فلسطين أون لاين

تقرير الأسير "أبو وعر".. نال الشهادة ثابتًا على المبادئ

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني

حتى عقب استشهاده لم يسلم الأسير المريض كمال أبو وعر من حقد الاحتلال الإسرائيلي الذي احتجز جثمانه، لكونه لم يفارق ساحات النضال وهو حر، ولم يستسلم أو ينكس الراية رغم مرضه وهو في زنازين الاحتلال، حيث لم يفت ذلك من عضده وظل ثابتًا على مبادئه الوطنية رافضًا استجداء الاحتلال للإفراج عنه، كما يؤكد مقربون منه.

واستشهد الأسير كمال أبو وعر أول من أمس في مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي بعد تدهور حالته الصحية من جراء معاناته من مرض السرطان، فيما أكدت جمعية واعد للأسرى أمس الأربعاء أن الاحتلال يرفض تسليم جثمانه.

مقارعة الاحتلال

أمين أبو وعر شقيق بين أن شقيقه "46 عامًا" كان من كوادر كتائب شهداء الأقصى حيث انبرى لمقارعة الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى "عام 2000"، في بلدة قباطية قضاء جنين، إلى أن داهم الاحتلال البلدة عام 2003، قاصدًا اعتقاله وزميله محمد أبو الرب فاقتحم المنزل الذي كانا يتحصنان فيه.

ووجه الاحتلال له تهمة "المشاركة في عمليات فدائية" وحكم عليه بالسجن المؤبد 6 مرات و50 عامًا، مؤكدًا أن كمال منذ نعومة أظفاره يتمتع بقيم وطنية عالية وانتماؤه لفلسطين عميق.

في نهاية عام 2019 أصيب الأسير أبو وعر بسرطان الحنجرة وتفاقم وضعه الصحي -كما يبين شقيقه- وخضع لرحلة علاج في المستشفيات الإسرائيلية لكن لم يطرأ أي تحسن على وضعه الصحي، ليُصاب لاحقًا -في شهر يوليو الماضي- بفيروس كورونا الأمر شكل انتكاسة لوضعه الصحي.

يقول شقيقه لصحيفة "فلسطين": "لقد أنهك "كورونا" بنيته الجسمانية فلم يعد هناك أي استجابة للعلاجات الخاصة بالسرطان"، ورغم الحملة التي قادها ذووه ومؤسسات حقوقية تُعنى بشئون الأسرى للمطالبة بإطلاق سراحه بسبب وضعه الصحي الصعب إلا أن الاحتلال لم يستجبْ إطلاقًا.

وأضاف أبو وعر: "لم يكتف الاحتلال بعدم الإفراج عنه بل رفض السماح لنا بزيارته حيث كانت آخر زيارة في شهر مارس الماضي، (..) وقبيل أربعة أيام من استشهاده منحوا شقيقتي إذن زيارة وبعد أن وصلت لسجن مستشفى الرملة منعوها من الدخول له بزعم أن وضعه الصحي لا يسمح بذلك".

وأشار إلى أن جميع الجهود التي بذلتها الجهات الرسمية والحقوقية المحلية والدولية للإفراج عنه لم تؤتي ثمارها، مستدركًا بالقول: "لكننا حتى قبيل استشهاده بساعات كانت الأخبار التي تأتينا من "هيئة شئون الأسرى" ومن داخل السجن تفيدنا بأن وضعه مستقر، فنزل خبر استشهاده علينا كالصاعقة".

نضال جديد

ولم يتوقف نضال العائلة باستشهاد كمال بل دخلوا الآن في مرحلة نضال جديدة عنوانها مطالبة الاحتلال بتسليم جثمانه حيث لا تلوح في الأفق أي بوادر لذلك، يقول أبو وعر "نخشى أن يتم احتجازه كما جرت العادة لدى الاحتلال في التعامل مع جثامين الأسرى الشهداء مؤخرًا، نظمنا اليوم (أمس الأربعاء) اعتصامًا بمشاركة المؤسسات المعنية للمطالبة بالإفراج عن الجثمان وسنستمر في نضالنا حتى تسليمه".

فيما يؤكد ابن عمه بلال أبو وعر أن الشهيد كمال عاش مناضلًا ومات مناضلًا، وقال: "قبل استشهاده بأسبوع أخبرنا برفضه لفكرة الحملة التي نقوم عليها للمطالبة بإنقاذ حياته"، معتبرًا أن فيها استجداء للاحتلال وهو الأمر الذي يرفضه.

وأضاف: "كمال كان جبلًا من جبال فلسطين ولم يتزحزح في لحظة من تاريخه عن عمله النضالي فظل حتى استشهاده صلبًا قويًا يمتلك هدفًا وإصرارًا وانتماء لبلده ولكل شيء فلسطيني فاعتقل واستشهد وهو ثابت على المبادئ".

ويتابع ابن عم الشهيد: "كان كمال طوال عمره يتمنى الشهادة فقد تفاجأنا بأنه قد اعتقل حيث كنا في أي لحظة نتوقع استشهاده، لكن الاعتقال لم يفت في عضده وظلت معنوياته عالية جدًّا، برغم الحكم الكبير الذي أوقعه الاحتلال عليه".

ويشير إلى أنّ مَنْ عاشروه من الأسرى المحررين كانوا يأتون لذويه بعد خروجهم من السجن يؤكدون لهم أنهم كانوا يستمدون صمودهم في الزنازين من الشهيد كمال، وأنه كان إنسانًا وحدويًا ووطنيًا بكل معنى الكلمة لا يهادن بأي حق لأسير أو معتقل.

ويضيف: "أخيرًا نال كمال الشهادة التي كان يتمناها وهو ثابت على مبادئه الثورية، والآن يحاول الاحتلال الاقتصاص منه باحتجاز جثمانه الأمر الذي يدل على حقده على كل إنسان وطني".