توقع محللان سياسيان أن تقدم السلطة الفلسطينية على التراجع عن قراراتها بوقف "التنسيق الأمني" وعدم استلام أموال المقاصة، عند فوز المرشح الأمريكي جو بايدن بكرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان عضوا اللجنة المركزية لـ"فتح" عزام الأحمد وجمال محيسن، أكدا في تصريحات منفصلة أن رئيس السلطة محمود عباس ينتظر بترقب مخرجات الانتخابات الأمريكية القائمة، الأمر الذي يفسر تجميد الخطوات الماضية نحو تحقيق المصالحة الوطنية.
في حين كشفت وكالة "أسوشيتدبرس" أن رئيس جهاز مخابرات السلطة اللواء ماجد فرج، تعهد للمرشح الأمريكي جو بايدن خلال برقية أرسلها لمكتبه، باستقبال أموال الضرائب من (إسرائيل) والاستمرار بالتنسيق الأمني والمدني معها في حال فوزه بالانتخابات القائمة.
التغول الإسرائيلي
بينما أعرب المحلل السياسي حاتم أبو زايدة عن أسفه لكون السلطة الفلسطينية تعول على فوز جو بايدن وكأن الإدارة الديمقراطية سترد لشعبنا حقوقه وتوقف الاستيطان والتغول الإسرائيلي.
وقال في تصريحات لصحيفة "فلسطين": "السلطة لا يعنيها بايدن من غيره هي فقط كانت تبحث عن وسيلة للنزول عن الشجرة التي اعتلتها بوقفها التنسيق الأمني وعدم استلامها أموال المقاصة".
وأضاف أبو زايدة: "المشكلة بين السلطة وإدارة ترامب ليست مشكلة المشروع الوطني وإنما أن خطواته في "صفقة القرن" كانت ستؤدي بالضرورة لفقدان السلطة مكانتها وتلاشيها وغياب الغطاء السياسي لها، فقد قضى ترامب على كل أسباب وجودها".
وأشار إلى أن السلطة كانت تدعي أنها تقوم على برنامج وطني قائم على "حل الدولتين" فـ"ترامب" جاء لينسف هذا الحل ويقصر صلاحيات السلطة على صلاحيات بلدية.
وأضاف: "السلطة –مثلاً- وفرت غطاء للاستيطان منذ اتفاق أوسلو حيث تعاظم الوجود الاستيطاني بعد وفاة ياسر عرفات في 2005م وهي كانت تحفظ أمن المستوطنين، فالمشكلة أن ترامب أزال الغطاء السياسي للسلطة وقدرتها على تبرير وجودها لشعبنا الفلسطيني".
وتابع أبو زايدة: "المتوقع أن يعيد بايدن مسيرة "التسوية" و"حل الدولتين" ويعيد أموال المقاصة للسلطة ما يوفر السقف السياسي للسلطة وليس أكثر من ذلك فما سيقدمه هو العودة لسياسة باراك أوباما السابقة ودعم السلطة وأجهزتها الأمنية مادياً".
وأشار إلى أن ما سيحدث على الأرض هو استمرار نتنياهو واليمين الإسرائيلي في تطبيق "صفقة القرن" فلن يوقف بايدن المشروع الاستيطاني بالضفة في حين ستعود السلطة "للتنسيق الأمني" وإعادة فتح القنصلية الفلسطينية بالقدس ومكتب "منظمة التحرير" في واشنطن.
وأكمل أبو زايدة: "فما سيقوم به بايدن "إدارة الصراع "فقط في ظل كون السلطة لا يهمها سوى عودة الرواتب والسفر عبر معبر الكرامة أما التهديدات للمشروع الوطني فليست من أولويات السلطة الفلسطينية".
وعدّ أن السلطة منذ البداية تتلكأ في إنجاز المصالحة الوطنية التي تستلزم إجراءات على الأرض تتمثل في رفع العقوبات عن قطاع غزة وإعادة رواتب الشهداء والأسرى والجرحى وتكوين قيادة وطنية موحدة وبرنامج وطني موحد.
وعبر عن اعتقاده بأنه لن تكون مصالحة إطلاقاً لأن قرار السلطة ليس بيدها وإنما بيد الإدارة الأمريكية و(إسرائيل) والأنظمة العربية المطبعة معهما التي لن تسمح له حالياً بذلك.
وأضاف أبو زايدة: "الموقف الأمريكي تجاه الفلسطينيين (إسرائيل) هي مَنْ تحدده (..) فالسلطة كانت تحرق الوقت في انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات الأمريكية وترى الآن في بايدن المنقذ لها من الانهيار".
تحديد الموقف السياسي
في حين رأى المحلل السياسي تيسير محيسن أن السلطة تنتظر الانتخابات الأمريكية لتحديد موقفها السياسي.
وقال محيسن لصحيفة "فلسطين": "هي كانت تنظر لإدارة ترامب وما قامت به خلال الأربع سنوات الماضية من تعامل مع الملف الفلسطيني خاصة في موضوع القدس وإلغاء عملية السلام واستبدالها بـ"صفقة القرن" والتطبيع مع الدول العربية وقطع العلاقات مع السلطة وإغلاق مكتب المنظمة بواشنطن أنها لا يمكن أن تكون جزءاً من العملية السياسية".
وبين أن رئيس السلطة عباس صرح مراراً بأن إدارة ترامب لم تعد وسيطا نزيها في العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لذلك جاءت مراهنة السلطة و"فتح" بشكل خاص على الحزب الديمقراطي وخاصة بعد تصريحات لـ"بايدن" تلمح إلى أنه قد يعيد العلاقة معها.
وأشار إلى أن رهان السلطة على "بايدن" انعكس سلباً على خطواتها تجاه ترتيب البيت الفلسطيني التي بدأت منذ شهور عديدة فهناك بطء كبير في دفع استحقاقات المصالحة من قبلها في انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية.
وقال: "هي (السلطة) تراهن على أن تعاطي بايدن معها سيكون مختلفاً عن ترامب الأمر الذي سيجعلها لا تتعاطى مع غزة بإيجابية".
وأعرب محيسن عن تخوفه بأن المراهنة على الأجندات الخارجية يأتي على حساب ترتيب البيت الفلسطيني حيث يبدو أن السلطة ما زالت تراهن على "عملية السلام" ولا تريد البحث عن بدائل عما تم اجتراره قبل عقود.
وتابع: "لذلك ستصبح بعيدةً استعادة الوحدة الوطنية على قاعدة شراكة حقيقية واحدة بالتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي كعدو"، معرباً عن أسفه بأن السلطة مستعدة للتعامل مع الإدارة الأمريكية حتى لو لم تتراجع عن إجراءات ترامب فهي لا تزال تؤمن بأن الحل يكمن في البيت الأبيض.
وأضاف: "السلطة قد تعود للتفاوض على جزء من "صفقة ترامب" وهي مراهنة ليس لها أي شيء على أرض الواقع فكل الإدارات الأمريكية على اختلافها لم تفعل شيئاً للقضية الفلسطينية، فهو "تضييع للوقت".