قال مجلس منظمات حقوق الإنسان، إنه ينظر بخطورة بالغة إلى استمرار تحلل دولة الاحتلال من التزاماتها القانونية الناشئة عن أحكام القانون الدولي، ومُعاهداته الناظمة لحقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة 1949م، التي أناطت بالدولة الحاجزة مسؤولية حفظ وحماية النزلاء، من خلال الالتزام بالشروط المعيارية كافة، والتي من شأنها تمكين الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من التمتع بحقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي.
ودعا المجلس، في بيان له وصل "فلسطين أون لاين" اليوم الخميس، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة، واتخاذ الإجراءات التي من شأنها تفعيل أدوات المساءلة والمحاسبة بحق مرتكبي الانتهاكات الإسرائيلية، وإلزام دولة الاحتلال على احترام المعايير الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم.
وأضاف أنه على نحو يُخالف أحكام القانون الدولي ومبادئه المُستقرة، تتواصل الإجراءات والسياسات الإسرائيلية على المستويات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والتي أفضت إلى انتهاك حقوق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وطالت إلى جانب حقوقاً أخرى حقهم في الحياة.
وأعلن مساء أمس الأول الموافق 10/11/2020 عن استشهاد الأسير كمال نجيب أمين أبو وعر، 46 عاماً، في مستشفى "أساف هاروفيه"، وهو من سكان محافظة جنين، وكان يقضي عقوبة السحن المؤبد 6 مرات إضافةً الى 50 عاماً، مُتنقلاً بين السجون الإسرائيلية.
وكان الأسير أبو وعر يُعاني من سرطان في الأحبال الصوتيّة في الحنجرة منذ بداية عام 2019، وخضع للعلاج الكيميائي والإشعاعيّ بواقع 36 جلسة، حتى أُعلن عن شفاؤه في نيسان 2020، ليُكتشف إصابته بورمٍ سرطانيّ جديد في الحنجرة منذ حوالي شهر، وخلال الشهر الماضي، تدهور الوضع الصحيّ للأسير أبو وعر، إذ فقد القدرة على الكلام وتناول الطعام.
وفي شهر تموز الماضي، أجرى أبو وعر عمليّة جراحية لإدخال أنبوب يساعده على التنفس في الحلق، وبعد انتهاء عمليّته اُكتشفت إصابته بفايروس كوفيد - 19، وحُجِر في عيادة سجن الرملة خلال الفترة 9/7/2020- 29/7/2020.
ويتعرض الأسرى الفلسطينيون إلى أنماط مختلفة من الانتهاكات التي تمس بالمبادئ المُستقرة بموجب قواعد القانون الدولي، حيث يُحرمون من حقهم في ضمانات المحاكمة العادلة، سواء عند خضوعهم للاعتقال الإداري و/أو المحاكم العنصريّة بشقيّها العسكريّة والمدنيّة، نظراً لما تُتيحه التشريعات الإسرائيلية للجهات القضائية من صلاحيات غير مشروعة، كعدم إبلاغ الأسرى بالتهم المنسوبة إليهم، ومنعهم لقاء بمحامِ قبل أو أثناء التحقيق.
كما يعاني الأسرى من استمرار سياسة الإهمال الطبي، والتباطؤ في عرض المرضى منهم على الأطباء، وتصاعدت وتيرة المخاطر الطبية بعد انتشار وباء كوفيد - 19، في صفوفهم، بالرغم من النداءات المتكررة التي أطلقتها منظمات حقوق الإنسان والمُتصلة بوجوب اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير ذات العلاقة بمكافحة انتشار الوباء، وبخاصة مع استمرار حالة التكدس القائمة في السجون الإسرائيلية.
ويُعاني الأسرى من استمرار الانتهاكات المُتصلة بحقوقهم الأخرى، والتي دفعتهم في مرات عديدة إلى خوض إضرابات مفتوحة عن الطعام، احتجاجاً على سوء الأوضاع التي يواجهونها، وبالرغم من ذلك فإن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية تحللت في كل مرة، من الاتفاقات التي أنهى بموجبها الأسرى إضراباتهم.
وقال المجلس "عانى الشهيد أبو وعر، أثناء رحلة علاجه من مرض السرطان في مرّته الأولى من معاملة قاسية ولا إنسانيّة، حيث كان ينُقل مكبلاً باليدين والرجلين من سجن جلبوع، حيث يقبع، الى المستشفى بسيارة مصلحة السجون، ويبقى أثناء علاجه وخلال تواجده في المستشفى مقيداً على السرير، وحُرم أبو وعر من رؤية عائلته، فمنذ اكتشاف مرضه وحتى استشهاده لم تتمكن العائلة من زيارته مرّة واحدة، بل كانت تحصل على أخباره من زيارة المحامين له".
وأعرب المجلس، عن قلقه الشديد على حياة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين نظراً لاستمرار غياب الحماية المُقرة بموجب أحكام القانون الدولي، وبخاصة في ظل انتشار وباء العصر، فإنه يُحمل دولة الاحتلال المسؤولية القانونية عن استشهاد الأسير أبو وعر، ويطالب المجلس بالإفراج عن جثمان الشهيد أبو وعر ليواري الثرى. كما يُطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة للوقوف على حادثة الوفاة، تمهيداً لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية.