فلسطين أون لاين

مؤمن.. شاب يستثمر اللغة الإنجليزية لنقل معاناة الفلسطينيين للغرب

...
غزة-هدى الدلو:

يعود مؤمن بذاكرته عندما كان في الصف الخامس الابتدائي حيث كان الخجل ينتابه في كل حصة دراسية لمادة اللغة الإنجليزية، فقد كانت المادة الوحيدة التي لا يتجاوز تحصيله الدراسي فيها معدل جيد، بعكس باقي المواد، ما دعا والدته لإجراء زيارات دورية لمدرسته لمتابعته من كثب، فأراد أن تتوقف زياراتها ووجد السبيل الوحيد أمامه هو الاجتهاد لتحصيل درجات أكثر، ومن هنا كانت الانطلاقة.

الشاب مؤمن عاشور (26 عامًا)، خريج لغة إنجليزية، يعمل معلمًا ومترجمًا، ويمارس الكتابة باللغة الإنجليزية منذ مدَّة، وعمل على تطوير قدراته بالكتابة منذ التحاقه بالجامعة، ولا يزال لديه شوط طويل حتى يصل للمستوى الذي يطمح إليه، ولذلك يسعى حاليًا للحصول على منحة تمكنه من دراسة الماجستير بالكتابة الإبداعية، وقد أصدر مؤخرًا كتابه بعنوان "Phenomenon in Gaza" أو كما تترجم "ظاهرة في غزة".

وتحدث عن كتابه، قائلا لصحيفة "فلسطين": إنه يُقصد باسمه الأحداث غير العادية التي تمر بها فلسطين عامة وغزة خاصة، مشيرا إلى أن الكتاب يحتوي على سلسلة من الصور الفوتوغرافية الاحترافية للمصور محمود الكرد إلى جانب مجموعة قصصية من تأليفه، إذ تعبر كل من الصور والقصص عن أحداث وظروف تمر بها فلسطين وغزة مثل النكبة وجدار الفصل العنصري والحروب العدوانية وأمهات الشهداء، ومراكب اللجوء والصيادين واستشهاد الصحفيين والأطباء خلال إسعافهم.

وقبل تنفيذ فكرة الكتاب عُرضت على عدة مؤسسات داخل القطاع دون أن يحتضنها أحد –كما يقول- ولكن قرر مع صديقه المضي بالعمل وإصدار مسودة عن الكتاب على نفقتهم الخاصة، قبل أن يتم التواصل مع دار نشر فرنسية عرض عليها فكرة كتاب صوري يحتوي على قصص من غزة وفلسطين، وكان ذلك سبيلا لطباعة الكتاب ونشره.

ويبين عاشور أن الكتاب يتناول فلسطين من جانب إنساني بحت، وكان هدفه أن يوفر برفقة زميله عملًا مهنيًا ومحترفًا يعرض على العالم حقيقية ما يحدث في فلسطين منذ بداية الاحتلال وحتى هذه اللحظة، وأراد أن يكون هذا الكتاب انطلاق لأعمال مستقبلية أخرى.

ويتضمن الكتاب 40 صورة و3 قصص، 120 صفحة، واستغرق ما يقارب ستة أشهر، وكُتبت القصص باللغة الإنجليزية وتُرجمت إلى الفرنسية لأن وجهة الكتاب الأولى فرنسا إذ تقع دار النشر، وبعدها سيُنشر في دول أوروبا.

وينبه إلى أن نجاح الكتاب يتعلق بالصدى الذي سيلقاه، حيث هدفهما منه هو توجيه الكتاب للغرب ليكشف لهم حقيقة ما يحدث في فلسطين.

وعن بدايات كتابته، يقول: "أكتب مذ كنت في مرحلة الثانوية، وقد لاقت كتاباتي (البدائية) استحسان البعض، وكنت أمارس الكتابة كهواية شخصية، وفي بعض الأحيان كتبت بالأبجدية العربية، ولكن لم أرقَ للمستوى المطلوب فعلمت حينها أن موهبتي تقتصر على الكتابة باللغة الإنجليزية".

كان مؤمن يكتب قصصًا طريفة عن أصدقائه، ولكن بعد التحاقه في الجامعة بتخصص اللغة الإنجليزية، أصبحت الكتابة لديه شيئًا أساسيًا، وأمست قدراته الكتابية في تطور بشكل دراماتيكي.

ويضيف: "علمت حينها أنه يمكنني يومًا ما أن أغدو كاتبًا، ولذلك اخترت التخصص الجامعي لكونه عاملًا مهمًّا جدًّا في تطوير موهبتي، فكنت متأكدًا أنني سأبرع فيه".

اختار تخصصًا جامعيًّا ليطور موهبته فيه، ولم يعتمد على الدورات، ويرى أن اللغة الإنجليزية تفتح له مجالات كثيرة، وتمكنه من العمل بعدة وظائف، فاختارها لإيمانه الشديد أنه سيكون مجاله المقصود من حيث العمل ومن حيث تطوير قدراته على الكتابة.

ومع ذلك فقد انتاب مؤمن شعور التردد في البداية عند اختياره التخصص، خوفًا من ألَّا يكون في مساره الصحيح، "خصوصًا أنني لم أحدد مسارًا مهنيًا معينًا حتى تخرجي في الثانوية العامة، ولكن اخترت أن أدرس اللغة الإنجليزية وآدابها، ومع مُضي أول سنة، شعرت بالارتياح لأن هذا شيء أبرع فيه وأني أسير خلف شغفي".

عمل في أثناء الدراسة الجامعية على قراءة الكثير من الكتب والمقالات بمختلف المجالات وبعد مدة زمنية طويلة نوعًا ما "بدأت تتشكل عندي هويتي الكتابية الخاصة"، وهذا ما ينصح به طلابه دائمًا، متابعًا: "القراءة هي الوسيلة الأنجع لتطوير الكتابة، إذ تعرضك لأساليب كتابية عدة سيجعلك بنهاية الأمر تطوير أسلوب كتابي خاص بك، أما عن دورات الكتابة فهي سبيلك للتعرف إلى أحكام وتفاصيل الكتابة".

ويسعى مؤمن حاليًّا، إلى الحصول على ماجستير بالكتابة الإبداعية عبر تقديمه للمنح المتاحة ليصقل مهاراته ويتفرغ للكتابة بشكل كامل في المستقبل.