هناك، في التلال والجبال ذات الأراضي الزراعية والرعوية، حول بلدة بروقين غربي سلفيت، بات المزارع "عبد سمارة" ممنوعًا من فلاحة أرضه وزراعتها، فجرافات الاحتلال جاهزة لاقتلاع ما يزرع ومنعه دخولَ أرضه، بدعوى أن المنطقة مصنفة "ج" حسب اتفاقية "أوسلو".
يقول سمارة: "كنت في منزلي عندما وصلتني مكالمة هاتفية من جاري في الأرض بمنطقة "خلة الخروب" بأن جيش الاحتلال يعلق إخطارا على البئر والغرفة الزراعية، بوقف البناء والهدم لاحقا، وهو ما جعلني أترك ما بيدي وأركض نحو الأرض التي تبقت لي نتيجة كثرة المصادرات لصالح التوسع الاستيطاني".
ويضيف سمارة لصحيفة "فلسطين" أن إخطار الاحتلال تسبب لي بتعب وأرق متواصلين، لأن تعب عشرات السنين من زراعة الزيتون والحفاظ على الأرض قد يتبخر بلحظة في ظل احتلال يريد أن نترك أرضنا نهبًا للمستوطنين.
ويشير إلى أن دورية من جيش الاحتلال برفقة سيارة من الإدارة المدنية "الاسرائيلية"، اقتحمت أرضه، وعلقت اخطار وقف البناء على جدار الغرفة الزراعية، بدعوى أن المنطقة تخضع للسيطرة الإسرائيلية.
وقسّمت اتفاقية أوسلو الضفة الغربية إلى 3 مناطق، هي "أ" و"ب" و"ج"، وتمثل المناطق "أ" نحو 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، فيما تمثل المناطق "ب" 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، بينما تشكل المناطق "ج" 61% من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.
استصلاح الأرض
ويقول سمارة: "قمت ببناء غرفة زراعية بمساحة 80م2 قبل 8 شهور، وبئر زراعية لجمع مياه الأمطار قبل عام ونصف العام، والأن أعلن على استصلاح أرضي رغم الإخطار، وهو ما لم يرق للاحتلال".
ويشير إلى أن مساحة أرضه الزراعية تبلغ قرابة عشرة دونمات، وهي بعيدة عن المنطقة الصناعية لمستوطنة "أريئيل"، لكن نهم وشرهة الاحتلال تريد المزيد من الأرض الفلسطينية.
وبين سمارة أن المزارعين يحجمون عن فلاحة أراضيهم في مناطق "ج"، فهم يرون كل يوم عمليات تجريف وقلع وطرد وتهجير بسبب هذه التصنيفات، مؤكدًا أنه "لن يترك أرضه مهما كلفه الأمر.
باحث يوضح
من جانبه، أكد الباحث في شؤون الاستيطان د. خالد معالي أن الاحتلال يتبع أسلوب الإخطارات كنوع من الحرب النفسية، لمنع الحياة والعناية في الأرض من قبل المزارعين في المناطق المصنفة "ب" و "ج"، سواء في سلفيت أو بقية مناطق الضفة الغربية.
وأوضح معالي لـ"فلسطين"، أن الاحتلال يهدف من هذه الإخطارات لإرباك المزارعين الفلسطينيين وجعلهم يفكرون بترك أراضيهم خشية خسارتها لاحقا تحت تهديد السلاح والطرد والتهجير.
وذكر أن الاحتلال يستهدف الآلاف من الدونمات الزراعية، بينها منطقة أثرية تسمى جلال الدين وقرية قرقش الأثرية، وخربة صلاح الدين التي يعتقد أنها كانت معسكرا لجيش صلاح الدين الأيوبي.
وذكر أن الاحتلال يريد ضم منطقة وشريط مستوطنة "أريئيل" الممتد من حاجز زعترة جنوب نابلس وحتى كفر قاسم بالأراضي المحتلة عام 1948، وبذلك يفصل شمال الضفة عن جنوبها ووسطها ويسيطر على الحوض المائي الغربي تحت سلفيت، بواقع 25 مستوطنة في هذا الشريط الاستيطاني الضخم.
ونقل معالي ما صرح به "نتنياهو" أكثر من مرة، بأنه سيضم في المرحلة الأولى "الكتل الاستيطانية الثلاث وهي: "معاليه أدوميم" شرق القدس المحتلة، و"أريئيل" في شمال سلفيت و"غوش عتصيون" في جنوبها"، مشيرة إلى أن هذه الكتل الاستيطانية تضم أكثر من 80% من المستوطنين في الضفة الغربية.