لم تمسس انتهاكات الاحتلال روَّاد المسجد الأقصى المبارك بمنع الكثيرين من الوصول إليه لأداء الصلاة فحسب، بل شملت مؤخرًا العاملين فيه والموظفين في دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للمملكة الأردنية الهاشمية, بل وصل الأمر إلى التدخل في إجراءات التعقيم داخل المسجد ضمن إجراءات مواجهة جائحة فيروس "كورونا".
وفي هذا الصدد، أكد متحدثان متخصصان في شؤون القدس والمسجد الأقصى، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسعى من خلال انتهاكاتها، إلى فرض وقائعَ جديدةٍ داخل المسجد محيطه أيضًا، مستغلةً جائحة "كورونا" لتنفيذ مخططات التهويد بحق المقدسات الإسلامية، وغيرها.
وقال الباحث في شؤون القدس, فخري أبو دياب: "واضحٌ أن سلطات الاحتلال تريد سحب كل الصلاحيات من دائرة الأوقاف في مدينة القدس، بهدف فرض وقائع جديدة تظهر من خلالها (إسرائيل) أنها صاحبة السيادة والمسؤولية أمنيًّا وإداريًّا في المسجد الأقصى".
ولأجل ذلك فهي تسعى إلى تقليل وجود المسلمين فيه وصولًا إلى تفريغه من العاملين عن طريق الإبعاد والاعتقال، وسحب الصلاحيات, وإعطاء أوامر إدارية في المسجد الأقصى، كما أضاف أبو دياب لـ"فلسطين".
وفسر ذلك أن "الاحتلال ينفذ عملية متدحرجة في السيطرة على المسجد الأقصى، ليكون هو المسؤول عن كل شيء فيه، حتى وصل الأمر إلى التدخل في إجراءات التعقيم والنظافة والصيانة", مضيفًا أنّ ممارسات (إسرائيل) ترمي إلى إلغاء صلاحيات دائرة الأوقاف والوصاية الأردنية على المسجد الأقصى.
وأضاف أبو دياب أنّ انتهاكات الاحتلال هذه, تتزامن مع زيادة ساعات وُجِد المستوطنين اليهود في المسجد الأقصى بعد اقتحامه بشكل يومي، والسماح لهم بأداء طقوس تلمودية على نطاق أوسع، قد يشمل مستقبلًا تعليم "التوراة" داخل ساحات الحرم القدسي.
وبين أنّ سلطات الاحتلال دائمًا ترتكب الانتهاكات بحق الأقصى والمقدسات الإسلامية، وتنتظر ردة فعل الشارع الفلسطيني أو العربي، ونتيجةً لعدم وجود ردة فعلٍ حقيقيةٍ مقدّرةٍ لقيمة المسجد الأقصى, والتغيرات الحاصلة فيه؛ فإنّ خطورة انتهاكات الاحتلال التصاعدية تزداد وصولًا للسيطرة على الأقصى، مستغلةً التطبيع مع عدة دول عربية.
وأكد أبو دياب أنّ (إسرائيل) تستغل جائحة "كورونا" استغلالًا سياسيًا وأيديولوجيًا, وتوظفهما لصالح مشاريعها التهويدية، ولا تأبه بصحة المواطنين، ويأتـي ذلك تزامنًا مع تعمّد الاحتلال التقصير في معالجة تفشي الوباء بمدينة القدس المحتلة.
التدخل بشؤون الأقصى
من جهته، قال أمين سر اللجنة الإسلامية العليا في القدس, الدكتور جميل حمامي: "إن انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى تندرج تحت دائرة التدخل في أي حركة بالمسجد الأقصى، وخصوصيات العمل التي تشرف عليها دائرة الأوقاف الإسلامية, وتشمل التعقيم والحرص على إلزام الجميع بالإجراءات الوقائية".
وأضاف حمامي في تصريحٍ لـ"فلسطين"، أنّ هذا التدخل تعدٍّ على صلاحيات الأوقاف الإسلامية، مشيرًا إلى أن الدائرة نفسها لها اتصالاتها مع الجهات الأردنية المعنية والمشرفة بشكل مباشر على الأقصى وشؤونه.
وأكَّد حمامي أن المعركة مع الاحتلال مستمرة, وهو يخوض الكثير من المناكفات في الأقصى المبارك لفرض وقائع تلبي طموحاته التهويدية.