قائمة الموقع

السيناريو الأسوأ الذي لا يريده الاحتلال

2020-10-28T11:52:00+02:00
د. أيمن الرفاتي

لا تزال التخوفات لدى المستوى العسكري في دولة الاحتلال الإسرائيلي من ارتفاع التنسيق بين جبهات المقاومة تمثل هاجسًا كبيرًا، ومصدرًا للقلق، نظرًا للطبيعة الجغرافية، الأمر الذي دفع جهات التخطيط العسكري لديها لتكرار التدرب على سيناريو الحرب المتعددة الجبهات، عبر مناورات أركانية يشارك فيها جميع أركان جيش الاحتلال.

وفي هذه الأيام تنطلق المناورة الأركانية الثالثة لجيش الاحتلال المسماة "السهم القاتل" بمشاركة جميع أركان جيش الاحتلال، على الرغم من الاعتراضات عليها بسبب جائحة كورونا وإصابة آلاف الجنود بهذا الفيروس، إلا أن الخطر الداهم والمتمثل في تزايد قوة المقاومة وأيضًا -وهو الأهم- ارتفاع وتيرة التعاون بين المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية جعل رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي يرفض كل الأصوات التي طالبت بتأخيرها ويسارع إلى تنفيذها على الأرض.

وتشارك في المناورة الأركانية لعام 2020م التي تستمر مدة خمسة أيام وتنتهي يوم الخميس المقبل مختلف الأركان في الجيش النظامية والاحتياط، بمشاركة سلاح الجو، وبحرية الاحتلال، وسلاح البر، والاستخبارات العسكرية، والهيئات التكنولوجية، واللوجستية، وهيئة الاتصالات والحماية في السايبر.

في هذه المرة بعد أن كانت المناورات الأركانية السابقة تحمل هدفًا دفاعيًّا في مضمونها، وترفع كفاءة الجيش في التعامل مع هجوم على دولة الاحتلال متعدد الجبهات؛ الحديث بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام العبرية والناطق باسم جيش الاحتلال أن هذه المناورة تهدف إلى تحسين القدرات الهجومية المشتركة لقوات الجيش، والسعي إلى تحقيق الانتصار في المعارك، وتطبيق طرق عمل جديدة، ومشتركة بين أركان الجيش.

وباعتقادي أن السياق والتغيير في التعبيرات من الدفاع إلى الهجوم جاء بعد اعتقاد قيادة جيش الاحتلال بإتمام جزء كبير من الاستعدادات الميدانية لمواجهة أدوات الهجوم التي تمتلكها جبهات المقاومة، خاصة قرب انتهاء الجدار الأرضي على حدود قطاع غزة، إضافة إلى الجدار الأسمنتي على الحدود اللبنانية.

مما لا شك فيه أن هذه المناورة تأتي في إطار الاستعدادات المخطط لها، وليس معناها أن (إسرائيل) تسعى حاليًّا إلى حرب، وهذه الاستعدادات تأتي خوفًا من وقوع هذه الحرب فجأة، كما يصفها رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي في أثناء حديثه لقادة الكتائب والألوية.

وقد تقع هذه الحرب في أي وقت نتيجة تغير في ظروف الجبهات، لكن المراقب لدولة الاحتلال يجد أن حاجتها خلال المدة الحالية تتمثل في المحافظة على الهدوء مع جبهتي غزة ولبنان على أقل تقدير، نظرًا للظروف السياسية والداخلية والدولية التي تمر بها دولة الاحتلال.

جميع السيناريوهات التي تطرحها دولة الاحتلال للمواجهة المقبلة تضع الحرب متعددة الجبهات بمثابة السيناريو الأسوأ الذي قد يؤدي إلى خلخة موازين الردع التي تحاول فرضها دولة الاحتلال طيلة العقود الماضية مع أعدائها، ولذلك على الرغم من استعداد الاحتلال لهذه السيناريو لا يتمنى مستواه العسكري والسياسي وقوع هذه الحرب التي قد تكشف سوأة الجيش، الذي لن يستطيع تحمل ضربات عسكرية ونقل المعركة داخل أراضيه بكثافة، ما قد يؤدي إلى تشتت عمله وقدرته العملية، الأمر الذي سينعكس على المستوى السياسي.

أخيرًا وضع جيش الاحتلال قطاع غزة على رأس أولوياته، بعد تقييم التهديدات التي تواجه دولة الاحتلال على مستوى الإقليم، بالتزامن مع عرضه الخطط العسكرية للمواجهة المحتملة مع قطاع غزة التي قد تتفجر في أي وقت نتيجة تغير الظروف والأحداث على حدود قطاع غزة.

وعلى الرغم من التهديد الكبير الذي يمثله قطاع غزة لا يزال المستوى العسكري وقبله السياسي في دولة الاحتلال غير راغب في الذهاب إلى مواجهة عسكرية جديدة في القطاع، خلال المدة الحالية، على أقل تقدير، لأنه يدرك جيدًا أن هذه العملية لا يمكنها تحقيق إنجاز إستراتيجي أو تغيير طويل الأمد، في حين ستواجه دولة الاحتلال خطرًا كبيرًا وهجمات شديدة دون أن يستطيع الجيش الضغط على غزة التي أصبحت مثل الإسفنجة تمتص الضربات الجوية، ما سيضطره إلى الدخول في مواجهة برية ستكون مكلفة كما سابقتها في عام 2014م، التي لم يتخلص من عواقبها بعد 6 أعوام من انتهاء الحرب.

اخبار ذات صلة