فلسطين أون لاين

​رحيل صامت لفنان ثائر

...
لوحة بعنوان التهجيــر - من أعمال الفنان بشير السنوار
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

بصمت رحل الفنان بشير حسين السنوار (75 عامًا)، بعدما امتلأ أرشيف حياته بسلسلة لا متناهية من الإنجازات على الصعد الفنية جميعًا، داخل الوطن فلسطين وخارجه.

وتميز السنوار الذي توفي في الثامن من الشهر الماضي نيسان (أبريل) بالتصاق ريشته وألوانه بالأرض الضائعة، وحراك الفلاحين، وحيوية الشباب، وتخليد مأساة شعبه منذ نكبة 1948م، حتى باتت لوحاته أشبه بتسجيل ليوميات الفلسطيني في كل وقت وحين.

وفي منتصف عام 2010م نشر السنوار جزءًا من مذكراته، حيث عرف عن نفسه بالقول: "كنت في السادسة من عمري عام 1948م عندما سرت بقدمي الصغيرتين من بلدي المجدل إلى غزة، لتبدأ عملية اللجوء والرحيل عن الوطن، وجرت مأساة شعبي في عروقي وملأت كياني".

وأضاف: "بعد أن ألقينا عصا الترحال وضمتنا خيام اللجوء دخلت المدرسة، وفي التاسعة من عمري ظهرت لدي موهبة الرسم بمساعدة جدي الحاج عبد الله، الذي كان يحضر لي المجلات المصورة والألوان، ويطلب مني رسم بعض صورها، ثم أخذت الموهبة تنمو وتكبر".

ومثلما تجرع الفنان الراحل مرارة الاحتلال في صغره تجرعها ثانيًا في شبابه، عندما صادرت قوات الاحتلال سبعين لوحة زيتية ومئات "الإسكتشات" الخاصة به، عند احتلالها قطاع غزة عام 1967م، وأقامت بهذه اللوحات معرضًا دائمًا مدة ثماني سنوات متتالية، بعد أن نسبتها إلى فنانين إسرائيليين.

بدوره عد الوكيل السابق لوزارة الثقافة مصطفى الصواف رحيل الفنان بشير السنوار خسارة جمة للحركة الفنية الفلسطينية، مشيدًا في الوقت نفسه بالإرث الجمالي والإنساني والوطني، الذي تركه السنوار للتاريخ والأجيال الناشئة.

وقال الصواف في حديثه لصحيفة "فلسطين": "لقد فقدنا قامة فنية لعبت دورًا بارزًا في خدمة القضية والمأساة الفلسطينيتين، فأعماله جسدت مراحل الألم والمعاناة الفلسطينيين، ونجحت في تجسيد الواقع بكل تفاصيله ومعالمه".

واستذكر الصواف تفاصيل زيارته الأخيرة إلى الفنان الراحل في بيته، إذ علق على ذلك: "لقد ذهلت منذ الدقائق الأولى بإنجازات السنوار في مختلف المجالات، ولوحاته المرصوصة في أركان البيت، وقدرته على الغوص في أعماق الفكرة والتعبير في أنساق واقعية".

يذكر أن السنوار عمل في سلك التعليم مدرسًا لمادة التربية الفنية في مدارس غزة ما بين عامي 1965 و1977م، ثم رسامًا أول بإدارة الوسائل التعليمية في دولة الإمارات العربية المتحدة ما بين عامي 1977م و1994م، وفي مركز تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم والشباب بالإمارات أيضًا.