لا تدَّخر سلطات الاحتلال الإسرائيلي جهدًا في محاولاتها الرامية لفرض سياسة الأمر الواقع في الضفة الغربية المحتلة، عبر زيادة أعداد المستوطنين على حساب الفلسطينيين، وتوسيع الاستيطان، وبناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية.
وكشفت مصادر إعلامية عبرية عن خطة إسرائيلية تقدم بها عضو الكنيست نير بركات، وتتضمن توسيع الاستيطان في الضفة وغور الأردن، وزيادة أعداد المستوطنين إلى مليوني مستوطن، وإنشاء مناطق صناعية وتوسيع السياحة.
وبحسب بركات، فإن التخطيط السكني في الضفة الغربية المحتلة لمليوني مستوطن، يتطلب ربط المستوطنات بالمناطق الحضرية الرئيسة في داخل الدولة العبرية.
وأفاد مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية، بأن الحديث يدور عن زيادة أعداد المستوطنين في العقدين القادمين، ومن ثم زيادة عدد الوحدات الاستيطانية التي ستُبنى في الأعوام القادمة.
وبيَّن خليلية في أثناء حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الكثير من المشاريع الضخمة في مختلف مناطق الضفة، مطروح فيها بناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية، وفي إثرها سيكون هناك زيادة في أعداد المستوطنين لمليوني مستوطن.
وأوضح أن المستوطنين القاطنين في المستوطنات الواقعة خلف الجدار العازل، يزعمون وجود أزمة سكنية لهم، وارتفاع تكاليف المباني، وعدم توفر الخدمات جيدًا، وهو ما يدفعهم إلى طرح البدائل.
وذكر خليلية أن البدائل لديهم هي بناء الوحدات الاستيطانية في مدن الضفة بدعم من حكومة الاحتلال، بحيث تكون رخيصة الثمن، وهذا ما يُترجِم "النظرة الصهيونية بكيفية الاستيلاء على الضفة، وتكريس المستوطنات فيها، والاعتداء على أراضي الفلسطينيين".
وأشار إلى أن مخططات البناء الاستيطاني يرافقها مخططات توسيع شوارع التفافية لإنشاء مناطق صناعية ضخمة، وبناء مناطق تجارية، وتوسيع القطاع السياحي توسيعًا كبيرًا، ما يعمل على زيادة التجمعات الاستيطانية في الضفة.
وبحسب خليلية، فإن خطة "بركات" مبنية على ما يُسمى "التصالح الاقتصادي" لحل أزمة السكن للمستوطنين وتشغيل فلسطينيين في هذه المستوطنات، مشيرًا إلى أنها طُرِحت قبل عامين، وتتحدث عن إنشاء 12 منطقة صناعية، وتوفير أكثر من 200 ألف فرصة عمل للفلسطينيين.
وذكر الباحث الفلسطيني أن المناطق الصناعية ستكون بديلًا لدخول العمال الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، حيث سيكون عملهم في مناطق على حدود الضفة.
وأوضح أن الخطة تعتمد على أحداث الثورة الاقتصادية دون الأخذ في الحسبان تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولتهم على الحدود التي يرونها.
واستبعد تنفيذ الخطة بقرار واضح، إنما تنفيذٌ متقطع في مناطق مختلفة، لأنها تكلِّف مبالغ ضخمة تصل إلى مليارات الشواقل؛ لكونها تحتاج إلى أعمال بنية تحتية وغيرها من الأمور.
وأكد خليلية أن أهداف الاحتلال من هذه الخطة هي فرض وقبول الأمر الواقع بوجود المستوطنات في الضفة، وسيطرته على الطرق الالتفافية والأغوار والقدس بكاملها.
خطة الضم
وهذا ما ذهب إليه الخبير في شؤون الاستيطان والجدار صلاح الخواجا، أن هذه الخطة التي وضعها الاحتلال لعام 2025، لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية وزيادة أعداد المستوطنين في الضفة لأكثر من مليون مستوطن.
وأفاد الخواجا في حديثه لصحيفة "فلسطين"، بأن الخطة تندرج ضمن تضخيم المستوطنات وتوسيع عمليات الضم التي حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعلان عنها سابقًا، والتي تمثل رؤية المستوطنين بأنها أراضٍ ليست محتلة بل "متنازَع عليها".
وذكر أن (إسرائيل) تُسيطر على 19% من أراضي الضفة خلف الجدار الفاصل، في حين تُشكّل الأغوار 28% من أراضي الضفة، وأكثر من 87% من هذه الأراضي هي مناطق (ج)، ويبلغ عدد المستوطنين فيها أكثر من 11 ألفًا، والفلسطينيين 13 ألفًا.
وبيّن أن خطة الاحتلال ترتكز على عملية تفريغ الوجود الفلسطيني والتطهير العرقي والتهجير القسري، والاستيلاء على 65% من أراضي الضفة الغربية.
ولفت إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الآن بلغ أكثر من 840 ألف مستوطن.
وختم الخواجا: "الاحتلال مُصِر على عملية التوسع الاستيطاني، ومصادرة الأراضي، والضم لأراضٍ فارغة دون سكان في معظم الضفة، بِعدِّها جزءًا من سياسة بناء أسوأ نظام أبارتهايد في العالم".
تجدر الإشارة إلى أن الخطة تتضمن بناء وتوسعة 23 منطقة صناعية استيطانية في المنطقة (ج) في الضفة الغربية، وستتركز معظم الأنشطة فيها على الصناعات الخفيفة، والتكنولوجيا الفائقة، والمراكز والخدمات اللوجستية، بما في ذلك الخدمات الصحية والتجارية، وتعتمد على العمالة الفلسطينية، كما تقترح أيضًا 23 موقعًا سياحيًّا، ترتبط بمزاعم دينية توراتية.