قائمة الموقع

كمامة وقياس حرارة وتعقيم.. هكذا عاد الأطفال إلى رياضهم

2020-11-17T11:31:00+02:00

نزل الأطفال من الباص، اصطفوا في طابور بينهم مسافات متباعدة، عند باب الروضة الواقعة جنوب غرب مدينة غزة، وقفت الممرضة تصوب جهاز الحرارة على جباههم، وبعدها ترش بعضًا من الكحول على أيديهم ثم تطلب منهم فركها جيدًا قبل الولوج إلى صفوفهم.

على جنبات الممرات المؤدية إلى الصفوف علقت لوحات إرشادية توضح سبل الوقاية عن طريق الصور والتي تسهل على الأطفال فهمها، وزع الأطفال على الصفوف كل واحد على طاولة ووضعوا عليها معقم اليدين ملتزمين ارتداء كماماتهم.

على دفتر الرسم أخذت غزل الحطاب ترسم الغيوم على عرض الصفحة وتحتها علم فلسطين، اندمجت في إكمال رسمتها، قبل ردِّها عمَّا إذا كانت خائفة من العودة إلى مقاعد الدراسة بسبب "كورونا"، لتجيب: "بحب الروضة ومش خايفة من كورونا".

وتقول غزل (خمسة أعوام) التي تقطن حي الشعف شرقي مدينة غزة: "أرتدي كماماتي وأغسل يدي بالصابون بعد الأكل واللعب".

أما الطفلة شام فرحات التي التزمت ارتداء كمامتها زهرية اللون والمتناسقة مع قميصها الوردي، لم تستغرب عودتها الاعتيادية للروضة ولكنها لم تكن معتادة الإجراءات الاستثنائية التي رافقتها، وهي جهاز قياس درجة الحرارة.

شام فاجأت والدتها بدرجة وعيها حينما أخبرتها أن "المس" في الروضة ستقيس درجة حرارة الأطفال، فإذا كانت جيدة ستدخلهم، ومن كان مريضًا ستعيده إلى بيته بسبب كورونا.

تقول شام التي كانت ملامح الفرحة جلية على وجهها لصحيفة "فلسطين": "عدت إلى الروضة لأني اشتقت للعب من أصدقائي، وللرسم والتلوين، وكذلك اللعب بالطينة والأراجيح".

واستأنفت وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة المرحلة الثالثة من العودة الآمنة للمدارس تدريجيًّا وفقًا لظروف كل مديرية من مديريات التعليم.

"السلام بالكوع"

على السبورة خطت المعلمة إيناس البردويل وهي ترتدي قناعًا بلاستيكيًّا شفافًا وكمامة، باللون الأصفر حرف "A" وأخذت تردده مع طلابها بصوت هز جدران الصف.

ثم انتقلت لتذكيرهم بإجراءات الوقاية من ارتداء الكمامة والتعقيم، وبعدها توقفت لتسألهم عن طريق السلام في ظل كورونا بصوت جماعي ردوا "بالكوع" وأخذوا يشيرون إليه.

تقول إيناس، معلمة التمهيدي: " قبل أيام أرسلنا رسائل نصية للأهالي عبر هواتفهم النقالة بضرورة إرسال معقم مع أطفالهم، والتشديد على ارتداء الكمامات، ومع أول يوم عودة لهم توجهت المعلمات مع الأطفال لتعليمهم طريقة غسل اليدين الصحيحة بالماء والصابون".

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين"، تضيف إيناس: "رغم هذه التخوفات ولكن العودة إلى مقاعد الدراسة أمر حتمي بل وضروري لأطفال الروضة والبستان لأنهم في مرحلة تأسيس، وغيابهم سيعمل على تراجع مستواهم ونسيانهم لكثير من الأساسيات منها طريقة الإمساك بالقلم".

وتلفت إلى أن العديد من المجتمعات تعيش حاليًّا في مرحلة "التعايش مع كورونا" لتستمر عجلة الحياة فلا أحد يستطيع التنبؤ بموعد انتهائها.

وبشأن الأمهات اللاتي رفضن إرسال أطفالهن إلى الروضة خوفًا من انتقال العدوى الفيروس إليهم، تطمئنهم البردويل بأن المعلمات سيكُنَّ حريصات على الأطفال الذين في الأساس مناعتهم أقوى من الكبار ونسبة قليلة منهم يمكن أن يصاب، فسلامتهم من سلامة معلماتهم.

وفي صف آخر أمسكت المعلمة هبة العجلة أوراق بدرسها الأول بعد فترة انقطاع بسبب كورونا حتى توزعها على طلابها الـ10 بعد أن تقلص عددهم من أصل 25 طالبًا ليحلوها معًا.

وتثني المعلمة هبة في حديثها مع صحيفة "فلسطين" على درجة وعي الأطفال بالوضع الراهن وهذا مرده دور الأهل في توعيتهم وتثقيفهم، قائلة: "قصروا علينا الطريق فنحن بين الفينة والأخرى نذكرهم بإجراءات الوقاية حتى لا ينسوا".

وتشير إلى أنها بدأت في المنهاج من حيث انتهت قبل اغلاق الروضة بسبب كورونا، لأنها ستراعي كل الظروف المحيطة بالأهالي والذين لم يتمكن بعضهم من متابعة دروس التعليم الإلكتروني التي بدأتها الروضة منذ اليوم الأول للإغلاق، في أغسطس/آب.

وفي أثناء اندماج الأطفال في تلوين رسوماتهم كسر الصمت صوت عطسة طفلة، أسرعت المعلمة إلى مرافقتها إلى الخارج لتغسل يديها، وقياس الممرضة درجة حرارتها مرة أخرى للتأكد من سلامتها.

على باب الروضة وضعت لافتة توضح إجراءات الوقاية وفق البروتوكول التي أقرته وزارة التربية والتعليم وبجانبه عبوة معقم، ورجاء من الأهالي بعدم زيارة الروضة في الوقت الحالي.

مالكة إحدى رياض الأطفال وجدان دياب، تؤكد أنها التزمت برتوكول وزارة التربية والتعليم باتخاذ اجراءات الوقاية، وتوظيف ممرضة لمتابعة الأطفال وقياس درجة حرارتهم، إضافة إلى طبيبين آخرين، واقتصار عدد الطلبة في الباص الواحد على 15 طفلًا بدلًا من 25 قبل الجائحة.

وتلفت دياب إلى أنها حصلت على كشف بأسماء الأسر المصابة أو المخالطين، و"اعتذرنا منهم بعدم استقبال أطفالهم في الوقت الراهن".

وتشير إلى تخوف بعض الأهالي من إرسال أطفالهم للتعليم الوجاهي، لحذرهم من تسجيل أعداد إضافية بفيروس كورونا في قطاع غزة.

لكنها تتابع: "مضطرون إلى التعايش مع الفيروس، وما علينا إلا الحذر والالتزام بإجراءات الوقاية فسلامة الأطفال من سلامتنا لأننا نتعامل معهم مباشرة".

و"مرحلة التمهيدي مهمة في تأسيس الطفل على القراءة والكتابة قبل انتقاله للمدرسة، وضياع السنة الدراسية سينعكس سلبًا على استعدادهم الكافي للانتقال إلى مرحلة الابتدائي"، وفق حديثها.

وترى ضرورة إلحاق الأهالي أطفالهم بالتعليم الوجاهي، "وعدم إهماله، وترك الأطفال فريسة للهواتف الذكية وأفلام الكرتون والتلفاز"، كما تقول.

اخبار ذات صلة