تأبى يا خالد مشعل إلا أن تعاقب خصومك السياسيين بأدب، فبدأت بنفسك يا خالد، وجسدت القدوة، وأنت تترك موقعك التنظيمي بكامل عطائك، وبصحتك الرائعة، وبجسدك القوي، وعقلك السليم، وقدراتك الإبداعية، ونجاحك الرائع، وتفوقك الإداري، لتقول للمسؤولين الفلسطينيين على مختلف أعمارهم، وبمختلف تنظيماتهم: كفى، فلكل قائد يا أصدقائي بريق، ولكل زهرة رحيق، كفى، اخرجوا إلى التقاعد كما خرجت، وأعطوا فرصة للأجيال، كفى أيها المسؤول التنظيمي، اترك شخصاً يترحم عليك، فالتنظيم هذا الذي يضع رأسه اليوم بين كفيك، قد ينقلب في لحظة عليك، ويصير لعنة تصفع خافقيك، فالتنظيم ليس حاكورة، ولا هو مزرعة ورثتها عن الوالد، وستورثها للابن، التنظيم خلية نحل، تنمو، تكبر، وفي مرحلة معينة من العطاء، وللمصلحة العامة، تتخلص الخلية من الملكة القديمة، وتأتي بملكة جديدة كي لا تنقرض الخلية.
فأي مدرسة ديمقراطية هذه التي تخرجت منها يا خالد، والتزمت بها، وأنت تقول للآخرين، هيا بنا، تعالوا نتخلى عن مسئولياتنا ونحن في قمة العطاء، تعالوا نفتح الطريق للأجيال الشابة، ولا نضع كفاءات شعبنا الفلسطيني في قفص، ونحكم عليهم بالموت السريري، ونفرض أنفسنا رؤساء ومسئولين إلى الأبد، تعالوا، واعترفوا معي بأن الرحم الفلسطيني معطاء، وقادر على أن يفرز في كل مرحلة ما يناسبها من رجال، بعيداً عن تلك التحف التاريخية التي تربعت على الكراسي، وحسبت نفسها الوطن، وصار الوطن من خلالهم شخصاً يشيخ ويمرض ويموت.
اليوم يخلي خالد مشعل موقعة القيادي بشرف، اليوم ينتقل مشعل من القيادة إلى البساطة، فهو جزء من الشعب الفلسطيني، ويقدم لشعبه كشف حساب، هذا أنا، خالد مشعل، أنهيت فترة رئاستي للمكتب السياسي لأكبر وأهم تنظيم فلسطيني، وجاهز للحساب، فتشوا عن حساباتي البنكية، وابحثوا عن حسابات أبنائي، ودققوا في مستوى حياتي، ومسيرتي وسيرتي، فهي ملك للشعب الفلسطيني، وأنا جاهز في كل وقت للمثول أمام الشعب إذا شككتم في تصرفاتي.
وإذا كانت قيادة بعض التنظيمات الفلسطينية امتيازًا، ومكاسب مادية وشركات ربحية، يحرص المسؤول ألا يتخلى عنها، ويحارب كل خصومه كي يستأثر بمنافعها وحيداً، إلا أن قيادة تنظيمات المقاومة على أرض فلسطين مغرم، ولن تكون في يوم من الأيام مغنمًا شخصيًا، ومع ذلك فقد غنمت السلامة يا خالد مشعل، وهذه مشيئة الله، فهنيئاً لك خروجك من رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس بسلام، دون أن تنال منك الطائرات الإسرائيلية، ودون أن تطاردك المخابرات الإسرائيلية، فكتب الله لك السلامة من كيدهم كي تضرب لنا مثلاً بالإنسان العربي؛ وكيف يترك موقعه القيادي بأمان، ليعيش بين أهله بسلام.