أكد نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد، أن إعلان السلطة الفلسطينية استئناف التنسيق الأمني، جاء مخالفًا لقرارات الاجتماع المشترك للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بين رام الله وبيروت، مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، كما جاء مخالفًا لقرارات المجلسين المركزي والوطني لمنظمة التحرير، الداعية في مؤتمرات سابقة إلى قطع علاقة السلطة بالاحتلال الإسرائيلي.
وبين فؤاد في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أن إعلان السلطة استئناف العلاقات والتنسيق الأمني مع الاحتلال شكل مفاجأة للجميع، مشيرًا إلى أن هذا الإعلان لم يقُم على أساس القرارات التي توافقت وأجمعت عليها الفصائل في الحوارات الأخيرة.
وأضاف: "أجمعنا على ضرورة قطع العلاقة مع الاحتلال بغض النظر عن الصياغات، سواء كانت التحلل أو إلغاء اتفاق (أوسلو)، مستندين في ذلك إلى القرارات التي أقرتها الهيئات والمؤسسات المختلفة سواء المجلس الوطني أو المركزي أو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أو اجتماع الأمناء العامين، أو مركزية حركة فتح".
وتابع: "فوجئنا باستئناف السلطة علاقاتها مع الاحتلال دون استشارة أي من هذه المؤسسات، ولم تطلب رأيها"، عادًّا ذلك "ضربًا للأصول ولكل ما أجمع عليه شعبنا، ومخالفة واضحة لا يستطيع أحد أن يوافق عليها لأنه قرار منفرد لم تقره أي مؤسسة أو هيئة من هيئات منظمة التحرير أو الفصائل أو الأمناء العامين".
وأشار إلى أن الجبهة الشعبية "أبدت استعدادًا لترتيب البيت الداخلي ومواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وشاركنا مع الفصائل في اللقاءات بهدف الوصول إلى إنهاء الانقسام وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس تضمن مشاركة جميع القوى دون استثناء".
وذكر أن ذلك "كان يشكل همنا نحن وجميع الفصائل التي شاركت سواء في اجتماع الأمناء العامين أو الحوارات التي أعقبته، ووافقنا على تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، والذهاب إلى حوار وطني شامل، سواء كان ذلك في القاهرة أو بيروت أو أي بلد يمكن أن يصل له الجميع".
استمرار الخلاف
وتابع: "بقينا نتابع خطوة بخطوة التقدم للأمام في قرارات اجتماع الأمناء العامين وما تلاها، وقد أصبحت قرارات إجماع وطني، وفي المقدمة تشكيل القيادة الموحدة، لكن مع الأسف لم نخطُ أي خطوة باتجاه تشكيلها".
وأرجع ذلك إلى ما وصفها بـ"معوقات لدى حركتي فتح وحماس، أما بقية الفصائل فكانت على استعداد كامل لأَنْ تساهم في تشكيل هذه القيادة".
وأكمل: تركنا المجال للفصيلين (فتح وحماس) لاستكمال الحوارات في تركيا ومن ثم قطر وأخيرًا في القاهرة، لكن لم يطلعونا رسميًّا على الخلافات التي حصلت، وتسببت في إفشال الجولة بينهما".
واستدرك: "سنتابع مع الفصيلين ما الذي حدث بعد النتائج السلبية، مع ضرورة بحث نقاط الخلاف التي كانت مثار نقاش بينهما"، مشيرًا إلى أن الجبهة الشعبية "طالبت بالإسراع في عقد اجتماع جديد للأمناء العامين، وما زال الموضوع عند فتح وحماس وليس عندنا لأن من واجب الفصيلين إعلان نقاط الخلاف".
وبين أن فتح وحماس لم تتوصلا لاتفاق بشأن الانتخابات في الحوارات التي حصلت بينهما.
ونبَّه إلى أن الفصائل كانت متحمسة للوصول إلى نتائج "نتمكن من خلالها توحيد منظمة التحرير وإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، وتوحيد المؤسسات بضمان مشاركة الجميع، وهذا موقفنا في الجبهة لأننا لا نريد أن يبقى الوضع الراهن كما هو بعد أن مضت سنوات طويلة على الانقسام".
وأضاف: "الخطر داهم والعدو يستفيد من هذا الوقت بعد أن قدمت الإدارة الأمريكية كل شيء للعدو الإسرائيلي في حين أننا ما زلنا مختلفين ولم نرتب بعد بيتنا ولم نُعِد بناء منظمة التحرير على أساس مشاركة الجميع".
وبين أن قرار العودة للتنسيق الأمني، أثر سلبًا على الحوار الوطني وجاء في وقت غير مناسب، مؤكدًا أن اتفاق (أوسلو) وملحقاته لا يمكن أن يصلح أساسًا لتوحيد جهود وطاقات وإمكانات شعبنا، "ولا بد من إلغاء هذا الاتفاق، وإيجاد أسس سياسية مغايرة تمامًا له تشكل أساس وقاعدة لوحدتنا الوطنية تحت سقف منظمة التحرير".
ونوقش قرار السلطة هذا -والقول لفؤاد- داخليًّا بين الفصائل وفي مؤسسات المنظمة، "ونأمل أن نصل إلى وقف قرار استئناف التنسيق الأمني خاصة أنه اتخذ دون موافقة الفصائل ومؤسسات منظمة التحرير".
وذكَّر بقرارات المجلسين المركزي والوطني لمنظمة التحرير، المؤكدة لضرورة وقف العلاقة مع الاحتلال، وكذلك الولايات المتحدة، وهذا الموقف اقترحه رئيس السلطة محمود عباس، ووافقت عليه مؤسسات المنظمة.
و"التنسيق الأمني جزء أفرزته اتفاقات (أوسلو)، والأساس بالنسبة لنا إلغاء هذا الاتفاق وما ترتب عليه لأنه مضرٌّ بشعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة، ويثبت ذلك نتائج التجربة التي استغرقت 27 سنة مضت، ونتائجها مضرة بكل المعاني لمصالح شعبنا وحقوقه" وفق نائب الأمين العام للجبهة الشعبية.
وأكمل: عندما نتحدث عن تنسيق فإننا نصغر الموضوع، لكن حقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير ويرتبط باتفاق (أوسلو) المحكوم به شعبنا وحقوقه وأسرانا والشهداء، وفي إثره (إسرائيل) تصادر الأرض ووضعت مخطط الضم، حتى أن لقمة العيش لا تأتي حسب بروتوكولات اتفاق باريس إلا من خلال العدو، وما سمي بالمقاصة والضرائب، وكل هذا مرتبط بـ(أوسلو).
وأضاف: "ما زلنا نحاور الفصائل حتى نصل إلى نتائج نستعيد من خلالها وحدتنا، وتؤكد تمسك الجميع بالثوابت، وسنعمل جاهدين على إلغاء قرار السلطة وإعادة الأمور إلى نصابها لأن ما اتفق عليه الأمناء والفصائل يجب أن يستكمل، وهي قضايا محددة معروفة سواء كان ذلك يتعلق بالحوار الوطني الشامل، أو تشكيل القيادة الوطنية الموحدة وتوحيد منظمة التحرير والمجلس الوطني، وهي قضايا ذات إجماع".
إدارة "بايدن"
وأكد أهمية توحيد الصفوف والجهود، وعدم تعليق الآمال على الولايات المتحدة الأمريكية أو الرئيس الديمقراطي جو بايدن، متوقعًا أن يحاول الرئيس الحالي دونالد ترامب، تقديم المزيد من الدعم والهدايا لكيان الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف: "من يراهن على إدارة بايدن الجديدة فهو مخطئ، لأن الثوابت عند الديمقراطيين والجمهوريين المزيد من الدعم للصهاينة، وليس هناك أي احتمال بتغير القرارات التي وافق عليها ترامب وإدارته أو التي أيدها، بما في ذلك ضم القدس أو نقل السفارة".
وتابع: "مخطئ من يراهن على الإدارة الأمريكية المقبلة، لذلك لا بد من الاتفاق على برنامج وموقف سياسي فلسطيني موحد نواجه به محاولات إدارة ترامب أو الإدارة المقبلة، لتصفية قضيتنا الوطنية، لأن الضمان هي وحدتنا وموقفنا السياسي الموحد"، معلقًا آماله على "استمرار المقاومة بمختلف أشكالها ومنها العمل المسلح ضد الاحتلال الذي يرتكب جرائمه بحق شعبنا بما في ذلك الاستيطان والضم".
من ناحية أخرى، أكد فؤاد أن لقاء الأمناء العامين أكد ضرورة التعامل مع أهالي قطاع غزة كما يتم التعامل مع أهالي الضفة الغربية، لأننا شعب واحد داخل الوطن وخارجه، رافضًا أي عمل يمارس ضد القطاع يتعلق بالحصار أو قطع ما يجب أن يقدم على قاعدة أنه جزء لا يتجزأ من الوطن.
وشدد على ضرورة توفير السلطة الإمكانات اللازمة سواء لمواجهة جائحة "كورونا" أو توفير حقوق الموظفين والمواطنين كذلك، مضيفًا: هذه المسألة نوقشت بين حركتي فتح وحماس، وكادا أن يصلا إلى اتفاق ونحن كنا سندعم أي اتفاق إيجابي في هذ الشأن، حتى تعود الأمور إلى نصابها، على أن يقدم كل شيء لغزة كما يقدم للضفة الغربية.
"لكن عمليًّا بقي الموضوع بين الطرفين (في الحوارات التي جرت بين فتح وحماس مؤخرًا) وأحيط بتفاصيله سواء كان يتعلق برواتب الموظفين أو ما يرتبط بالدعم والإسناد المستمر وحقوق أهلنا بغزة"، وفق فؤاد الذي شدد على ضرورة التصرف انطلاقًا من أن منظمة التحرير تتحمل مسؤولياتها تجاه جميع المواطنين الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه دون أي تمييز.
واستبعد لجوء السلطة إلى فرض إجراءات عقابية جديدة بعد تعثر حراك المصالحة الوطنية "لأن الإجراءات التي سبقتها ظالمة ويجب أن تزول وتوفير ما هو مطلوب لغزة بغض النظر عن أي خلاف سياسي أو تنظيمي".
واستكمل حديثه: "نأمل ألا يحصل أي تصعيد أو اتخاذ أي إجراءات من هذا النوع، أو توتير إعلامي، ويجب علينا أن ننطلق مجددًا من أن الأخطاء التي وقعت يجب أن يتم التراجع عنها والذهاب مرة أخرى باتجاه الحوار الوطني".