فلسطين أون لاين

​لماذا استَعْدَت الدولة العبرية وثيقة حماس منذ لحظة إعلانها؟

...
جانب من إعلان وثيقة حماس (أ ف ب)
رام الله / غزة - أحمد المصري

هاجمت قيادة دولة الاحتلال الإسرائيلي بشدة وثيقة حركة المقاومة الإسلامية حماس منذ اللحظة الأولى التي أميط اللثام عن فحوى بنودها كاملة، وهو ما رده محللان سياسيان إلى حجم التأثير والإحراج السياسي الذي أصابت به الوثيقة دولة الاحتلال.

وقالت قيادات متعددة في دولة الاحتلال عقب إعلان حركة "حماس" عن وثيقتها: إن الأخيرة "لم تغير جلدها يوما وبقيت معادية لـ(إسرائيل)، وأن الوثيقة "خديعة" ولا تعدو كونها خطوة لما وصفه بـ"تضليل العالم ومناورة للعلاقات العامة".

ورأى المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، صالح لطفي، أن تداعي كافة قيادات دولة الاحتلال والخروج بتصريحات هجومية واسعة على وثيقة حركة حماس مؤشر واضح على حجم التأثير التي أوجدته الوثيقة.

مواجهة لفكره

ولفت لطفي لصحيفة "فلسطين" وهو مدير مركز الدراسات المعاصرة في الداخل المحتل، إلى أن كشف الوثيقة عن تطور نوعي لفكر حماس في جوانب مخاطبة العالم، أمرٌ أزعج الاحتلال كثيرا، سيما وأنه ينظر إلى ذلك بأنها مواجهة لفكره وأيديولوجيته التي أرساها على مدار عمره ووجوده.

وأشار إلى أن دولة الاحتلال وجدت نفسها في الزاوية بسبب الوثيقة، وأنها في مرمى الرجم الأخلاقي، في ظل تأكيد بنود الوثيقة على قبول حماس بدولة فلسطينية عام 1967، وأنها مع الحلول السياسية التي تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على كافة حقوقه، وكأن ما يقوله المحلل السياسي لفتة للعالم أن الاحتلال هو العقبة فقط وليس نحن.

وأكد أن الاحتلال وجد في حماس تتقدم خطوتين للأمام عبر وثيقتها الجديدة، الخطوة الأولى نحو العالم، والأخرى نحو الشعب الفلسطيني، وقد عمل سابقًا المحتل الإسرائيلي على تشويه صورة حركة حماس ووضعها ضمن الصورة القاتمة للمنظمات المتشددة "الإرهابية".

ولفت لطفي إلى أن الاحتلال يريد أن ترفع "حماس" يدها في وثيقتها، وأن تركع وتعترف به على أرض فلسطين، وأن تستلم للحل السلمي كخيار أول ووحيد، والتكفير عن خيار المقاومة التي خاضته على مدار زمانها، ويصل بها الحال إلى أن تكون نسخة مطابقة لحركة فتح لترضى عن وثيقتها.

دحض الرواية

من جانبه، رأى المحلل السياسي أحمد رفيق عوض أن حجم التأثير التي أحدثته وثيقة حركة حماس على دولة الاحتلال "كبير" وقد أربك قيادتها السياسية، وهو ما ظهر جليًا في النبرة العالية المهاجمة للوثيقة.

ولفت عوض لصحيفة "فلسطين"، إلى أن دولة الاحتلال ترى في الوثيقة فرصة لـ"تسويق" حركة حماس نفسها وفكرها، ودحض الرواية الاحتلالية ضدها، التي مورست على سنوات طوال، وكان أبرز ملامحها تطرف الحركة ومعاداتها لليهود كونهم يهودا.

ونبه عوض إلى أن الوثيقة هدمت الصورة النمطية التي زرعها الاحتلال في وجدان الغرب عن الشعب الفلسطيني وحركة حماس بأنهم "إرهابيون"، ووجد الاحتلال أيضًا نفسه يقف أمام لغة عالمية إنسانية رفيعة تخاطب الغرب وتكسر روايته.

وذكر أن الوثيقة فتحت أبوابًا مغلقة مع العالم بلغتها الانفتاحية وتقبلها وتفهمها للواقع، وهو ما لم تُرده (إسرائيل)، مشيرًا إلى أن الأخيرة ستنزعج في حال حققت الوثيقة أهدافها تجاه الغرب، لأنها وفقا للمحلل السياسي عوض لن تجد "شيطانا" تسوق على أنها تحاربه.

وأكد عوض أن دولة الاحتلال لن تقبل أن تكون حركة حماس عنصرًا يشكل الرأي العام السياسي العربي والدولي عبر طروحاته ومواثيق يقدمها كما الحال في الوثيقة الأخيرة، وأنها لن ترضى أيضا إلا بحركة وحتى شعب لا يقول إلا أن الاحتلال هو نعمة، ودولة ناعمة جاءت لتخلصنا من المرض والجهل، وأن نعمل كوكلاء أمنيين واقتصاديين لها.