لم تقتصر مضايقات الاحتلال الإسرائيلي على سكان القدس المحتلة، بل طالت حتى الأموات، بالاعتداءات المتكررة على المقابر الإسلامية في المدينة، التي كان آخرها هدم درج مدخل "المقبرة اليوسفية" المؤدي إلى المسجد الأقصى.
ويهدف الاحتلال من هدم درج مدخل المقبرة، إلى السيطرة على مداخل المسجد المبارك، ومنع وصول المقدسيين إليه، وتسهيل انقضاض المستوطنين عليه، بحسب مراقبين.
وتقع "المقبرة اليوسفية" التي عمّرها الأمير قانصوه اليحياوي عام 1467، على يمين الداخل إلى المسجد الأقصى من باب الأسباط، ودُمِّر 20 قبرًا فيها عام 2014، وسُكب الأسمنت فوقها حتى لا تُستخدم مجددًا.
حرب تهويدية
في عام 2004، أصدر رئيس بلدية الاحتلال آنذاك أوري لوبوليانسكي أمرًا إداريًّا بهدم عدد من القبور في "اليوسفية"، ومنع أعمال الصيانة فيها بتاتًا، وفق رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات.
وتعد "المقبرة اليوسفية" من أهم المقابر الإسلامية في القدس، إلى جانب مقبرتي "باب الرحمة، ومأمن الله" اللتين تواجهان العديد من الانتهاكات، وجرف القبور، ومصادرة أراضيهما، ومنع الدفن فيهما.
ويقول بكيرات لصحيفة "فلسطين": "لم تسلم اليوسفية من الانتهاكات الإسرائيلية على مدار الأعوام الماضية، حيث منع الاحتلال عام 2014 الدفن في جزئها الشمالي، وأزال 20 قبرًا لجنود أردنيين استشهدوا عام 1967، فيما يُعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول، وهي امتداد للمقبرة اليوسفية بمساحة 4 دونمات على ما تعرف بأرض المظفر".
وأضاف أنه بسبب إهمال الاحتلال المقبرة طوال السنوات الماضية تواصلت الجهات المعنية مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالقدس والأوقاف التركية لبناء سور يحيط بالمقبرة لحمايتها من تعديات الاحتلال، وتم ذلك بالفعل؛ إلا أن جرائمه مستمرة ولم تتوقف بعد.
ولفت إلى أن الاحتلال يحاول السيطرة على المقبرة من أجل تسهيل دخول المستوطنين إلى القدس والمسجد الأقصى، وإزالة كل المعالم الأثرية والتاريخية التي تؤكد إسلامية المنطقة.
وأكد بكيرات أن الاحتلال يشن حربًا تهويدية على المقابر كـ"اليوسفية، وباب الرحمة ومأمن الله" في محاولة لتقليص الوجود الإسلامي والعربي في المدينة المقدسة.
طريق تلمودي
ونبه المختص بشؤون القدس والمسجد الأقصى جمال عمرو، إلى أن محاولات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى لم تتوقف.
وقال عمرو لـ"فلسطين": إن جرائم الاحتلال طالت الأموات، وهذا ما ظهر مؤخرًا بهدم درج مدخل المقبرة اليوسفية في القدس، مضيفًا أنه يحاول شق طريق سياحي تلمودي بسلب جزء من المقبرة، لتسهيل وصول المستوطنين إلى المسجد الأقصى، إلى جانب السيطرة والتحكم بباب الأسباط، وعرقلة وصول المقدسيين الآمن إلى القدس.
ويرى أن مقبرة اليوسفية بمكانة الطريق الأسهل والأقرب والأسرع للوصول إلى القدس من خارج المدينة المحتلة، فالاحتلال يحاول سلب الطريق وتخصيصه للمستوطنين.
وبيّن أن الاحتلال سرق منذ مدة بلاط المقبرة، ويواصل عمليات الحفر أسفلها، إلى جانب محاولاته المتكررة لمنع الدفن.
ودعا عمرو إلى عدم التقاعس في الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، عادًّا ما يحدث في المقبرة اليوسفية "حلقة صغيرة ضمن مشروع ومخططات إسرائيلية هدفها حصار الأقصى وتغيير كل معالمه".