فلسطين أون لاين

محمد ضاهر.. الورقة والقلم "طبيب" "يعالج أوجاعه"

...
غزة-هدى الدلو:

بيده المصابة بضمور في أطرافها، تمالك القلم للتعبير عن ثورة عارمة بداخله، لا يعرف من الذي أشعلها ولكنها دفعته للتغلب عن وضعه الصحي، لتصبح الورقة والقلم طبيبًا معالجًا لأوجاعه وآلامه.

الشاب محمد ضاهر (20 عامًا)، من مدينة غزة، اكتشف موهبته في الرسم، ولم يسمح لوضعه الصحي الذي يعانيه منذ الولادة أن يعرقل طريقه في كشف النقاب عن إبداعاته في الرسم والعمل على تطويرها.

مشكلات وصعوبات في التوازن الجسدي، وضعف الجهاز المناعي، وعدم تطابق حجم يديه حيث تكون واحدة أصغر من الأخرى بشكل ملحوظ بسبب عدم وجود أعصاب فيها، وهو ما يسمى بضمور في الأطراف، وانحناء في العمود الفقري، إلى جانب عدم قدرته على ممارسة الأنشطة البدنية لفترات طويلة، هكذا ولد محمد.

لكنه يقول لصحيفة "فلسطين": "الجميل في الأمر هو تقبل والدي لحالتي الصحية، فكانوا بجانبي منذ صرختي الأولى في الحياة حتى اليوم، فكان لذلك الأثر الإيجابي على نفسيتي في تقبلها وتجاوزها في المراحل العمرية".

لم يستطع محمد ممارسة حياته كما الأطفال الطبيعيين، بالكاد كان يستطيع أن يذهب لمدرسته، فدائمًا عليه زيارة المستشفيات ومراجعة الأطباء، وإجراء بعض العمليات الجراحية.

في عمر 12 عامًا اكتشفت ضاهر موهبته في الرسم بمساعدة أهله وأصدقائه في المدرسة، والذي اعتبرها النور التي أضاءت حياته، فبدأ ممارستها بنهم غاضًّا الطرف عن أوجاعه وآلامه.

"كنت أحب حصة الرسم حيث إنها تلبي شغفي، وكان أصدقائي يعاصرون ذلك فيدفعهم ذلك لطلب بعض الرسومات مني وأقوم بتنفيذها، فانبهارهم بها شجعني على الاستمرار والمشاركة في مسابقات مدرسية"، يتابع حديثه.

انحناء عموده الفقري لم يظهر منذ ولادته، بل عندما أصبح عمره تقريبًا 14 عامًا، فكان يتعب عندما يمشي ويؤثر في طريقته في المشي، وكذلك الضمور، ولكن في بعض الأحيان لا ينصت لأوجاعه ما دام بإمكانه أن يمارس موهبته.

عمل محمد على تطوير ذاته باللجوء إلى موقع يوتيوب ومشاهدة بعض مقاطع الفيديو الخاصة بالرسم، ليقتحم عالم التفاصيل بشكل أكثر دقة، وبدأ الرسم بأدوات بسيطة، وبعد أن أتقنه أحضر الألوان والأقلام بأنواعها المختلفة ليتحدث فيها عن قضية فلسطين والفقراء والشهداء، وغيرها الكثير من القضايا التي يمكن أن أدونها بالرسم.

ووضعه الصحي عانده هذه المرة ووقف في وجهه لاستكمال مرحلة الثانوية العامة، والتي يأمل أن يكملها بعد أن يطرأ تحسن عليه، ليلتحق بالجامعة بتخصص لا علاقة له بالرسم، فيشير إلى أن الموهبة لا علاقة لها بالمجال التعليمي، فلكل واحد منهما مسار عليه تطويره بشكل الذي يناسبه.

ويبين محمد أنه أجرى عدة عمليات جراحية في يديه والعمود الفقري لتخفف من معاناته، لتظهر له مشكلة أخرى وهي ضعف الوزن والذي يبلغ 41 كيلوجرامًا.

في الحجر المنزلي بسبب كورونا، حاول أن يستثمر وقته في تطوير موهبته بشكل أكثر ومتابعة مقاطع فيديو، ورسم العديد من الرسومات، ويعمل خلال الفترة القادمة على إنشاء قناة يوتيوب لعرض موهبته عليها ورسوماته.

ويأمل أن يصبح فنانا تشكيليا مشهورا يستطيع من خلاله أن يحقق ذاته، ويرفع اسم وطنه قبل اسمه عند فوزه بمسابقات دولية، وأن يوصل رسالة بأن لا شيء يعوق الإبداع والتميز طالما امتلك الشخص الإرادة والعزيمة.