لا تزال ظاهرة الكلاب الضالة المنتشرة في شوارع قطاع غزة تؤرق المواطنين، إلا أنه مع تفشي فيروس كورونا زادت شكاوى المواطنين من الإزعاج الذي تسببه والتهجم عليهم في بعض الأوقات.
فالفيروس الذي أجبر المواطنين على الجلوس في منازلهم جعل من الشوارع ساحة آمنة للكلاب للتجول فيها في ساعات الليل بكل حرية والتسبب بإزعاج من أصواتها العالية، أو التهجم على من يخرج من منزله في ساعة متأخرة.
سليم أبو زاهر يسكن في إحدى الشقق السكنية في حي تل الهوا غربي غزة، أوضح أن مشكلة الكلاب الضالة موجودة منذ سنوات عدة، وأحيانًا تختفي ثم تعود بشكل أكبر.
وقال أبو زاهر لـ"فلسطين": هذه الكلاب تنتشر خاصة في ساعات المساء والليل، حيث تتجول بين الأبراج مُصْدِرة أصواتًا عالية ومقلقة خاصة للعائلات التي لديها أطفال والذين أصبحوا يخافون من وجودها بشكل كبير.
وأضاف: "حتى الرجل الكبير أصبح أكثر حرصًا عندما النزول من بيته إلى الشارع في ساعة متأخرة لأمر ضروري خوفًا من مقابلة الكلاب التي تسير في مجموعات تصل إلى خمس أو ست كلاب في آن واحد وهو ما يثير الخوف في قلب أي إنسان".
أما السيدة رباب الحلو فأشارت إلى أن مشكلة الكلاب الضالة المنتشرة في الشوارع أصبحت تسبب رعبًا كبيرًا لأطفالها، خاصة بناتها الكبيرات اللواتي يتوجهن للمدرسة في ساعة مبكرة، لافتة إلى مرورهن بتجربة قاسية في وقت سابق أثرت فيهن كثيرًا.
وأوضحت الحلو في حديث لـ"فلسطين" أنه قبل عدة سنوات كانت ابنتاها في المرحلة الابتدائية متوجهتين للمدرسة في ساعات الصباح الباكر، وهو ما جعلهما تصادفان مجموعة من الكلاب التي أصبحت تجري وراءهما مثيرة الفزع في قلبيهما كثيرًا.
وذكرت أن ابنتيها عادتا إلى المنزل ورفضتا التوجه للمدرسة بمفردهما مجددًا إلا برفقة والدهما، وهو ما حصل لفترة من الزمن، حتى اعتادت الفتيات الذهاب وحدهما مرة أخرى، معبرة عن أسفها من استمرار هذه المشكلة رغم شكواهم المستمرة لبلدية غزة.
مشكلة منتشرة
من جانبه، رئيس قسم الصحة الوقائية في بلدية غزة، م. محمد العشي، أوضح أن هذه المشكلة تواجه البلدية منذ عدة سنوات، وكانت تستقبل شكاوى المواطنين بشكل مستمر، ومن أجل ذلك سعت البلدية لإيجاد بعض الحلول المرضية لجميع الأطراف.
وبين العشي لـ"فلسطين"، أن كورونا ساهمت في انتشار الكلاب بشكل أكبر من السابق، حيث إن حظر التجوال منذ السادسة والنصف مساءً يجعل الشوارع أكثر أمانًا للكلاب بسبب قلة الحركة فيها وتبدأ في الانتشار بشكل أوسع.
وأشار إلى أن الشكاوى التي تصل من المواطنين هو وجودها بالأماكن التي يوجدون فيها وشعورهم بالخوف منها، إضافة إلى الصوت العالي الصادر عنها مما يسبب الإزعاج للمواطنين.
ونبه العشي إلى أن أكثر المناطق التي تصل شكاوى منها هي منطقة أبراج تل الهوا غرب مدينة غزة، ومنطقة الشجاعية شرق المدينة، إضافة إلى عدد من المناطق المختلفة، موضحًا أن البلدية تعمل حل للمشكلة عمليًّا.
وبين العشي أن البلدية تعمل بالتعاون مع بعض الجمعيات لرعاية الحيوانات على جمع الكلاب ووضعها في أرض خُصِّصت كمحمية خاصة بالكلاب لرعايتها جيدًا من قبل أشخاص يعملون في هذا المجال ما يمهد لمنع انتشارها في طرقات المدينة.
وذكر أن هذا الحل بدأت البلدية العمل به منذ أكثر من 8 أشهر إلا أن طريقة التعامل في المشروع بطيئة كما أن الطاقم الذي يعمل غير كافٍ، وهي تبحث عن مشاريع ممولة للمساعدة في تشغيل طواقم أكثر"، مؤكدًا أن هذه الظاهرة في طريقها للحل.
من جانبه، أوضح مدير دائرة الصحة في بلدية بيت لاهيا د. عاطف سلطان، أن مشكلة الكلاب الضالة تواجه الناس بشكل كبير في البلدة، خاصة مع ازدياد البناء العمراني وقلة الأراضي الزراعية والمهجورة التي كانت توجد فيها الكلاب سابقا.
وقال سلطان لـ"فلسطين": البلدية تريد القضاء على هذه المشكلة وعملت في وقت سابق على قتل الكلاب بعد الحصول على فتوى شرعية، إلا أن مؤسسات حقوقية من داخل القطاع وخارجه ضغطت على البلدية من أجل وقف العمل بهذا القرار.
وأضاف: أن الحلول المقترحة أمام البلدية مكلفة ولا تستطيع البلدية توفيرها خاصة في ظل كورونا التي زادت من التكاليف التي تتكبدها البلديات، حيث إن أبسط الحلول هي توفير مكان معين لوضع الكلاب ورعايتها وتوفير طاقم تدريبي ليعتني بها إضافة إلى إطعامها وهذا أمر مكلف للغاية".
ونبه إلى أن وضع الكلاب في محمية أمر مُجدٍ ولكنه مكلف ويحتاج إلى تمويل كبير، لذلك إن توفر هذا التمويل، فإن البلدية لن تتوانى عن تنفيذه في أسرع وقت خاصة في ظل الشكاوى المتكررة من المواطنين.
وأكد سلطان أن بلدية بيت لاهيا مستعدة لتوفير قطعة أرض وتخصيصها لعمل محمية لوضع الكلاب فيها إذا تم توفير ممول يدعم إقامة هذا المشروع ويخصص طواقم تدريبية متخصصة في هذا المجال.