رجَّح اختصاصيون اقتصاديون أن تغضَّ السلطة الفلسطينية الطرف عن قرصنة الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة الفلسطينية، في سبيل الخروج من أزمتها المالية الراهنة.
وأشاروا إلى أن موافقة السلطة ستكون لها تبعات سلبية، حيث ستدفع بها إلى مستنقع الخضوع للإملاءات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بصرف مخصصات أسر الشهداء والأسرى.
وكان المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية للاحتلال "الكابينت" وافق على تحويل (2.5) مليار شيقل من أموال المقاصة إلى خزينة السلطة، من أصل (3.1) مليارات شيقل.
والمقاصة هي ضرائب تجبيها سلطات الاحتلال نيابة عن السلطة عن ورادات الفلسطينيين من الخارج، وتبلغ نحو (200) مليون دولار شهريًا، وتشكِّل (60%) من إجمالي إيرادات الحكومة.
وبين الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن الاحتلال الإسرائيلي يدرك جيدًا حجم الضائقة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية، وعليه فهو على قناعة بأن السلطة ستأخذ أموال المقاصة حتى لو كانت مجتزأة.
وقال دراغمة لصحيفة "فلسطين": "هناك قرار إسرائيلي منذ بداية العام بقطع مبالغ من أموال المقاصة، بذريعة دفعها لأسر الشهداء والجرحى، وما حدث من تصويت الكابينت الإسرائيلي لا يُعدّ حدثًا جديدًا فهو متوقع، وبلا شك أنه يشكل ضغطًا على السلطة الفلسطينية التي تواجه أزمة مالية خانقة".
وأضاف دراغمة أن السلطة عادت الآن إلى المربع الأول في مجادلة الاحتلال على عدم الخصم من أموال المقاصة بعدما كانت قبل مدة وجيزة تواجه مشكلة أكبر في رفض استلام أموال المقاصة.
وبيَّن دراغمة أن السلطة قد تبحث عن مخرج في صرف مخصصات أسر الشهداء بتضمينهم في الكادر الوظيفي، والأسرى بوضعهم في وزارة الشؤون الاجتماعية.
وكان مجلس الوزراء برام الله قد أعرب عن رفضه لأي اقتطاعات من أموال المقاصة. وعدَّ المجلس في تصريح لإبراهيم ملحم المتحدث الرسمي باسم حكومة اشتية أن تلك الاقتطاعات غير قانونية، مشددًا على أن الحكومة لن تقبل هذه الاقتطاعات، وستبقى وفية لأسر الشهداء والجرحى والأسرى.
من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية، إن اقتطاع (600) مليون شيقل من أموال المقاصة دفعة واحدة بلا شك سيضع السلطة في تحدٍ مالي كبير، لأن عليها التزامات مالية عالية تجاه موظفيها والموردين والقطاع الخاص.
وأضاف بكر لصحيفة "فلسطين" أن السلطة إن وجدت نفسها مضطرة للحصول على أموال المقاصة منقوصة ستضغط باتجاه أن تُدفع 600 مليون شيقل على عدة أشهر، بواقع 50 مليون شيقل شهريًا.
وأشار بكر إلى أن عودة السلطة لاستلام أموال المقاصة سيعمل على إحداث انتعاش في الاقتصاد، حيث سيتمكن الموظفون من استلام رواتبهم كاملة، وعليه سيكون الإنفاق في السوق جيدا، وسيتمكن القطاع الخاص من تحصيل حقوقه المالية.
ومنذ مايو الماضي يتسلم الموظفون العموميون أنصاف رواتب بحد أدنى 1750 شيقلًا؛ بسبب أزمة مقاصة بين الاحتلال والسلطة أعلن عن حلها الأسبوع الماضي.
ويبلغ عدد الموظفين العموميين نحو 136 ألفًا، ويرتفع الرقم إلى قرابة 210 آلاف مع إضافة ما تطلق عليه الحكومة (أشباه الرواتب)، وهي: رواتب المتقاعدين، والمخصصات الاجتماعية، ورواتب ذوي الشهداء، والأسرى، والمحررين.