فلسطين أون لاين

​عن وعد "بلفور" الذي احتُلَّت بموجبه فلسطين

فلسطينيون: رفض بريطانيا الاعتذار لا ينكر حقنا بالعودة

...
غزة - صفاء عاشور

مع مرور قرن على وعد "من لا يملك لمن لا يستحق"، يؤمن الشعب الفلسطيني بأن حقهم في أرض فلسطين التاريخية متجذراً رغم الأثمان التي لم يتوقفوا عن دفعها بدمائهم وعذاباتهم اليومية دفاعاً عن هوية المدينة المقدسة جذوة الصراع ومحركه.

ويؤكد الشارع الفلسطيني، أن حقهم التاريخي في فلسطين لا ينقصه رفض بريطانيا الاعتذار رسمياً عن التبعات والأضرار التي لحقت بفلسطين أرضا وشعبا.

ويقول أحمد الربعي: إن تمسك بريطانيا بـ"الوعد المشؤوم هو إمعان بالجريمة التي ارتكبها ضد الشعب الفلسطيني عن سبق إصرار وترصد".

ويؤكد أن الوعد "سيكون ملغياً بمجرد أن يمثل القضية الفلسطينية سلطة وطنية حقيقية بيدها القوة التي تعتبر هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو وحلفاؤه"، معتقداً بأن السلطة الفلسطينية الحالية "جزء من أسباب ذوبان القضية التي لا تعود بالحلول السلمية فقط".

ورفضت الحكومة البريطانية في 22 أبريل/ نيسان الجاري تقديم أي اعتذار يتعلق بوعد بلفور الشهير الذي أسس لقيام دولة الاحتلال، وقالت الحكومة المحافظة في بيان لها: إن وعد بلفور موضوع تاريخي ولا نية لها بالاعتذار عنه، بل أعربت عن فخرها في إيجاد (إسرائيل). فيما تعتزم تنظيم احتفالات مع مسئولين اسرائيليين بمناسبة مرور 100 عام على الوعد المشؤوم في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

غرس القيم

وتبدي المدرسة بإحدى رياض الأطفال ريهام عاشور، حرصاً كبيراً لتوعية الأطفال بهذه القضايا، لتعريفهم بحقهم كأصحاب للأرض والأحق بها تاريخاً وثقافة وديناً.

وقالت في حديث لـ"فلسطين": "غرس هذه المفاهيم عند الأطفال مسئولية تقع على عاتق الجميع لتعزيز الوعي، لأنه مهما أعطى العالم من وعود للاحتلال بأحقيتهم في بناء دولة على أرض فلسطين، فإن التاريخ والواقع يقول عكس ذلك".

وتشير عاشور، إلى أن غرس المفاهيم الوطنية عند الأطفال في سن مبكرة "يمهد لخروج جيل متصل ومتمسك بقضيته ومهتم بالعمل على تحرير الأراضي المحتلة للوصول إلى الهدف النهائي وهو الصلاة في المسجد الأقصى".

وكان نحو 12 ألف بريطاني وقعوا قبل أكثر من أسبوع على طلب للاعتذار عن وعد بلفور، وهو ما يلزم الحكومة البريطانية بالرد.

ضعف فلسطيني وعربي

وتتفق دعاء الشريف مع عاشور، بأن إصرار بريطانيا على رفض الاعتذار مرده حالة الضعف والهوان التي يمر بها المحيط العربي والإسلامي "خاصة الضعف الذي يعتري قادة السلطة الفلسطينية التي تصر على السلام مع الاحتلال وتعترف بوجوده"، وفي ضوء ذلك لا تستعجب من نية بريطانيا الاحتفال غير آبه بالدمار والتشريد الذي تسببت به فيما تعصف الأزمات الداخلية الأمة العربية والإسلامية، كما تقول.

وتستغرب الشريف، طلب السلطة الفلسطينية من بريطانيا الاعتذار عن وعد "بلفور" وهي نفسها تنازلت عن 78% من مساحة فلسطين التاريخية، وهي من فتحت الباب باتفاق أوسلو لسلب (إسرائيل) للأراضي الفلسطينية، ولا تزال في نفس الوقت تصر على المفاوضات.

وتساءلت "كيف ستعتذر بريطانيا وهي ترى صاحب الأرض يفرط في حقه؟! (...) السلطة لن تتخذ أي إجراء أو حراك دبلوماسي بهذا الخصوص".

وكان رئيس السلطة محمود عباس طالب بريطانيا بالاعتذار عن وعد "بلفور"، ودعاها للاعتذار للشعب الفلسطيني والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

حق ومصير

ويعتقد المحامي معين أبو غالي، أن رفض بريطانيا الاعتذار "متوقع وخطيئة كبرى" رغم ما يمثله الوعد من "انتهاك جذري لمعايير الإنصاف والعدالة الدولية، مسبباً اقتلاع شعب كامل من أرضه".

ويصف "أبو غالي"، فخر بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود بأنه "عار سياسي وقانوني سيلاحقها إلى الأبد". وقال "إنكار بريطانيا لحق الشعب الفلسطيني بصفتهم أصحاب الحق والأرض، لا يغير من حقيقة أن الفلسطينيين هم ملح هذه الأرض منذ آلاف السنين وسيقاومون بكل الطرق المشروعة لاسترداد حقوقه غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والحرية وتجسيد سيادة دولته وعاصمتها القدس الشريف.

ووعد بلفور هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي بعثها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 إلى اللورد اليهودي ليونيل وولتر دي روتشيلد، يقول فيها: إن "الحكومة البريطانية ستبذل جهدها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين"، وتحقق ذلك خلال 31 عاما فقط، بعد سيطرة بريطانيا عليها وتقسيم الحلفاء الكعكة الاستعمارية بينهم.

وتسبب احتلال فلسطين في تشريد ثمانية ملايين لاجئ فلسطيني يعيش خمسة ملايين منهم في حالة من الفقر والمعاناة بمخيمات اللجوء في دول الجوار وقطاع غزة الذي تحاصره (إسرائيل).