ثمة أشياء كثيرة قد يحبها الناس في ألمانيا، وما يرونه ذات قيمة قد يختلف إلى حد كبير من شخص إلى آخر. وعلى سبيل المثال، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ذات مرة إن النوافذ في بلادها تشكل مصدر إلهام لها.
وفي عصر جائحة كورونا، تبين أن النوافذ عادت مرة أخرى إلى دائرة اهتمامات المستشارة ميركل.
وعندما تعلق الأمر باحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19، أصبح هناك سلاح عملاق تضعه ألمانيا في المواجهة، وهو توفير الكثير من الهواء النقي وفتح النوافذ بانتظام.
واعتمدت ألمانيا حتى الآن على مجموعة من الإجراءات الاحترازية؛ مثل التباعد الاجتماعي، واتباع قواعد النظافة الشخصية، وارتداء الكمامات؛ لحماية مواطنيها من الوباء، وستتم الآن إضافة إجراء آخر إلى النصائح الحكومية الرسمية للوقاية من الفيروس، وهو إتاحة التهوية، مثلما تم التوجيه باستخدام تطبيق على الهاتف المحمول للمتابعة يهدف إلى مساعدة الناس عندما يتعين عليهم عزل أنفسهم ذاتيا.
ويوجد في ألمانيا علم يُدرس بشأن أساليب عملية التهوية؛ فمثلا هناك ما يعرف باسم "التهوية بالصدمة"، وتعني التهوية المكثفة ولفترة قصيرة عن طريق فتح النوافذ، وهذه الطريقة تُحدث نتائج مختلفة تماما عما يعرف باسم "التهوية المتقاطعة"، وتتم عن طريق فتح نافذتين متقابلتين للسماح بدخول كميات كبيرة من الهواء.
طريقتان
والطريقة الأولى تتم عندما تفتح النوافذ لمدة 5 دقائق في بداية النهار وفي نهايته، في حين تتمثل طريقة التهوية المتقاطعة في فتح جميع النوافذ للسماح بالهواء الفاسد بالخروج وللهواء النقي بالدخول.
ويمكن بالفعل دخول كثير من الهواء النقي عبر النوافذ المعزولة جيدا في ألمانيا، والتي توجد بها مفصلات متطورة تسمح لها بأن تفتح على مستويات مختلفة، مما يسمح بدخول أنواع ودرجات مختلفة من التهوية.
ويشرح الموقع الإلكتروني لمعهد روبرت كوخ الألماني (وهو مركز مراقبة الأمراض في البلاد) المنطق وراء هذه الطريقة، كما أقر بأهمية أسلوب التهوية كريستيان دروستن، وهو خبير ألماني بارز في الفيروسات ومتخصص في أبحاث الفيروسات المستجدة.
ويحذر الخبراء بموقع معهد روبرت كوخ من أن التعرض لوقت طويل لهواء داخل غرف صغيرة ذات تهوية سيئة أو محرومة من التهوية؛ يمكن أن يزيد احتمال الإصابة بالعدوى، التي يمكن أن تحدث بسبب الجزيئات الصغيرة من الهواء الحاملة للفيروس، والتي تعرف باسم الهباء الجوي "أيروسول" (Aerosol)، ويمكنها الانتقال جوا لمسافة تزيد على 1.5 متر، خاصة في حال انبعاث أعداد كبيرة من هذه الذرات من شخص مصاب بالفيروس، ويكون موجودا داخل الغرفة نفسها لفترة طويلة، خاصة في حالة استنشاق الأشخاص المعرضين للعدوى الهواء المحيط بعمق وبشكل متكرر".
ويتم حاليا إعداد دليل عن كيفية قيام المعلمين بضمان تهوية المدارس بشكل جيد، وذلك تلبية لطلب وزراء التعليم بالولايات الألمانية، على حد قول وكالة البيئة الاتحادية، ومن المقرر أن تتسلم جميع المدارس في ألمانيا نسخة من هذا الدليل الاسترشادي.
تهوية الفصول الدراسية
ويقول رئيس وكالة البيئة الاتحادية ديرك ميسنر "توصياتنا هي العمل من أجل تهوية الفصول الدراسية بانتظام كل 20 دقيقة لمدة نحو 5 دقائق، مع فتح النوافذ على مصراعيها".
كما توصي الوكالة بوضع أجهزة لتنقية الهواء، وغيرها من المعدات الفنية.
والنصيحة الرئيسية، في الوقت الذي يواصل فيه فيروس كورونا الانتشار؛ هي ضرورة فتح النوافذ قبل بدء تعطن رائحة الهواء داخل الغرفة.
وحتى قبل ظهور الجائحة، كان كثير من أصحاب الوحدات السكنية في ألمانيا يطلبون من المستأجرين، أو ينصحونهم، بأن يقوموا بتهوية الشقق باستمرار لمنع الرطوبة والتعفن.