فلسطين أون لاين

بعد هدم منزله مرتين

المقدسي "البازيان" يتجذر بأرضه زيتونًا.. "فلا سجن سيبقى ولا احتلال"

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة- غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

يوميًّا يذهب المواطن المقدسي محمد البازيان إلى أرضه التي بقيت خالية من المعالم بعد أن سوَّى الاحتلال الإسرائيلي بيته بالأرض مرتين، في ظل عجزه حتى اللحظة عن إعادة إعماره مجددًا.

ويمثل المواطن محمد البازيان نموذجًا للعديد من المقدسيين الذين عانوا الهدم المتكرر لبيوتهم بحجج وذرائع مختلفة في محاولة من الاحتلال لطردهم خارج القدس ومحيطها.

والمواطن بازيان (41 عامًا) عانى الأمرين مع محاولات الاحتلال طرده من أرضه في قلنديا بهدف توسيع مستوطنة "عطروت".

ويشير إلى أنه اشترى الأرض في عام 2014، وأخذ موافقة من بلدية الاحتلال على البناء وبعد أن شرع فيه جاءت آليات الاحتلال وهدمته في عام 2018، بدعوى أنني لم أترك (40%) من مساحة الأرض كـ"مرافق آمنة".

ويقول: "لجأتُ لشراء قطعة أرض مجاورة وتركها كـ"مرافق آمنة" فجاؤوني بذريعة جديدة لمنعي من البناء متمثلة بأن هناك مخططًا جديدًا للمنطقة يتمثل في توسعة مستوطنة "عطروت" بقرابة 36 ألف وحدة سكنية جديدة".

وتابع: "هم يريدون لأجل التوسعة مصادرة أرض "مطار قلنديا" والأراضي المجاورة له، إذ يفصل بين منزلي والمطار سياج حديدي، فقمتُ بدفع المال لاستصدار مخطط للمنطقة كلها على نفقتي الشخصية، لكن ذلك لم يمنع استهداف الاحتلال للأرض".

ولم تتوقف معاناة البازيان عند الصراع مع الجهات الرسمية الإسرائيلية، فهو أسير محرر قضى قرابة 14 عامًا في سجون الاحتلال، إذ اعتقل 17 مرة على خلفية نشاطه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

واعتقل البازيان في المرة الأولى عام 1992، وكان الاعتقال الأخير في عام 2018 إداريًّا لمدة 48 شهرًا، كما تعرض للإصابة برصاص الاحتلال قرابة 3 مرات في مواجهات بين الاحتلال والمواطنين.

ويقول: "أخبرني أحد ضباط مخابرات الاحتلال بصريح العبارة أنه ليس مرغوبًا بوجودي في المنطقة وأن عليَّ الرحيل، لأتفاجأ في صباح التاسع والعشرين من نوفمبر من العام الماضي باتصال من أهل المنزل يخبرونني بأن آليات الاحتلال تحاصر المنزل تمهيدًا لهدمه".

ويلفت إلى أن محاميه الذي تابع إجراءات الترخيص لدى سلطات الاحتلال، أخبر الوحدة المكلفة بالهدم بأن لدي "قرارًا قضائيًّا" بتجميد الهدم لتوفر رخص البناء، قائلًا: "تفاجأ المحامي بأن القائمين على الهدم تواصلوا مباشرة مع القاضية التي أصدرت قرار التجميد فأخبرتهم بمواصلة الهدم وهو أمر لم يحصل في تاريخ عمليات الهدم الإسرائيلية!".

ويتابع البازيان: "دفعتُ مبالغ باهظة في سبيل الحصول على رخص البناء، منها 400 ألف شيقل للمحكمة ومليون شيقل للمحامي وغيرها من التكاليف الباهظة، وكل ما طلبوه مني من إجراءات وأوراق كنت أنفذه لكن ذلك لم يشفع لي بوقف الهدم".

ويشير إلى أنه وعائلته المكونة من 13 فردًا خرجوا بملابسهم التي يرتدونها فقط من عملية الهدم، "تكبدتُ خسائر كبيرة لم أستطِع تعويضها حتى اللحظة، ولا أستطيع معاودة البناء واضطررتُ لاستئجار منزل".

كما يلفت إلى أن أحدًا لم يمدّ له يد العون فـ"الصليب الأحمر وعدني بأن يحضر خيمة ولم ينفذ وعده حتى اللحظة، والسلطة الفلسطينية وعدتني بتعويضي بقرابة (50) ألف دولار لم أرَ منها شيئًا".

وأعرب عن اعتقاده بأن الاحتلال يريد إفراغ أرض القدس من سكانها بأي طريقة ويتبع في ذلك طرقًا عدة، منها: الهدم والتشريد والإبعاد، والإنهاك الاقتصادي، حتى يخرج أهلها منها عنوة.

وقال البازيان: "يتبع الاحتلال سياسة مبرمجة ليجعلنا نكره وجودنا فيه لكن بالنسبة لي فذلك لن يحصل أبدًا".

ويعتقد بأن مخطط التهجير "متفق عليه بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي ودولًا عربية"، في حين يدفع أهل القدس الثمن من مالهم وأولادهم وجراحهم.

ومضى إلى القول مستدركًا: "لكن ما زال لدي أمل بأن أبني بيتي مجددًا وأعدُّ كلَّ المصائب التي حصلت لي بسبب تمسكي بالوجود في القدس أمرًا هينًا".

وتابع: "هدموا بيتي فزرعت أرضي زيتون وفي أقرب فرصة سأبنيها، سجنوني وفي النهاية فتح باب السجن، فلا سجن يدوم ولا أرض ستبقى محتلة وسنبني بيوتنا المهدومة يومًا ولن نتزحزح عن أرضنا مهما ضاق بنا الحال".

ويؤكد البازيان بأنه لن يخرج من أرضه إلا على جثته، "فقد حفرتُ قبري في أرضي منذ ست سنوات وأوصيت أهلي ورفاقي بدفني فيها (...) فلولا أهل القدس وصمودهم لكان المسجد الأقصى في خبر كان منذ زمن طويل".