أعلن نادي الأسير الفلسطيني، أمس، رضوخ إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي لإرادة المعتقل الإداري ماهر الأخرس، بعد 103 أيام من إضرابه المفتوح عن الطعام رفضًا لاعتقاله إداريًّا، إذ قررت إطلاق سراحه نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وبين رئيس نادي الأسير قدورة فارس، في اتصال هاتفي بصحيفة "فلسطين" أن الاتفاق بين إدارة سجون الاحتلال والأسير الأخرس يضمن إطلاق سراح الأخير في الـ26 من نوفمبر الجاري، مقابل تعليق إضرابه عن الطعام، حيث سيقضي المدة المتبقية (19 يومًا) حتى الإفراج، في تلقي العلاج بالمستشفى.
وطالب فارس بمقاطعة محاكم الاحتلال، وضرورة وقف سياسة الاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين، منبهًا إلى أن ذلك لا يقع على عاتق الأسرى وحدهم وإنما معهم الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية.
في السياق، قال نادي الأسير إن الإضراب البطولي عن الطعام الذي خاضه الأسير المناضل الأخرس، أعاد قضية الحركة الأسيرة والاعتقالات الإدارية إلى الواجهة، حيث رافق هذا الإضراب حراك شعبي جماهيري في كل أماكن تواجد شعبنا الفلسطيني، وعلى ضوء التدهور الخطر والحرج الذي شهدته حالة الأسير الصحية، وبعد أن أوصدت الأبواب أمام ما يسمى الجهاز القضائي الإسرائيلي، مارس دوره بإنهاء هذا الاعتقال الإداري الظالم، وانتصرت إرادة السجين على ظلم السجّان.
وأضاف في بيان له، أن الاتفاق يقضي بالالتزام القطعي من سلطات الاحتلال بإطلاق سراح الأسير الأخرس، والالتزام المؤكد بعدم تجديد اعتقاله الإداري.
وتابع أنه على ضوء ذلك، قرر الأسير الأخرس إنهاء إضرابه عن الطعام أمس، وبذلك يكون قد حقق انتصارا كبيرا على السجان والاحتلال، ويأتي انتصاره مكملا لانتصارات سابقة حققها مناضلون آخرون في مواجهة سياسة الاعتقال الإداري التعسفية.
ونقل عن الأخرس تحياته الخاصة إلى إخوانه في الحركة الأسيرة الذين وقفوا إلى جانبه ودعموا إضرابه، وشكره الجزيل إلى أبناء شعبنا الفلسطيني في كل أماكنه، الذين ساندوه ودعموه في إضرابه عن الطعام، والحراكات الشعبية العربية واليهودية، والقوى المناصرة للحرية في كل أنحاء العالم، وبالأخص المحامية أحلام حداد التي رافقت القضية قضائيًّا.
والأسير الأخرس (49 عاما)، من بلدة سيلة الظهر في جنين بالضفة الغربية المحتلة، كان قد شرع في إضرابه منذ اعتقاله في 27 يوليو/ تموز الماضي؛ رفضًا لاعتقاله، وجرى تحويله لاحقًا إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر، وفي أثناء هذه المدة رفضت محاكم الاحتلال الإفراج عنه رغم ما وصل إليه من وضع صحي حرج، وكذلك رغم كل الدعوات التي وجهتها مؤسسات دولية وحقوقية طالبت بالإفراج الفوري عنه ووقف سياسة الاعتقال الإداري.
نيابة عن الشعب والأسرى
وقال الأسير الأخرس، عقب انتصاره على السجان، إن الإضراب عن الطعام "خضته نيابة عن شعبنا وأسرانا.. شعبنا المسكين يقتل ويسجن ولا أحد يسأل عنه"، معتبرا أنه فضح الاحتلال من خلال هذا الإضراب ضد الاعتقال الإداري.
وشكر الأخرس، كما نقلت عنه قناة الميادين الفضائية، كل من تضامن مع قضيته في سجون الاحتلال، لافتا إلى أن هذا الإضراب "لو خاضه إسرائيلي لقامت الدنيا ولم تقعد".
وأضاف: "من لم يجرب السجن لم يجرب شيئًا في حياته، فالموت أرحم من سجون الاحتلال"، مردفًا: "القهر الذي زرعه الاحتلال في قلوبنا سينفجر في انتفاضة قريبًا".
وفي ردود الفعل المحلية، اعتبر المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس فوزي برهوم، انتصار الأسير الأخرس في معركته مع إدارة سجون الاحتلال انتصارا عظيما له وللحركة الأسيرة، ولإرادة شعبنا الفلسطيني الذي وقف بثبات معه واحتضن قضية الأسرى ودافع عنها بكل قوة.
وقال برهوم في تصريح صحفي أمس، إن هذا الانتصار يجب أن يكون مناسبة لتجديد عهد شعبنا وفصائله وقواه مع الأسرى وقضاياهم العادلة، وتصعيد النضال ومواصلة المقاومة والكفاح، من أجل تحرير جميع الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال.
كما قال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، إن الأسير الأخرس قدم النموذج الأوضح على قدرة الفلسطيني على فرض إرادته على المحتل المتغطرس، وعجز المحتل عن هزيمته حتى في ظروف الاعتقال والسجن.
وأضاف قاسم في تصريح صحفي أمس، أن هذه الحالة النضالية العظيمة التي قدمها الأخرس هي امتداد لمسيرة النضال المتواصلة التي يخوضها شعبنا لانتزاع حقه في الحرية والعودة، معتبرا أن الأخرس قدم دليلا جديدا على إجرام الاحتلال والسجان الإسرائيلي، وانتهاكهما القوانين والأعراف الدولية، خاصة فيها يعرف بالاعتقال الإداري.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي الشيخ نافذ عزام، إن انتصار الأسير الأخرس جاء بعد محاولات من سلطات الاحتلال لكسر إضرابه إلا أنه كسر تلك المحاولات بإرادته الصلبة.
وأضاف عزام في تصريحات صحفية، أن الرسالة من وراء الإضراب كانت واضحة، وهي أن إرادة الشعب لن تكسر من قبل الاحتلال، وأن شعبنا يستمد قوته من قضاياه العادلة.
وقال مسؤول ملف الأسرى والشهداء في حركة الجهاد الإسلامي د. جميل عليان، إن الأسير الأخرس حقق انتصارا كبيرا أفرح به أحرار العالم، وهو يوم نصر كبير لمن وقف إلى جانبه.
وأضاف عليان في بيان صحفي، أن اتفاق إنهاء الإضراب والموافقة على الإفراج عنه على أن يتلقى علاجه في العشرة أيام الأخيرة بمستشفى فلسطيني، كان نصرا كبيرا له، متابعا: "نحن نبني على هذا الانتصار، وسيكون مثالا لأبناء شعبنا وسيكون له ما بعده حال استمرار الاعتقال الإداري، فماهر دق المسامير في نعش الاعتقال الإداري".
تجربة ملهمة
وأشادت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بانتصار إرادة الأسير الأخرس على السجان، مؤكدة أن انتصاره البطولي سيظل مثار فخر واعتزاز لشعبنا والحركة الأسيرة التي تخوض معركة مستمرة في سبيل استرداد حريتها ضد الاحتلال ومخابراته وأدوات قمعه الإجرامية.
وطالبت الجبهة في بيان لها أمس، باستلهام معاني التضحية والإصرار والعزيمة التي تسلح بها الأسير المناضل الأخرس؛ لتعزيز نضالنا ووقوفنا إلى جانب الحركة الأسيرة التي أثبتت على الدوام في معارك الإرادات الفردية والجماعية، بأنها تقدم على الدوام الصورة الوطنية الأنصع.
واعتبرت حركة الأحرار الفلسطينية انتصار الأسير الأخرس في معركته البطولية ضد الاحتلال، انتصارا جديدا للحركة الوطنية الأسيرة ولشعبنا الذي ساهم بدعمه ونصرته وتعزيز صموده.
وقالت حركة الأحرار في بيان لها، إن هذا الانتصار يؤكد أن أسرانا أقوى من بطش وجبروت وعنجهية السجان الإسرائيلي، وأننا نستطيع كسر قراراته وإرغامه على الخضوع لمطالب شعبنا وأسرانا.
وأكدت أن قضية الأسرى ستبقى الأولوية لدى شعبنا ومقاومتنا، وأننا على العهد معهم لنيل حريتهم وخاصة الأسير الأخرس، وصولا لتنفيذ الاتفاق كاملا بعدم تمديد الاعتقال الإداري له وإطلاق سراحه.
وباركت لجان المقاومة في فلسطين انتصار الأسير الأخرس على "الجلاد الإسرائيلي"، معتبرة أنه أثبت من جديد أن إرادة المقاومة والتحدي والصمود هي السبيل الوحيد لكسر عنجهية الاحتلال المجرم وجبروته.
وكدت اللجان في بيان لها، أن هذا الانتصار الكبير الذي حققه الأسير الأخرس بصموده وأمعائه الخاوية يثبت من جديد أن إرادة المقاومة والتحدي والصمود والثبات على المبادئ هي السبيل الوحيد لتحقيق النصر على الاحتلال.