تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء الخط الأخضر الفاصل بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وتلك التي احتلها عام 1967، وذلك عبر إرساء العديد من المشاريع الاستيطانية الكبيرة في عدة مقاطع رئيسة والمناطق القريبة من الخط.
ويوضح الخبير المقدسي في مجال العمران د. جمال عمرو، أن سلطات الاحتلال طرحت العديد من المشاريع الاستيطانية في شمال القدس قرب مطار قلنديا لعزل المدينة شمالًا، ومشاريع في وسطها بحي واد الجوز لبناء أبراج سياحية وسكنية استيطانية، وأخرى في الجنوب لبناء (8300) وحدة استيطانية تعزل القدس عن بيت لحم.
ويرى عمرو في حديث لـ"فلسطين" أن دولة الاحتلال عزلت القدس بالكامل منذ أن أقامت جدار الفصل العنصري، "وما يجري الآن من مشاريع معلنة هي اللمسات النهائية لفصل المدينة، وهناك مشاريع أخرى كشبكة سكك حديدية تربط القدس بتل أبيب بهدف تقصير المسافة على المستوطنين في أثناء الانتقال من المدينتين".
في حين يرى خبير الخرائط المقدسي خليل التفكجي أن المشروع الاستيطاني الأخير لبناء (8300) وحدة استيطانية في جنوب القدس، "يأتي امتدادًا للمشروع الاستيطاني السياسي الذي وضع عام 1990 عندما كان أرئيل شارون وزيرًا للإسكان في تلك الحقبة، وفرض مشروع أطلق عليه مشروع النجوم، بهدف إزالة الخط الأخضر نهائيًّا".
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال انتقلت اليوم إلى مدينة القدس بعد أن نفذت مشروع النجوم على امتداد الخط الأخضر في الضفة الغربية المحتلة، بهدف معلن وهو سلخ القدس عن الضفة وضمها كليًّا إلى (إسرائيل) بإنهاء الخط الأخضر الذي يشكل خطًّا فاصلًا بين دولة الاحتلال والأردن قبل عام 1967.
ويعتقد التفكجي أن المشاريع الاستيطانية التي تعمل سلطات الاحتلال عليها تؤسس لمرحلة المفاوضات النهائية، بحيث تكون دولة الاحتلال قد فرضت وقائع على الأرض يستحيل تغييرها، ولا يوجد طرق للتعامل معها سوى القبول بعدم وجود خط أخضر وما يترتب عليه من استحقاقات سياسية.
حكومة الاحتلال زادت من وتيرة الاستيطان في هذه المرحلة الانتقالية للإدارة الأمريكية، إذ وافقت إدارة ترامب على كل هذه المشاريع، وعدَّت الاستيطان حقًّا طبيعيًّا لدولة الاحتلال ولا يخالف الشرعية الدولية.
من جانبه تحدث المختص بشؤون الاستيطان بشار القريوتي عن مشروع ألون الذي أقر عام 1982 ضمن حزام استيطاني وسط الضفة الغربية يبدأ من مستوطنة أريئيل شمالًا إلى منطقة الأغوار جنوبًا.
وأوضح أن المشروع نص على احتفاظ سلطات الاحتلال بحدود جديدة، عبر السيطرة على المنحدرات الشرقية للضفة الغربية، وصولًا إلى أسفل الأغوار، والصحراء الغربية المتاخمة للبحر الميت، ببناء سلسلة مستوطنات إسرائيلية بعرض ما يقارب (20) كيلومترًا من الضفة الغربية، على طريق ضمها رسميًّا ومرورًا بمخطط "دروبلس" في عام 1978.
وذكر أن المشروع هدف إلى بناء وحدات استيطانية بين التجمعات السكانية للفلسطينيين، للحيلولة دون بناء الدولة الفلسطينية، وتكثيف الاستيطان على طول الخط الأخضر لتأمين الحدود بين الضفة و(إسرائيل)، ومنع التواصل بين المناطق الفلسطينية على طول الخط الأخضر.
إلى ذلك يشير مختص بالمياه والجانب البيئي د. فتحي عناية، إلى أن سلطات الاحتلال ربطت بين مشاريع المياه بخطط البناء الاستيطاني والمدن الإسرائيلية، وذلك بربط البنية التحتية والخطوط الناقلة للمياه بين المستوطنات ومناطق الداخل، إضافة إلى شبكة الكهرباء والطرق الالتفافية.
وقال: "هناك اندماج بين المستوطنات المقامة على الخط الأخضر وبين المدن الإسرائيلية في المجالات المذكورة أعلاه وهذا على حساب الأراضي الفلسطينية ومكونات البيئة الفلسطينية التي تتعرض لقرصنة إسرائيلية واضحة وخصوصًا الواقعة بالقرب من الخط الأخضر".