فلسطين أون لاين

في مرحلة التمهيدي.. هذه مسؤولية الأهل لتهيئة أطفالهم علميًّا

...
غزة-هدى الدلو:

تعجز والدة الطفل وسيم مراد (خمسة أعوام) عن إقناع ابنها بكتابة بعض الصفحات لحرف الصاد متحججًا بأن معلمته لم تكتب له واجبًا بيتيًا، وأنه لم يتلقَّ ذلك في دوام وجاهي برياض الأطفال، فيقضي وقته في اللعب والمرح مع إخوته، أو على الهاتف المحمول.

تقول والدته: "طفلي لا يقتنع بجدية نظام التعليم الإلكتروني، بالنسبة له الهاتف المحمول للعب ومشاهدة فيديوهات الرسوم المتحركة، والعام القادم سيلتحق بالمدرسة وقد لا يكون أتقن الحروف الأبجدية والأرقام قراءة وكتابة".

تراجع الأم معه ما تعلمه في الروضة من حروف وأرقام تجده يتذكر بعضها وأخرى كأنها لم يمر عليها من قبل، متسائلة في "دردشة" مع صحيفة "فلسطين": "كيف أتعامل معه؟".

أما الطفلة ميرا سالم في مرحلة التمهيدي برياض الأطفال، فتقول والدتها: "لدي أربعة من الأبناء وبالكاد أجد وقتا لأتتبع المهام الموكلة لهم (...) تخيلوا كل واحد لديه عدة مواد بواجبات ونشاطات".

وتشير إلى أنه في حال تواصلت معها معلمتها بشأن متابعتها فإنها تجتهد مع طفلتها بعمل نشاطات، وأحيانًا تضطر لفرض عقوبات عليها لتقوم بها.

وفي إثر تسجيل حالات بفيروس كورونا في قطاع غزة في أغسطس/آب، أغلقت رياض الأطفال كإجراء وقائي.

لكن أول من أمس، أعلنت مديرية تعليم غرب غزة انتهاء الاستعداد لاستئناف الدراسة في رياض الأطفال بمناطق المديرية. وأكد د. عبد القادر أبو علي مدير التربية والتعليم أن مرحلة رياض الأطفال بحاجة إلى المزيد من الحرص لا سيما في التعامل مع الأطفال في تلك المرحلة العمرية، مؤكدا استعداد المديرية وجميع المديريات للعودة الآمنة لرياض الأطفال.

كما أعلن مدير عام الشؤون الإدارية في "التربية والتعليم" بغزة رائد صالحية، في تصريحات صحفية، إعادة فتح رياض الأطفال السبت المقبل، وفق إجراءات السلامة والوقاية.

ظروف استثنائية

بدوره يقول أستاذ المناهج المشارك في الجامعة الإسلامية بغزة د. داود حلس: العام الدراسي الجديد بدأ في ظروف استثنائية مستمرة شكلًا ومضمونًا بفعل استمرار كورونا وتأثيراتها المباشرة على التعليم والتداعيات التي أفرزتها بإغلاق المدارس لفترة.

ويشير في حديث مع صحيفة "فلسطين"، إلى أن هذه الظروف الاستثنائية جعلت أولياء أمور الطلبة –فترة إغلاق المؤسسات التعليمية بسبب الجائحة- في حيرة من أمرهم، وتساؤلات لا يجدون لها إجابة عن كيفية تقييم أبنائهم؟ وكيف يتابعون طلبة الصفوف الأولية تعليمهم؟ وماذا تصنع الأسرة ذات الدخل المحدود والأعداد الكبيرة من الأبناء؟ وغيرها.

ويوضح حلس أن سر نجاح عمليتي التعليم والتعلم يكمن حقا في تعاون الأسرة والمؤسسة التعليمية معًا، ودون ذلك لا يمكن أن يتحقق الهدف المنشود؛ فالتعليم عن بعد يحتاج لتغيير في ثقافة المجتمع لا سيما طريقة التعليم الإلكتروني، والأسرة تتحمل العبء الأكبر من المسؤولية تجاه تعليم أبنائهم في ظل هذه الأزمة بتحويل مكان في البيت إلى غرفة صفية لتوفير بيئة تعليمية جاذبة آمنة للأبناء.

ويلفت حلس إلى أنه ليس شرطًا أن يخرج الطفل من مرحلة التمهيدي وهو متقن لكتابة الحروف والأرقام، بل يجب تدريبه على الاستعداد للقراءة والكتابة، ويحتاج الطفل للتمييز السمعي والبصري.

ويتابع: " لا يحتاج الأطفال في هذه المرحلة للتعليم الالكتروني، بل إلى جهود الأسرة والقيام بدورها في تعليمه الاستعداد للقراءة والكتابة، والبيئة التعليمية البيتية المتمثلة بدور الأم ومن ثم الأب في متابعة أبنائهم".

وينبه حلس إلى أن ذلك يحتاج إلى برامج توعوية للأسر لكيفية التعامل مع أطفالهم في تلك المرحلة، ولقاءات إرشادية لأولياء الأمور عبر التقنيات الحديثة.

ويشير إلى أن هؤلاء الصغار الذين يحتاجون لوقت أطول في حل الواجبات تلزمهم عناية أكبر من الأطفال في المدرسة، ويجب أن ينتبه الأهل إلى أن الطفل في الصف الأول لا يستطيع الجلوس على الكتاب بتركيز أكثر من 15 دقيقة، فكيف بالطفل في مرحلة رياض الأطفال؟

ويوضح حلس أن تعليم الطفل في تلك المرحلة يتم من خلال الأنشطة وليس التلقين، ولا بد من تنوع النشاطات حتى يزول الملل، كالكتابة والتلوين واللعب وغيرها.

ويردف أن هذه الظروف الاستثنائية لها إيجابية في إدراك أولياء أمور الطلبة لمَواطن ضعف أبنائهم، لتصبح الأسرة العنصر الأساس في التعاون مع المدرسة في معالجة هذه الصعوبات والتشاور في كيفية تذليلها، والاهتمام بإدارة الوقت في أثناء التعليم الافتراضي وحتى لا يشعر الأبناء بالانقطاع الدراسي.

ويشار إلى أن وزارة التربية والتعليم في غزة أعلنت الأحد الماضي، استئناف المرحلة الثالثة من العودة الآمنة للمدارس تدريجيا وفقاً لظروف كل مديرية من مديريات التعليم.