فلسطين أون لاين

يحلم بإقامة معرض فني في القدس

رائد القطناني.. لاجئ فلسطيني يحمل بلوحاته هَمَّ وطنه

...
دمشق-غزة/ هدى الدلو:

لم تطأ قدماه يومًا أرض فلسطين، ولكنه تشرب واقعها من عائلته التي تنحدر من مدينة يافا، وعاشت حياة اللجوء والتشرد، فحملت لوحاته الهم الفلسطيني، وحركة النضال، ورموز المقاومة، والفدائيين الذين يوجهون فواهات بنادقهم نحو المحتل، نسوة ورجالًا، للدلالة على تكامل النضال بين أبناء وفئات الشعب، وربطها بالحس البصري في مجاز الوصف لتجليات التراث الشعبي، فتنحاز رغباته نحو انتمائه لفلسطين.

الفنان التشكيلي الفلسطيني رائد القطناني (47 عامًا) تنحدر أصوله لعائلة هجرتها العصابات الصهيونية من فلسطين، ويوجد في مدينة دمشق، حيث نشأ وترعرع وتابع جميع مراحل حياته الدراسية الأكاديمية والمهنية الوظيفية، فالتحق بكلية الفنون الجميلة تخصص إعلان، وتخرج عام 1995، وعمل في مجال التصميم الطباعي والتدريب الفني للجرافيك لـ25 عامًا، وأقام ستة معارض شخصية، وعشرات المعارض المشتركة في عدة دول بالعالم.

يعود بذاكرته لمرحلة الطفولة، قائلًا لصحيفة "فلسطين": "كنت أتردد على مكتبة فلسطين، وكان لها الأثر الكبير في التغذية البصرية، لكونها تحتوي على شتى أنواع الكتب والمجلات والقصص، والجرائد من كل أصقاع الوطن العربي، فقوتني بالقراءة بمرحلة طفولتي المبكرة".

ويذكر أنه ترتيبه التاسع بين إخوته، وأنه غالبًا لا يمكن لعائلة كبيرة مكونة من 12 فردًا أن تنتبه لتفاصيل المواهب، لانشغالهم بأمور حياتية أخرى، وقد ظهرت على ما يذكر خطوط موهبته بعمر خمس أعوام.

ويضيف القطناني: "حبي للرسم بدأ مبكرًا، وظهرت جليًّا بالصف الثامن، فكنت متفردًا ومتميزًا بين أقراني في مادة الرسم".

أما أستاذ مادة التربية الفنية فانتبه لتميزه لكنه لم يُوْلِ له أي اهتمام خاص، ولكن إبداع معلمه كان له أثر كبير في شخصيته، هنا التفت إلى موهبته فعمل على تطويرها بالتحاقه بدورة قصيرة للرسم فترة العطلة الصيفية، كان لها أثر كبير حيث تعرف إلى أجواء الفنانين، والمعاهد الفنية والتقنيات المستخدمة والتي شاهدها بأم عينيه، ورغم أن مدتها شهر ونصف فإنه حتى الآن يستشعر بأثرها في نفسه، فجميع مراحل التطوير بدأت مبكرًا.

وبعد تخرجه في كلية الفنون أصبحت الحرفية من سماته، فانخرط بقوة في سوق العمل، وأنتج الكثير من التصاميم الفنية وبطاقات المعايدة والتهنئة متعددة المناسبات، إلى جانب تصاميم لمنتجات تجارية كالمجوهرات والدعاية متعددة الأوصاف.

المهنة والتطريز

وفي الوقت نفسه زاول القطناني مهنة التدريب والتدريس في مجال تخصصه التصميم الإعلاني، وفي جعبته الفنية نماذج كثيرة وتجارب بعد مشوار دام 25 عامًا، محكوم بأصول الصنعة والحرفة ورغبة المنتج وحركة السوق ومتطلباته الترويجية.

أما لوحاته فتحمل في طياتها المهنة الفلسطينية، وحرفة التطريز المتناقلة عبر الأجيال من الجدات إلى البنات والحفيدات، وبذلك ينحاز للخيار الوطني وانتمائه لأصله الفلسطيني.

ويرى أن أهم نقطة في اللوحة مهما تغيرت التقنيات المستخدمة هو وجود الفكرة في اللوحة، "أحيانًا أتعب كثيرًا لأتمكن من صياغة الفكرة لتكون مفهومة وتحمل محتوى عميقًا".

لا يختلف كثيرًا عن الفنانين التشكيليين سوى أنه متعدد التقنيات في الرسم اليدوي، إضافة إلى رسم الديجتال لكونه مدربًا في هذا المجال، ففي بعض الأحيان يدمج بين الرسم اليدوي مع الديجتال، وهذه النقطة يشعر بأن قلة من الفنانين يتفردون في ذلك المجال.

الريشة.. والقلم.. واللوحة.. أدواته، وتقنياته التي لا يستغني عنها رخيصة كانت أو غالية الثمن، رسم بالشاي والقهوة والطين وألوان مائية وغيرها من التقنيات الغريبة التي استخدمها في الرسم، ولكنه مؤمن أن الموهبة التي تحرك هذه الأدوات.

المطلع على تجربة القطناني يرى أن فلسطين موجودة في كل أعماله بدءًا من مشروع التخرج الذي حمل الرموز الكنعانية في الثوب الفلسطيني حتى في لوحاته التي يرسمها دوريًّا، حيث يركز على التراث وأشكال النضال والمرأة الفلسطينية، والرجل الكبير والعادات والتقاليد والحياة الفلسطينية ببساطتها.

قبل شهور عدة عكف على رسم سلسلة من الشخصيات الفلسطينية المؤثرة، كالمعلمة الفلسطينية حنان الحروب، والموثق الفلسطيني طارق البكري، والشاعرة مريم الصيفي، وغيرهم، تكريمًا لهم كمبدعين.

وتتمثل التحديات التي تواجه القطناني كفنان ملتزم بالقضايا الوطنية والإنسانية والفكرية عدم توفر الدعم المالي، فيعتمد في الإنفاق من ماله الخاص، وعلى حساب وقته وصحته وعائلته، إضافة إلى صعوبة تسويق الأعمال في ظل انعدام فكرة اقتناء الأعمال الفنية.

لديه طموحات كثيرة على المستوى الفني والتقني والخاص في تطوير مهاراته، ولكن الحلم الأهم بالنسبة له أن تطأ قدماه أرض فلسطين ويقيم معرضه الخاص في القدس.