حذر خبراء اقتصاديون من خطورة ازدياد الدين العام للسلطة الفلسطينية على التنمية، وزيادة الضرائب وارتفاع الأسعار وعزوف الاستثمارات الأجنبية.
وحث هؤلاء السلطة في رام الله على ضبط الإنفاق والتغيير التدريجي لسيطرة النفقات التشغيلية على التطويرية وتوجيه الإنفاق الحكومي نحو المشاريع الجاذبة للاستثمار.
وأظهرت بيانات وزارة المالية برام الله أن الدين العام المستحق على حكومة رام الله نما منذ بداية العام حتى أكتوبر الماضي بنسبة (19%) ليصل إلى (11.8) مليار شيقل.
وأظهرت البيانات أيضًا أن الدين المحلي بلغ قرابة 7.4 مليارات شيقل موزعًا بين دين قصر الأجل بنحو (4.96) مليارات شيقل وآخر طويل الأجل بحوالي (2.4) مليار شيقل، في حين بلغ الدين الخارجي حوالي 4.4 مليارات شيقل.
وكان الدين العام سجل أعلى مستوياته في أيلول ليكسر حاجز 11.9 مليار شيقل، ولا يشمل الدين العام متأخرات الحكومة للموظفين العموميين ومتأخرات القطاع الخاص والموردين وهيئة التقاعد.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. رائد حلس، تعاني الحكومة في رام الله زيادةً في حجم الدين العام وبخاصة في السنوات الأخيرة نتيجة العديد من الأسباب أهمها قيام الولايات المتحدة الأمريكية بوقف دعمها السنوي والذي يقدر بحوالي (400) مليون دولار سنويًّا، وعدم تحويل الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة لمدة 6 أشهر على التوالي.
وأضاف حلس في حديثه لصحيفة فلسطين: من الأسباب أيضًا انخفاض الضرائب المحلية نتيجة أزمة كورونا في العام الجاري ما تسبب في وجود أزمة مالية خانقة هددت استقرار أداء الحكومة وعليه لجأت الحكومة إلى الاقتراض الخارجي والمحلي للحيلولة دون توقف الإنفاق الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى زيادة الدين الحكومي بشقيه الخارجي والمحلي.
وبين أن زيادة الدين الحكومي يؤدي إلى تراجع فرص النمو الاقتصادي، ويعد إحدى العقبات التي تقف أمام تطور الاقتصاد سواء على المدى المتوسط أو على المدى الطويل ويزيد من الأعباء المالية على الحكومة ويفاقم من حدة أزمتها المالية التي تعانيها منذ سنوات.
وعما يجب اتخاذه للتخفيف من حجم الدين الحكومي قال حلس: "لا بد من السعي جديًّا نحو التخفيف من حجم الدين الحكومي بشقية الخارجي والمحلي من خلال العمل قدر الإمكان على ضبط الإنفاق الحكومي، وترشيد النفقات وفق جدول الأولويات وحسب الضرورة وكذلك ضرورة التغيير التدريجي لسيطرة النفقات التشغيلية على النفقات التطويرية".
وشدد أيضا على ضرورة توجيه الإنفاق الحكومي نحو المشاريع الجاذبة للاستثمار بهدف زيادة الإنتاج والصادرات والتشغيل في القطاعات الانتاجية لا سيما الزراعية والصناعية وزيادة إيرادات الجباية المحلية.
ورأي الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل، أن الدين العام الحكومي يتجاوز (22) مليار شيقل اذا ما أضيف إليه رواتب الموظفين، ورواتب التأمين والمعاش ومتأخرات القطاع الخاص.
وبين نوفل لصحيفة "فلسطين" أن السلطة حينما وضعت موازنة 2020، كانت تتوقع تقلص الايرادات بسبب جائحة كورونا من (13) مليار شيقل إلى (8.6) مليار شيقل.
ولفت إلى أن جهاز الإحصاء المركزي أظهر أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني بسبب جائحة كورونا بلغ (2.5) مليار دولار.
وذكر أنه بسبب هذا النقص الحاد في الإيراد والخسائر التي تسببت بها الجائحة اضطرت الحكومة إلى الاستدانة، حيث بلغ الدين المحلي أعلى سقف هذا العام.
وأرجع الاختصاصي أسباب ارتفاع الدين العام إلى تراجع الإيرادات المحلية، نتيجة تفشي وباء كورونا وما تسبب في انكماش الأسواق، وضعف القوة الشرائية، والعامل الثاني، تراجع المساعدات الدولية لخزينة السلطة الفلسطينية.
وقال: بلغت الموازنة العامة في العام 2020 نحو 16 مليار شيقل، وكانت تعول الحكومة على تغطية العجز في المساعدات الدولية، لكن تلك المساعدات تقلصت حتى سجلت 400 مليون شيقل، وأمام هذا العجز اضطرت السلطة إلى الاستدانة.
وعن تأثيرات ارتفاع الدين العام ذكر نوفل أن خطورة ارتفاع الدين العام تقاس من حيث نسبة القروض للناتج المحلي، وللإيرادات العامة، فالحكومة هنا ملزمة بالسداد، للقروض والفوائد، فبدلًا من الاكتفاء بالديون تضطر الحكومة لتسديد أيضًا الفوائد.
واستطرد: "بدلًا من ذلك فإن الأموال التي كانت يجب أن تذهب للتنمية تذهب للفوائد".
أما على مستوى الاقتصاد الفلسطيني الكلي، بحسب نوفل، فأن ارتفاع المديونية سيضعف قدرة الاقتصاد الفلسطيني على النمو الاقتصادي؛ لأن الديون هي أعباء مؤجلة لصالح الدائن في حق الشعب الفلسطيني، ولتسديدها ستتجه السلطة للإجحاف بعملية الضرائب والرسوم، فترتفع الأسعار.
وأكد أن الثقة بالاقتصاد الفلسطيني ستنعدم وسيحجم المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في بلد مثقل في الديون.