استهجن رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج المُفكر أنيس القاسم، إعلان السلطة عودة علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، عادًّا إياه "مُصطنعًا ويستند إلى "شحدة فلوس" وليس قضية وطنية"، بحسب تعبيره.
وقال القاسم خلال حوار خاص مع صحيفة "فلسطين": إن حاجة السلطة للأموال من جديد جعلها تضحي بالقضية الوطنية الفلسطينية في سبيل استرداد أموال المقاصة التي تقتطعها دولة الاحتلال".
ووصف إعلان السلطة بأنه "إذلال للشعب الفلسطيني ولقضيته، وهو عملية تمسح رخيص للصهيونية".
كان وزير الشؤون المدنية في السلطة، حسين الشيخ، أعلن أول من أمس، "إعادة مسار العلاقة مع الاحتلال إلى ما كان عليه قبل 19 مايو/ أيار الماضي"، في إشارة إلى التزام اتفاقيات المشتركة والتنسيق الأمني.
وأضاف القاسم: "إذا كان هذا الإجراء الذي اتخذته قيادة السلطة يندرج في إطار التناغم مع الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، فهذا سذاجة كبيرة".
وتابع: "لا يُمكن الرهان على أي إدارة أمريكية، لأنه منذ تولي الرئيس هاري ترومان عام 1945، الذي أعلن الاعتراف بدولة الاحتلال لم تُقدم أي إدارة أمريكية خدمة للقضية الفلسطينية".
وبيَّن أن (إسرائيل) لا تلتزم ما ورد في اتفاقيات أوسلو مُطلقًا، "لذلك إعلان السلطة لا يُمكن أن يُطيقه شعبنا، وسوف يلعن كل من تقمَّص ولعب دورًا قذرًا لمغازلة الاحتلال، بأنه يلتزم الاتفاقيات"، حسب رأيه.
واستطرد "(إسرائيل) لا تعترف أنها تخترق الاتفاقيات، لكنها تلتزم وفق وجهة نظهرها التي ترتكز عليها أوسلو، وهي أن يكون السلطة والشعب الفلسطيني والثوار في خدمة التنسيق الأمني"، مشددًا على أن "عودة التنسيق الأمني عملية مخزية لكل الشعب الفلسطيني وتلحق العار به".
رسائل مُهينة
وأكد المفكر الفلسطيني، أن عودة التنسيق الأمني يُشكِّل خطرًا على القضية الفلسطينية في ظل الحركات الدولية والعربية الداعمة للاحتلال.
وبيّن أن قيادات السلطة على مدار تاريخها بعثت برسائل مُهينة للقضية الفلسطينية جعلت الاحتلال يُدرك مدى سهولة تنازلها عن الحقوق الوطنية.
واستعرض القاسم، بعض هذه الرسائل، حينما أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات استقلال الدولة عام 1988، لتمرير قبوله بالقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن ويقضي بالاعتراف الضمني بـ(اسرائيل) دون حل القضية الفلسطينية".
وأشار إلى إعلان "القيادة الفلسطينية" تخليها عن الميثاق الوطني للمجلس الوطني، وهو ما بعث رسالة قوية للاحتلال بأن السلطة مستعدة للتنازل عن حقوق شعبها.
وبيّن أن السلطة تخلت عن شعارها التمسك بالمقاومة وإقامة الدولة الفلسطينية واستعادة الحقوق الوطنية المسلوبة بما فيها القدس واللاجئون، ما جعل الاحتلال يضغط عليها بشكل أكبر دون إعطائها الحقوق.
ولم يستبعد أن تراوغ (إسرائيل) السلطة في إعادة أموال المقاصة التي سُتعيد التنسيق الأمني من أجلها، مشددًا على أن "القضية الفلسطينية تعيش في مرحلة الخطر القاتل".
تضليل وكذب
وحول انعكاس عودة التنسيق الأمني على مسار تحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة، قال القاسم: "إن أي حديث عن تحقيق الوحدة وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية هو تضليل وكذب".
وشدد على أنه "لا يوجد شيء اسمه مصالحة وطنية، لأن برنامج حركتي حماس وفتح مختلف، فلا يقبل أحدهما ببرنامج الآخر".
وعد الحديث عن الوحدة الوطنية والمصالحة "سخيف وللاستهلاك المحلي فقط خاصة في ظل استمرار العمل باتفاقية أوسلو التي تُشكل خدمة مجانية للاحتلال".
وحول إعلان التنسيق الأمني تزامنًا مع موجة التطبيع العربي، أكد القاسم أن التطبيع العربي لا يكسر ظهر الشعب الفلسطيني، بقدر غياب القرار السياسي الوطني.
وشدد على ضرورة "وجود قرار سياسي وطني واحد يؤكد تحدي الاحتلال وعدم الرضوخ له، إضافة للخروج من نفق أوسلو"، داعيًا لوجود هذا القرار لدى قيادة الشعب الفلسطيني خاصة في ظل الخطر الذي يداهم الأراضي الفلسطينية.
واستبعد القاسم، انتهاء سياسة التنسيق الأمني في ظل بقاء رئيس السلطة محمود عباس في سدة الحكم ومن سيتبعه أيضًا في سبيل الحفاظ على الحصول على أموال المقاصة والامتيازات الخاصة.
وختم حديثه: "ليس هناك قيادة موحدة لدى الشعب الفلسطيني تتحدى المخاطر التي يمر بها، وهو ما أخفى معالم المشروع الوطني الذي تتغنى به السلطة".