لا يعيش الأسرى الفلسطينيون ظلمة السجن والسجان الإسرائيلي فحسب، بل يعاني العديد منهم عذاب المرض وسطوته على أجسادهم النحيلة التي غيبت معالمها سنوات طويلة من الأحكام المجحفة.
وتحرم إدارة سجون الاحتلال الأسرى المرضى مداواتهم وفق البروتوكولات العلاجية اللازمة للأمراض المزمنة ومرضى السرطان في سياسة بشعة لاستخدامهم حقولاً للتجارب، ما أوصل الوضع الصحي لعشرات الأسرى إلى مستويات صحية فوق الكارثية.
ويشتكى نحو 700 أسير من إصابتهم بأمراض مختلفة ومتنوعة، بينهم 20 أسيرًا مصابًا بالسرطان يقبعون في ما يسمى مستشفى سجن "الرملة" من تردي أوضاعهم الصحية وعدم تلبية احتياجاتهم الصحية وخضوعهم لجلسات العلاج الكيماوي والإشعاعي المتعارف عليها، بحسب تقارير منظمات حقوقية.
مسكنات طبية ويؤكد عضو مكتب إعلام الأسرى أيمن الشراونة، أن إدارة سجون الاحتلال تعتدي على حقوق أسرانا العلاجية داخل السجون ولا تقدم لهم سوى بعض المسكنات.
ويقول الشراونة لصحيفة "فلسطين": "يعاني الأسرى خاصة المرضى الويلات داخل السجون ما يفاقم أوضاعهم الصحية ويجعلهم عرضة للموت"، مدللًا على ذلك ما حصل مع الأسير ميسرة أحمد أبو حمدية، والأسير سعدي الغرابلي، إلى جانب عشرات الأسرى الذين استشهدوا بسبب الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون.
ويضيف: "إن إدارة السجون وبالتعاون مع أطبائها يزيدون من معاناة الأسرى خاصة المصابين بالسرطان في محاولة لقتلهم والنيل منهم ومنع تقديم البروتوكولات العلاجية الخاصة بهم واستخدامهم كحقول للتجارب".
ومن أشكال التضييق على الأسرى المرضى والاستهتار بحياتهم ما قامت به إدارة السجون وبالتعاون مع أطبائها باستئصال الجزء السليم من أمعاء الأسير مراد أبو معيلق، وإبقاء الجزء المصاب دون علاج، وفق الشراونة، الذي أكد أن أبو معيلق لا يزال يعاني داخل السجون ولا يقدم له سوى بعض المسكنات.
ويرى أن "الجرعات الكيمائية التي يخضع لها الأسير المصاب بالسرطان كمال أبو وعر، غير فاعلة وهي بمنزلة "إبر بنج" -مسكنات- تقدم للأسرى المرضى".
ويلفت إلى أن ما تقديم العلاج الكيمائي للأسرى المصابين بالسرطان ما هو إلا لذر الرماد في العيون ليس إلا، خاصة مع وجود نحو 700 أسير مريض يعانون مشكلات صحية بعضها بالغ الخطورة ناهيك بالمصابين بالسرطان، وضيق التنفس والقلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وغيرها من الأمراض المزمنة.
ودعا كل الهيئات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية للوقوف عند مسؤولياتها لما يتعرض له الأسرى من إهمال طبي متعمد بحقهم, والعمل الجاد على تأمين الرعاية الصحية المطلوبة لحالاتهم المرضية بما في ذلك وصول فوري للعلاج اللازم إلى الأسرى ذوي الأمراض المزمنة ومرضى السرطان والكلى.
وحمل إدارة السجون ومن خلفها حكومة الاحتلال وكل الصامتين المسؤولية عن حياة الأسرى خاصة المرضى منهم، داعيًا منظمة الصحة العالمية وكل الجهات المعنية للاطلاع على معاناة الأسرى داخل السجون والبرتوكول العلاجي الخاص بهم ومدى تطبيقها وفق المعايير الصحية المتبعة. إهمال متعمد ويؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، أن الأسرى المرضى خاصة المصابين بالسرطان لا تقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة ولا يخضعون لبروتوكولات علاجية مناسبة ووفق المنصوص عليه.
ويقول أبو بكر لصحيفة "فلسطين": "إن الأسرى المرضى يعانون الحرمان من الرعاية الطبية الحقيقية، والمماطلة المتعمدة في تقديم العلاج"، مشيرًا إلى أن علاج الأسرى المرضى يخضع للمساومة والابتزاز من قبل إدارة السجون.
وأضاف: "إن العيادات الطبية في السجون والمعتقلات الإسرائيلية تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية، والمعدات والأدوية الطبية اللازمة والأطباء الأخصائيين لمعاينة ومعالجة الحالات المرضية المتعددة، ما يزيد من فرصة تعرض أسرانا لخطر الموت وتفشي الأمراض في أجسادهم". وبين أن خضوع الأسرى المصابين بالسرطان لجلسات العلاج الكيماوي والإشعاعي لا تتم بالشكل المطلوب، مؤكدًا أن إدارة السجون تمارس سياسة الإهمال الطبي بحق المرضى منهم ولا تقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة.
وذكر أبو بكر أن الأسير المصاب بالسرطان كمال أبو وعر، والمحتجز في مستشفى سجن "الرملة" يعاني تدهور طرأ على وضعه، وأصبح يعاني أوجاعًا حادة في الرقبة والرأس، وهزالًا عامًّا، ولا يستطيع الكلام كما كان في السابق بسبب الأنبوب الموجود في الحنجرة، ويتواصل مع الآخرين بوساطة الكتابة.
ورأى أن تكرار نقل الأسير أبو وعر، إلى مستشفيات الداخل المحتل وإعادته إلى مستشفى سجن "الرملة" يدلل على خطورة وضعه الصحي، مشيرًا إلى أن أبو وعر، خضع أول أمس لأولى جلسات العلاج الكيماوي استمرت أكثر من 12 ساعة عن طريق جهاز ثبت بصدره.
ويؤكد وجود تخوف حقيقي على حياة الأسير أبو وعر، كون من أصعب الحالات المرضية وأخطرها في السجون، مشيرًا إلى أنه تعرض لإهمال صحي متعمد في السنوات الماضية، وبات يعاني سرطانًا في الحنجرة بدرجة معقدة.
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال نحو 4800 أسير، بينهم (450) معتقلًا إداريًا، وفق إحصائيات رسمية.