قائمة الموقع

إيمان.. حكاية شابّة تكافح للخلاص من غسل الكلى

2020-10-31T10:57:00+02:00

حالة إعياء مفاجئة اضطرب لها قلبها وأيقظت الهواجس في رأسها: "معقول ما أفكر فيه صحيح؟، هل سأعود للمربع الأول من المعاناة والوجع؟، ولكن هذه المرة الأمر يبدو مختلفًا، إذ اقتصر على ضيق تنفس وخنقة لا أعرف منها للنوم طعمًا ولا للقعدة مذاقًا"، هذه الأعراض ظهرت بعد مدة من حصولها على وحدات دم بسبب الانخفاض المفاجئ الذي تسبب لها بضغطٍ ليفشل الكلية المزروعة التي أنهت معاناتها من غسل الكلى.

أعادها ذلك قسرًا للمعاناة، وزادت جائحة كورونا الطين البلة في استكمال إجراءاتها الطبية لزراعة جديدة.

الشابة إيمان أبو تبانة (30 عامًا) تقطن في الحي السعودي الواقع بمدينة رفح، مريضة فشل كلوي للمرة الثانية بعد 12 عامًا من زراعة الكلية، تعود لمعاناة غسل الكلى مجددًا.

في المرة الأولى –كما توضح لصحيفة "فلسطين"- كانت تستعد لإتمام مرحلة الثانوية العامة والحصول على معدل يحقق حلمها بأن تكون معلمة أجيال، ولكن فاجأتها أعراض ليس لبعضها علاقة ببعضٍ، ولم تعرف سببها، حيث التهاب في الجيوب الأنفية، وتقيؤ مستمر، واصفرار في الوجه، وبعد فحوصات طبية تبين فشل كليتها.

إعلان فشل كليتها كان صعبًا عليها: "لم أستطع استيعابه، وأخذت الهواجس تسرح في مصيري وصحتي ودراستي ومستقبلي وغيرها الكثير، هل سأستطيع أن أكمل حياتي؟، فأعلم أن العلاج يحتاج لوقت طويل وتغيب عن الدوام المدرسي، وقد يلازمني حتى آخر يوم في عمري".

لم يكن شيء أمامها سوى الرضا بقدر الله، لينهي معاناتها قبل أن تطول، وسافرت بعد شهرين فقط لزراعة كلية وتنتهي من الوجع والألم، ونجحت عمليتها.

على قصر مدة المعاناة حرمتها إكمال تعليمها المدرسي في أهم مرحلة مصيرية، إذ اضطرت والدتها إلى الحصول على إذن لها لتأجيل المرحلة الدراسية عامًا حتى تشفى.

وعادت إيمان في العام التالي لدراسة التوجيهي مع طالبات يصغرنها بعام، فكان الأمر له بعد نفسي، ما تطلب منها مجاهدة طويلة حتى صدور النتائج، ومناعتها الضعيفة كانت عائقًا أمامها للالتحاق بالدراسة الجامعية، إذ كانت تحتاج إلى تغذية معينة لضمان سلامتها.

تضيف: "أحلم باليوم الذي ألتحق فيه بإحدى جامعات غزة، رغم الوضع الصعب للخريجين والبطالة التي يعانون منها، ولكن الشهادة الجامعية لها شأن عظيم".

وحتى تكون نشطة في مجتمعها استثمرت موهبتها في التجميل بفتح "صالون" نسائي، كانت تكابر على وجعها لتقضي ساعات يومها، وتلبي احتياجاتها، وتساعد عائلتها التي تعاني سوءًا في الوضع الاقتصادي؛ بفعل الحصار وانعكاساته.

وضعها الصحي بدأ يتحسن إلى أن باغتتها أعراض صعبة إغماء ودوار وتعب قبل 10 شهور، كشف الأطباء انخفاض قوة دمها من 10 إلى 4، وضعت يدها على قلبها تخشى أن تعود إلى المربع الأول من معاناتها.

نزول الدم المفاجئ دفعها للحصول على تحويلة طبية إلى مستشفيات القدس المحتلة، لأخذ "خزعة" (عينة) من الكلية المزروعة، ليصدمها الأطباء: "ارجعي اغسلي في غزة؛ فلا داعي لأخذ الخزعة"، هنا ضاقت الدنيا أمامها وبدت كأنها تطبق على صدرها، "شعرت أن الوجع والتعب والمعاناة ستلازمني، وكأني كبرت قبل أواني" تقول إيمان.

تتابع: "اكتشف الأطباء هناك أن وحدات الدم الخمس التي اقتحمت جسدي واحدة تلو الأخرى تسببت بضغط في الدم، فأدت إلى فشل الكلية المزروعة، وهنا عدت لألازم ماكينات غسل الكلى وأجاورها أربع ساعات".

ثلاث مرات في الأسبوع تحتاج إيمان لغسل الكلى، تجلس فيها بجانب الجهاز، تحسب الدقائق الثقيلة التي تمر عليها دون القدرة على الحركة خوفًا من أن يصدر الجهاز صوتًا، فلا يمكن لها إلا أن تحرك شفتيها بقراءة القرآن، أو الحديث مع المرضى الذين يجاورونها لتشغل وقتها: "يوم الغسل الكلوي لا يمكن أن أستثمره بشيء، وعندما أعود للبيت تلازمني القشعريرة والحرارة العالية".

الأمر بات صعبًا عليها صحيًّا ونفسيًّا وجسديًّا، هذا إلى جانب نظرة بعضٍ غير الإيجابية، عندما يشاهدون شابة تجلس على ماكينة الغسل، وكلمات الشفقة التي تحاول أن تصم أذنيها عن سماعها، تستدرك: "ولكن المؤلم أكثر من ذلك كله أن صحتي أصبحت بالنازل من الغسل المتكرر".

وقبل بداية أزمة كورونا أجرت فحوصات هي وأخوها ليتبرع لها بكلية لأجل زراعتها في جسدها، ولكنها تقول: "إن جائحة كورونا زادت من معاناتي عندما عرقلت حصولي على تحويلة طبية".

وتحلم بأن يأتي اليوم الذي تنتهي فيه معاناتها، وتفتح عينيها بعد انتهاء مفعول المخدر (البنج) في إثر العملية الجراحية، ليبشرها طبيبها بنجاح العملية، لتتمكن من ممارسة حياتها طبيعيًّا دون غسل ووجع ومعاناة.

اخبار ذات صلة