قائمة الموقع

دور العلماء في رد الإساءة عن رسول الله ﷺ

2020-10-26T10:56:00+02:00

الدفاع عن رسول الله محمد ﷺ فرض على كل مسلم ومسلمة، لا يقتصر على العلماء فقط، وإن كانوا في الخط الأول من الدفاع، ذلك أن الرسول ﷺ هو شخصية اعتبارية يمثل الإسلام بكل تفاصيله وحيثياته.

والرسول محمد ﷺ هو المبلغ عن ربه، وهو المصدر الذي تلقى عنه الناس الإسلام، يقول الله (تعالى): "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" (النجم: 3، 4)، ويقول: "إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا" (النساء: 105)، ويقول (جلّ شأنه): "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" (الحشر: 7).

وفي وقت سابق، هاجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإسلام والرسول محمد ﷺ، إذ صرح أن فرنسا "لن تتخلى" عن الرسومات المسيئة لحضرة النبي، "وإن تقهقر بعضٌ"؛ على حد وصفه.

أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي يبين أن الطعن فيه ﷺ لا يُعد في شخصه فحسب؛ إنما هو طعن في الإسلام عامة، وفي شخوص المسلمين جميعًا، وتكذيب لكتاب الله (تعالى) الذي أخبر عن نبوته ﷺ وأخبر عن خلقه "الذي يحاول هؤلاء العابثون تشويهه من هذا الجانب".

ويوضح السوسي لصحيفة "فلسطين" أن للعلماء دورًا فاعلًا في الدفاع عن الرسول ﷺ، وهذا الدور يتمثل في بيان الوسائل والطرق التي يمكن بها تبرئته ﷺ مما يُرمى به.

ويشير إلى أن أولى هذه الوسائل هي حضّ المسلمين أولًا على مدارسة سيرة رسول الله ﷺ، والتعرف إليه من قرب، ويعد هذا الحصن الحصين لئلا يتأثر جهلة المسلمين بهذه الافتراءات التي تُلصق به ﷺ.

ويضيف: "أيضًا أن يحض العلماء الناس على العمل بسنته ﷺ، والتخلق بأخلاقه؛ فذلك من أهم الوسائل لترسيخ سلوك النبي ﷺ في أذهان الناس، وجعله كأنه حاضر بينهم باستمرار، فيتألمون لما يصيبه من هذا القذف والتشويه، ويكونون على أتم الاستعداد للدفاع عنه، يقول الرسول ﷺ: "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدي أبدًا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي"، فالتمسك بسنته ﷺ يبعد الناس عن الضلال؛ ذلك الذي يجعلهم يتهاونون في الدفاع عنه".

ويؤكد السوسي أن من واجب العلماء أن يبينوا للناس أن وظيفة الدفاع عن الرسول ﷺ ليست هي واجب الحكّام والأنظمة الرسمية فقط، وأنه إذا تقاعست هذه الأنظمة يقع الإثم عليها فقط؛ بل إن الواجب يشمل كل مسلم ومسلمة.

وينبه إلى أن تخلي أي أحد عن الدفاع عن النبي ﷺ لا يعني أن يتقاعس الآخرون عن أداء ما كلفوا به من مهمة الدفاع عنه ﷺ، وجاء في ذلك عتاب الله لمن يتقاعس ويتخلى عن نصرة النبي في قوله (عز وجلّ): " إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ" (التوبة: 39)، وهذا فيه تبكيت وتوبيخ لمن يتخلى عن نصرته.

ويذكر السوسي أنه يأتي بعد ذلك بيان أهمية حبّ رسول الله ﷺ، وبيان أن إيمان المسلم لا يكتمل إلا إذا كان الله ورسوله أحب إليه من نفسه وولده وماله، كما جاء في الحديث عنه ﷺ.

ويدعو العلماء إلى ترجمة سيرة الرسول ﷺ بكل موضوعية إلى ما أمكن من لغات العالم، حتى يتبيّن لمن لا يعرفه من هذا الرسول ﷺ الذي يرمى كل يوم بما لا يرضاه عاقل من أوصاف؛ ذلك أن معرفة غير المسلمين بسيرته الطاهرة قد تخفف من حدة من يؤيدون الطعن فيه ﷺ.

ويشدد السوسي على ضرورة استثمار كل وسائل الإعلام على اختلافها للتعريف بالنبي ﷺ، على أن يُجند في ذلك كل المسلمين في كل أنحاء العالم، ليوصلوا سيرته الشريفة إلى المجتمعات التي يعيشون فيها بلغاتهم هم.

رسول الإنسانية

من جهته يقول أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية د. ماهر ماهر الحولي: "الرسول هو رسول الإنسانية وهو رحمة للعالمين، وهو منبع العلم والحكمة، وببعثته عاشت الإنسانية برخاء واستقرار، وأمن وأمان وطمأنينة".

ويضيف الحولي لصحيفة "فلسطين": "العلماء هم ورثة الأنبياء في العلم والدعوة والتبليغ، لذلك الرسول هو إمام العلماء لمّا كان إمام البشرية جمعاء، وهنا يأتي دور العلماء في الدفاع عن الرسول ﷺ ورد الإساءات التي توجه له بالقول أو الفعل أو الرسوم، ولذلك دورهم مهم".

ويلفت إلى أن على العلماء تبيان شخصية الرسول ﷺ ومنهجه مع الإنسانية جمعاء، والتركيز على الجانب المشرق في تعالمه مع المخالفين له وكيف تعامل معهم، مؤكدًا أنهم يجب أن يتخذوا الرسول قدوة، ويلتزموا منهجه.

ويشير الحولي إلى أن دور العلماء يتمثل في تبيان حكم الاستهزاء أو الاعتداء عليه، والسخرية منه ﷺ.

ويوصي علماء الشريعة الإسلامية بأن يبذلوا جهدًا أكثر في توعية العالم الغربي من النبي ﷺ باللغات المتعددة، بإظهار منهج النبي ﷺ ونصرته للإنسانية والمستضعفين والمرأة، وتبرئته من كل التهم التي تلصق به إثمًا وبهتانًا.

ويشدد الحولي على أن دور العلماء لنصرة النبي ﷺ لا يقتصر على ردود الفعل، بل يجب أن يستمر على مدار العام، بإظهار حقيقة الإسلام المشرقة والحضارية، ورد الصاع صاعين في الرد على الإساءات.

ويختم حديثه بالدعوة إلى استثمار شهادات غير المسلمين بحق النبي ﷺ من العلماء، والمفكرين، والمؤثرين في العالم الغربي.

اخبار ذات صلة