فلسطين أون لاين

القائمةُ المُشتركة.. مصلحة أم مفسدة؟

...

كثيراً ما سمعنا بعد لقاء نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب في إسطنبول عن القائمة المشتركة بين حركتي حماس وفتح للدخول في الانتخابات التشريعيّةِ المُقبلةِ. مَنْ يُحاول أن يَتَمعنَ جيداً في هذا العرضِ المطروحِ، إنْ صدق، فإنَّ عليه أنْ يُعيدَ القراءةَ مرةً ومرتين وثلاثة فِيما عُرِض؛ حتى يرسم صورةً للمشهدِ القادم بعنايةٍ ورويّةٍ.

القائمةُ المشتركة، هل هي المُنقذة لِما تمرُّ به القضيةُ الفلسطينيّة من مؤامراتٍ تُحاك ليلَ نهارَ من أجلِّ تصفيتها؟

كثيرةٌ هي الأسئلة التي تُطرح في نفسِ السّياق؛ لكنها وللآن لم تجدْ لها إجاباتٍ شافية.

والآن السؤال الذي يطرح نفسه ولربما يتبادر إلى أذهنةِ الكثيرين منا، هل القائمة المشتركة مطلبٌ وطنيٌّ وضرورة مُلحة لرأب الصدعِ بين حماس وفتح؟، أم أنها محاولة إنقاذِ طرفٍ على حسابِ طرفٍ آخر؟ أو يمكن أنَّ السلطةَ تشعرُ أنَّ هناك بديلاً حقيقياً يتم تجهيزه لقيادتها، وهو محمد دحلان، وبفعلها هذا فهي تستبقُ الأمرَ بالقائمة المشتركة بين حماس وفتح لِما يتمتع به الطرفان من دعمٍ جماهيري.

البرامجُ مختلفة، والأيدولوجيات، والخلفيات والمراجع كذلك مختلفةٌ، فهل تجمعهم فِلسطين تحت هذا العنوان، عنوان (القائمة المُشتركة)، للخروج برؤيةٍ واضحةٍ.

تحدياتٌ عديدةٌ تُواجه الجميعَ من أجلِّ إتمامِ هذه القائمة، ولإنجاحها لا بدَّ أن نُقنعَ المواطنَ الفلسطيني بِجدية المُصالحة هذه المرة على أنّها تحملُ جديداً لمستقبلِ القضية الفلسطينية.

الانتخاباتُ الفِلسطينية تحتاج لضامنٍ حقيقي لاعتمادِ ما تُفرزهُ من ممثلينَ للشارعَ الفلسطيني، فلو رجعْنا للخلفِ قليلاً نجدُ أنّ السببَ الرئيس للانقسام، هو الانْقلاب على نتيجة الانتخابات التشريعية عام 2006. إذن سؤال جديد آخر يحتاج لإجابةٍ مقنعة، ما هي الضمانات التي ستعتمد عليها الفصائل لعدم حدوث انقلاب جديد على ما ستفرزه الانتخابات إن تمت؟

كثيرةٌ هي العقبات التي تُواجه السّلطة الفلسطينية والمتمثلة في حركة فتح، لأن قرار الانتخابات لا بدَّ أن يتمَّ عبر أَخْذِ موافقةٍ من الأمريكيين، وبعضِ الدول العربية التي لها تأثير في قراراتِ السُّلطة. ولهذا نجد هناك بطءٌ في اتخاذِ إجراءاتِ الموافقةِ وإصدارِ مرسومِ الرئيس محمود عباس لتحديد موعد الانتخابات القادمة.

من المعروف والبدهِي للجميع ، أنّ محمد دحلان المدعوم خليجياً هو الخصم القوي والمنافس لمحمود عباس في قيادة حركة فتح، حيثُ أنّ دحلان سيخوض هذه الانتخابات التشريعية بقائمة تمثل التيار الإصلاحي في حركةِ فتح، كون أن القانونَ الفلسطيني يكفل له هذا الحق.

فهل تسمح السلطة الفلسطينية لمحمد دحلان بخوض الانتخابات التشريعية وهو خارج الوطن، إضافةً إلى كونه مطلوباً للقضاء الفلسطيني على عدة قضايا؟.

الفصائل الفلسطينية لم تعرضْ وجهة نظرها في هذه الانتخابات، رغم أنّ الجميعَ ينتظر بلورة الاتفاق بين حماس وفتح لعرضه على الكلِّ الفلسطيني كما قال العاروري.

الحالةُ الفلسطينية مُعقدة للغاية فهي ليست باتجاه الإيجاب لنقول إن الوضعُ الفلسطيني متجهٌ نحو مُصالحة حقيقية، إذ أننا لا نرى أيَّ خطواتٍ عمليَة توحي بنية السلطة الفلسطينية والتي تمثلها حركة بفتح، أخذ خطواتٍ عمليةٍ من باب حُسن النوايا وإثبات صدقِ التَّوجه لمصالحةٍ حقيقةٍ؛ لمواجهةِ التحديات الكبيرة التي تعصف بالقضية الفلسطينية من كل جانبٍ.

حِوار السيد صالح العاروري الأخير، على قناة الأقصى الفضائية، أكّد على أن حركة حماس تتجه للمصالحة من منطلقٍ وطني خالصٍ، حرصاً على خُلو الصف الفلسطيني من أي أجنداتٍ خارجيّةٍ، ناهيك على أن البديل عن السلطةِ الفلسطينية بديلٌ خطيرٌ، وهم يرفضونَه في حركة حماس، وهذه نقطةُ تلاقٍ بين السلطة وحماس في رفضِ أيّ فرضٍ لشخصيةٍ أو توجهٍ معينٍ لقيادةِ السلطة الفلسطينية خلفاً لمحمود عباس، الذي بالأصل قد انتهت ولايتُه ويحتاج لتجديدِ شرعيته ومعه كلّ مؤسساتِ السّلطة.

المصدر / سفيان قديح