفك وحاجتك إلى الضراعة إليه، سواء كان بدعاء سيدنا أيوب (؛ أَنِّي مَسَّنِيَ الضرُّ، وأنت أرحم الراحمين، أو بدعاء ذي النون أو صاحب الحوت؛ إذْ نادى في الظلمات أنْ لا إله إلا أنت، سبحانك؛ إني كنتُ من الظالمين، أو بما ورد عن النبيِّ ( من الاستعاذة من البرص، والجنون، والجذام، ومن سَيِّء الأسقام، وغيرها، والمهم هو صِدْقُ التوجه إلى الله، وإخلاص الدعاء، مع الاعتقاد بأنه يجيب المضطرَّ إذا دعاه، ويكشف السوء، وقد يَدَّخِرُ ذلك لنا في الآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، وعسى أن تكرهوا شيئاً، ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
ضرورة التعاون مع الأطقم الطبية؛ فإنهم أشبه ما يكون بالاستشهاديين؛ حيث يعملون في ظروف خطرة؛ بدءاً بارتداء الكمامات الخاصة طيلة فترة العمل، ولا يكاد الإنسان العادي يطيقها دقائق معدودات، فكيف إذا اضطرَّ إلى ارتداء اثنتين منها؟!، مروراً بضغط العمل، وليس انتهاء باحتمال الإصابة التي تُلزمه الحجر، وقد يتضرر أهل بيته، ووالداه الكبيران في السن؛ بسبب الاحتكاك بهم، وفي بعض الأحيان قد تفضي إلى لقاء الله.
وقد صُدِمْتُ وأنا أرى أكثرهم لم يتأهل بعد، وفيهم من جاوز الثلاثين، بينما المتزوجون منهم لا يزيدون على (10%)، وهناك نسبة مشابهة من الخاطبين، وقد يضطر بعضهم للمجيءِ سيراً على الأقدام، فإن شطر الراتب لا يكاد يكفي لشطر الشهر، وفي العَشْرِ الأواخر يكون من المفلسين.
غير أنهم لا زالوا أحسنَ حالاً من العاملين في النظافة، أو صُنَّاع الجَمَال، كما يُوصفون في البلديات، وبعض المؤسسات الأخرى؛ فإن أكثرهم لا يربو راتبه عن (750) شيكل، ولا يحصل على هذا الراتب إلا بعد التثبيت في الشركات الخاصة، وهو يعمل ستة أشهر تحت الاختبار، وقد لا يتلقى فيها ما يكفي للمواصلات، فهي في غالب الأحوال 200 شيكل، في كل شهر أو أكثر، ولذلك فإن أكثرهم من العُزَّاب، وفيهم حملة شهادات جامعية، غير أنها فرصته النادرة للحصول على النفقة الشخصية؛ وهيهات يُقْدِمُ على الخطوبة؛ لأن راتبه لا يفي بحاجات بيت جديد، لكنَّ الآلاف ممن لم يحصلوا على هذه الفرصة يحسدونهم عليها، ولله الحمد من قبلُ، ومن بعدُ.
والأمل في الله الرَّزّاق ذي القرة المتين، الذي له خزائن السموات والأرض، أن يرزقنا القناعة والرضا ابتداءً، وأن يفتح علينا مِنْ بركات السماء والأرض، وأن يرزقنا من حيثُ لا نحتسب، إنه جواد كريم، وأن يعيننا على شكر نعمائه، وتسخيرها في طاعته، وطلب مرضاته.
هذا بعض ما فتح الله تبارك وتعالى على العبد الفقير إليه من توصيف لهذه التجربة التي ناهزت ثلاثين ليلة في المشفى، ومن قبل الفزع إليه، وأتممتها بعشرٍ ملتزماً في البيت من بعد، ولا شكَّ أن مزيداً من الراحة، مع الأخذ بتوصيات الجهات المعنية هو السبيل لعودة الصحة سيرتها الأُولى.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
والحمد لله رب العالمين
بقلم
د. يونس الأسطل
عضو البرلمان الفلسطيني
وعضو رابطة علماء فلسطين