سماء حمراء، بحر أسود هائج، شخص يقف على الجسر يصرخ، قبله يقف شخصان يرتديان الكمامة الواقية، لوحة فيها صرخة تدل على "الرعب" الذي يعيشه سكان الكرة الأرضية من فيروس "كورونا".
اقتبست الرسامة مطيعة السمري فكرة هذه اللوحة ولكن ببصمة خاصة أضفتها عليها، من لوحة "الصرخة" وهي اللوحة الفنية الأشهر بعد الموناليزا، رسمها الفنان إدفارت عام 1893.
كانت لوحتها وواحدة أخرى من ضمن لوحات أخرى شاركت في معرض الفن التشكيلي "كورونا والفن" الذي نظم في قرية الفنون والحرف التابعة لبلدية غزة.
تقول مطيعة (25 عاما) الحاصلة على بكالوريوس فيزياء إلكترونية: "أضفت لمستي على اللوحة برسم شخصين يلبسان الكمامات لونتهما باللون الأسود، للدلالة على أن الفيروس تخطى جميع المخاوف التي عاشها الإنسان في حياته، يتغلغل بسرعة في الأنحاء، ويخشى الناس الإصابة به".
وتبين لصحيفة "فلسطين" أن مشاركتها في المعرض تثبت وجودها كفنانة، وتكون جزءا من رسالة المعرض في توعية الناس من خطورة الفيروس وضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية.
ممرضة تلبس كمامة تحمل بين يديها ضمة من الورد تتوسطها وردة بيضاء كبيرة، رسمت بألوان زيتية زاهية مفعمة بالحيوية، تجسد واقعا فرضته جائحة كورونا من التزام بإجراءات الوقاية لكي تستمر الحياة بلا أي ألوان قاتمة.
هذه اللوحة كانت بأنامل الرسامة حمدية المقيد، وهي صورة لإحدى الممرضات ولكن أضفت عليها لمستها الخاصة بإبراز الوردة البيضاء لترمز فيها إلى الحياة.
حمدية (34 عاما) مدرسة فنون جميلة، ظهرت ملامح موهبتها وهي طفلة صغيرة، مع الوقت قامت بتنميتها وتطويرها حتى كللت ذلك بدراسة الفنون في الجامعة.
تقول حمدية لصحيفة "فلسطين": "اللوحة تحمل أملا عبرت عنه برسم الوردة البيضاء، والتي توحي بالحياة، وتحمل رسالة سامية بضرورة الحفاظ على صحة المجتمع من خلال اتباع لبس الكمامة واتباع إجراءات الوقاية".
وتضيف: "تعمدي التركيز على الممرضة لأنها هي المسئولة عن صحة الناس وسلامتهم، ودور طاقم التمريض الكبير في المجتمع في حث الناس على الالتزام بإجراءات الوقاية".
في الناحية المقابلة للوحة حمدية، كانت هناك لوحة رسمها أحمد زيدان بقلم الرصاص لوجه ممرضة تلبس كمامتها ويلفها غصن شجرة.
أحمد (18 عاما) الرسم هواية بالنسبة له، لأول مرة يشارك في معرض فني، ويبدع في رسم لوحة خاصة بالرسالة التي يحملها المعرض وهي التوعية من الإصابة بفيروس "كورونا".
الشاب الذي يقطن في جباليا شمال قطاع غزة، شبه الممرضة بـ"سوبر مان" الذي يتصدى ويقاتل الفيروس وتعرض حياتها للخطر للحفاظ على حياة الآخرين، وينبت من خلفها غصن أخضر للدلالة على استمرار الحياة.
يقول أحمد لـ"فلسطين": "مشاركتي الأولى في المعرض هي تحفيز لي للاهتمام أكثر بتطوير موهبتي في الرسم، وابتكار أفكار جديدة".
ويردف: "الوجود في المعرض يزيد من حصيلتي المعرفية بالفنانين التشكيلين وتبادل الخبرات معهم والتعرف إلى نقاط الاحتراف عند كل واحد منهم، ونسج علاقة مع الفنانين، وتعريف الجمهور بفني أيضا".
ولوحة أخرى حملت مضمونا آخر مختلفا عن الآخرين، تصور الحياة الاجتماعية للأسرة الغزية، الأم ترتدي الثوب الفلسطيني التقليدي، والأب يتوشح الكوفية، يحتضنان طفليهما البادية ملامح الخوف على وجهيهما، وهم يرتدون الكمامات الطبية الواقية، الشمس في زاوية اللوحة تستطع نورا، والصبار في الزاوية السفلية منها.
فكرة اللوحة أبدعت فيها الرسامة نهى مراد (39 عاما) وهي معلمة فنون من مدينة غزة، تشرح تفاصيلها لـ"فلسطين": "لوحتي مثلت الأسرة الفلسطينية خاصة في قطاع غزة، تعيش تحديات كبيرة من حصار وأوضاع اقتصادية صعبة تأتي "كورونا" لتزيدها تعقيدا".
ارتأت نهى وضع الصبار في الصورة لتدلل على صبر سكان القطاع، الذين يحاولون جاهدين بث الأمل في نفوس أطفالهم وتبديد مخاوفهم بالتخفيف من الضغط النفسي الذي يعيشونه في ظل استمرار تفشي "كورونا"، ويستمرون في إكمال حياتهم.