منذ سنوات بدأت الأزمات المالية تطفو على سطح الأندية في غزة، وما أن تبدأ الاستعدادات لانطلاق موسم جديد إلا وتتزايد هذه الأزمات التي بدأت تنخر في جسد الأندية بشكل أكبر من أي وقت مضى.
بلا شك أن أسباب هذه الأزمات متعددة ومن ضمنها وصول الأندية لمرحلة عدم تلقي الدعم المالي والرعايات اللازمة لإبقاء النشاط الرياضي في حالة استمرار دائمة دون النظر مطلقاً لمسألة توقف النشاط بسبب الديون المتراكمة.
ولعل من أبرز أسباب هذه الأزمات هي السياسات المالية التي تعمل بها الأندية منذ عدة سنوات، والتي تعطي مجالاً منفتحاً بشكل دائم لزيادة الفاتورة الموسمية في ظل النقص الكبير في الواردات المالية.
السياسات المالية
السياسات المالية للأندية مبنية على المصلحة الذاتية أولاً وثانياً وأخيراً دون النظر للمصلحة العامة لبقية الأندية والنشاط الرياضي عامة ومئات اللاعبين الذين باتوا يعتاشون بشكل أساسي من استمرار النشاط الرياضي الذي أصبح مهدداً بالتوقف.
ليس جديداً أن تكون السياسات المالية للأندية مبنية على المصلحة الذاتية، لكن الجديد أن الأندية باتت تفكر أو تصل لمرحلة المطالبة بإلغاء الدوري والاكتفاء ببطولات ودية تخفف من الكاهل المادي على الأندية، الأمر الذي قد يدفن الرياضة في غزة بعد أن وصلت لمستويات كبيرة من التطور والاستمرارية.
وما يؤكد أن السياسات المالية للأندية مبنية فقط على المصلحة الذاتية هو ما يلمسه الشارع الرياضي في قضية تعاقدات الأندية مع لاعبين جدد بمبالغ عالية رغم كل الدعوات التي تنطلق دائماً بتقنين المصروفات وتقليل مبالغ العقود الموسمية، إلا أن العمل بسياسات مالية من تحت الطاولة لبعض الأندية تختلف تماماً عن العمل بالسياسات المالية العامة المشتركة بين الأندية من فوق الطاولة والتي تظهر للعلن والإعلام والشارع الرياضي.
تغيير نمط التعاقدات
ولا يبدو منطقياً الحديث عن تغيير في السياسات المالية للأندية، إلا بعد التفكير بتغيير نمط التعاقدات مع بداية كل موسم وخاصة أن الأندية في غزة تتنافس على ألقاب وهمية لا لها ولا عليها، لا مالياً ولا للمشاركات الخارجية.
ولن يكون تغيير نمط التعاقدات سهلاً على الأندية إلا إذا اقتنعت تماماً أنها تعيش في أزمات مالية تتجدد وتتفاقم مع كل موسم نتيجة العمل بهذه السياسات المالية العقيمة المبنية على نظام رياضي يمكن تغييره بما يضمن استمرار النشاط الرياضي وقدرة الأندية على ذلك مع الحفاظ على الأجيال الناشئة والرياضية وعدم دفنها حال وصل الأمر لتوقيف قسري للنشاط الرياضي.
التدرج في تصاعد الأزمات والثبات في السياسات المالية للأندية لا يعطي دليلاً على قناعة الأندية لتغيير نمط التعاقدات مع اللاعبين وبناء الفرق، وهذا يمثل مكمن الخطر في السنوات القادمة الذي قد يؤدي لنتائج لا تحمد عقباها في ظل الجهل الواضح للأندية في التعامل مع هذا الواقع على المستويين المالي والرياضي.