فلسطين أون لاين

800 مليون شيقل فاتورة الرواتب شهريًّا

تقرير اقتصاديون يشكِّكون في "انفراجة المقاصة" ويدعون السلطة لتدارك أزماتها

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة

شكّك اختصاصيون اقتصاديون في تصريحات مجلس الوزراء برام الله بأن مشكلة أموال المقاصة في طريقها للحل، معتبرين أن البدائل التي تستند إليها السلطة في تغطية العجز المالي محدودة جداً، وأنها آخذة في التناقص مع تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الإجراءات المتخذة للحد من تفشي وباء "كورونا".

ويرى الاقتصاديّون أنَّ السلطة تحاول أن تتكيف مع ما يأتيها من إيرادات حتى لو كانت يسيرة على الأقل خلال الفترة الراهنة، لأنها تأمل أن تفرز الانتخابات الأمريكية المرتقبة رئيساً "يقف بجانبها" في معركتها مع الاحتلال، وسط فتور في دور الوسطاء العرب والغرب.

وقال أمين عام مجلس الوزراء برام الله أمجد غانم أمس: إن مشكلة المقاصة مع الاحتلال في طريقها للحل، وأن الحكومة تأمل أن تستلم أموال المقاصة خلال نوفمبر الجاري.

وأضاف في تصريح له: "أنه من المتوقع أن يتم دفع الرواتب كاملة لكافة الموظفين العموميين وليس المعلمين فقط"، مشيراً إلى جهود تبذل في هذا الصدد.

وحسب بيانات وزارة المالية برام الله فإن حجم أموال المقاصة المتراكمة لدى الاحتلال مع نهاية أيلول بلغ ( 2.5 ) مليار شيقل، بالإضافة إلى (500) مليون محتجزة من العام الماضي.

وكانت امتنعت حكومة رام الله عن استلام أموال المقاصة منذ أيار/ مايو تنفيذاً لقرار رئيس السلطة بوقف كافة العلاقات مع الاحتلال بعد إعلان سلطات الاحتلال نيتها ضم أراض فلسطينية.

ويرى الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب أن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية يتجه نحو مزيد من التعقيد.

وقال أبو الرُب لـ"فلسطين": "لا يعني أنه حينما تتمكن حكومة اشتية من استئناف صرف أنصاف الرواتب أنها خرجت من أزمتها المالية، بل أنها تسير في نفق مظلم، وأن الحلول التي تلجأ إليها لتغطية الفجوات المالية ترقيعية تراهن على كسب الوقت ليس أكثر".

وبين أبو الرُب أن الأموال التي ستدفع بها حكومة اشتيه الرواتب ما هي إلا تحصيل للإيرادات المحلية، واقتراض من متأخرات القطاع الخاص، أما البنوك فقد وصلت إلى السقف العالي منذ شهرين لا تستطيع عنده منح السلطة مزيدًا من الاقتراض.

ويعتقد الاختصاصي أبو الرب أن الظروف الاقتصادية المحيطة بالسلطة إن استمرت على ماهو عليه دون أي تدخلات عربية أو دولية، فإن السلطة لن تستطيع أن تدفع الشهر المقبل في الرواتب نفس النسبة الحالية، وهذا يعني أنها تدخل في مزيد من التعقيد المالي.

ودعا الاختصاصي السلطة إلى عدم البقاء مكتوفة الأيدي والاعتماد على الايرادات المحلية في تغطية النفقات الشهرية، لأن تلك الايرادات آخذة في النقصان بسبب ما تشهده الأراضي الفلسطينية من تردي وضع اقتصادي ازداد في ظل الإجراءات المتخذة للحد من جائحة "كورونا".

وأظهرت بيانات وزارة المالية والتخطيط في رام الله أن الدين العام المستحق على الحكومة ارتفع خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة (11%) ليصل إلى (11.35) مليار شيقل.

وأوضحت البيانات أن إجمالي الدين المحلي بلغ قرابة (6.6) مليار شيقل بينما الدين الخارجي بلغ نحو ( 4.45 ) مليار شيقل.

ويشمل الدين العام كافة المبالغ التي تقترضها الحكومة من الجهاز المصرفي الفلسطيني أو المؤسسات الدولية فيما لا يشمل الديون المترتبة على القطاع الخاص.

وحسب بيانات وزارة المالية في رام الله، فإن اقتراض الحكومة ارتفع منذ بداية العام الحالي إلى (2.2 ) مليار دولار، بعدما كان ( 1.2 ) مليار دولار في بداية العام بنمو نسبته ( 37 %).

من جهته، ينضم الاختصاصي الاقتصادي د. سمير عبد الله إلى سابقه في تأكيده على أهمية التحرك الجاد من طرف السلطة للخروج من عنق الزجاجة التي تعيشها الآن، مبيناً أن الرواتب تشكل (60%) من الموازنة العامة.

ولفت إلى أن الموظف لا شكّ أنه يُقدر الظروف التي دفعت حكومة اشتية إلى صرف أنصاف الرواتب، لكن للصبر حدود، خاصة إن وصلت السلطة إلى مرحلة العجز الكامل عن عدم الصرف.

وقال عبد الله لـ"فلسطين": إن تعذر على حكومة اشتية صرف راتب الشهرين المقبلين، قد نجد الموظف يواجه مشكلة اقتصادية واجتماعية مع أسرته والمحيط، خاصة إن كان عليه ديون أو مقترض للجهات المصرفية.

ورداً على ضعف التدخلات الغربية والعربية في حل أزمة المقاصة، قال الاختصاصي عبد الله: إنه طالما أن أمريكا تتجه نحو الاحتلال الإسرائيلي في كفة التأييد فإن هؤلاء الوسطاء يحاولون مسك العصا من المنتصف.

وأضاف عبد الله أن الاحتلال يظهر وكأنه لا يبالي لوضع السلطة المالي وأزمتها ولا حتى لتهديدها بأن أموال المقاصة قد تفقد سيطرة السلطة الأمنية في منطقة الضفة وانعكاس ذلك على المستوطنات ومناطق التماس مع الاحتلال.

واستبعد الاختصاصي أن يتأخر الأوروبيون في دفع التزاماتهم المالية للسلطة المخصصة لصرف شيكات الشؤون الاجتماعية، ذلك أن الأوربيين ليسوا بموقف عداء مع السلطة كما الحال مع واشنطن.

وحذر الاختصاصي من مغبة إطالة الفترة الزمنية التي يتعذر على المصارف تحصيل قروضها المقدمة للأفراد والحكومة، لأن التأخير يؤثر على أموال المودعين ويسبب في ارتباك القطاع المصرفي ككل.

وحسب بيانات وزارة المالية في رام الله، فإن فاتورة الرواتب تبلغ حوالي (550) مليون شيقل شهريا لكن مع اضافة أشباه الرواتب (المتقاعدين والأسرى وذوي الشهداء ومخصصات التنمية الاجتماعية) ترتفع الرواتب إلى (800) مليون شيقل.

وتقدر نفقات الحكومة في رام الله شهريا (1.2) مليار شيقل فيما المتاح من الايرادات المحلية يبلغ (300) مليون شيقل فقط.