فلسطين أون لاين

سمية وبناتها الثلاث.. في "أسابيع الحجر" يحفظن "رياض الصالحين"

...
غزة-هدى الدلو:

لم تتوقع أن يأتي تشجيعها وتحفيزها، إلى جانب قدرتها على تنظيم وقتها وأوقات بناتها الثلاث بفائدة، ولكن كان لها ما خططت له، ففي أقل من عام تمكنت وإياهن من حفظ كتاب المنتخب من رياض الصالحين كاملًا، وهو يجمع (500) حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تدرجت سمية علي (34 عامًا) من بلد جباليا، في دفع بناتها الثلاث نحو حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأت معهن بحفظ كتيب حصن المسلم لما يحتويه من أذكار وأحاديث نبوية تحفظ حافظها من السوء وتحميه على مدار اليوم عند ترديدها صباحًا ومساءً، وزرعت في داخلهن نبتة التحلي بالأخلاق الحميدة ولما وجدته من دافعية اقترحت عليهن وهي معهن التنافس في حفظ كتاب رياض الصالحين.

تقول والدتهن المكناة "أم إبراهيم" لصحيفة "فلسطين": "الأمر ليس سهلًا ولكنه يحتاج إلى إخلاص ونية صادقة مع تنظيم للوقت، إلى جانب حرصي الدائم ووالدهن على تشجيعهن وتحفيزهن حتى لو اقتصر الأمر على الدعاء لهن".

وكانت عبير التي تتوسط أخواتها ويبلغ عمرها (12) عامًا تختبئ عن عيون أختيها بعد صلاة المغرب لتسبقهما في حفظ الأحاديث وتسجل إنجازًا تكافأ عليها بدعوة من والديها.

في أقل من عام تمكنت الأم وبناتها الثلاث من إتمام حفظ الكتاب كاملًا، واختبرتهن دار القرآن الكريم والسنة على عدة مراحل، ثم اختبرن اختبارًا كاملًا وشاملًا تضمن الراوي الأعلى للحديث والأدنى، ومعاني الكلمات، وإتقان اللغة الفصحى، وقد سبق لثلاثتهن حفظ القرآن كاملًا.

واستطاعت الأم أن توفق بين احتياجات البيت ومتابعة بناتها في التعليم الإلكتروني، ومراجعة حفظهن للقرآن الكريم، والأحاديث النبوية وتعليمهن كيفية حفظها كاملة، فلكل واحدة منهن كراسة خاصة تشرع في تقسيم الحديث من حيث رواته، ومتنه، ومعانيه ليسهل عليهن الحفظ، مشيرة إلى أنها استثمرت فترة الحجر المنزلي في الحفظ وتقسيم الوقت وتنظيمه.

ولم تألُ مشرفتهن في دار القرآن الكريم والسنة جهدًا في متابعتهن إلكترونيًّا عبر تطبيق واتساب، وكان لها دور في تشجيعهن، إلى جانب والدهن الذي أقنعهن بأنهن سينلن الأجر العظيم لحفظهن والتزامهن.

وتبين والدتهن أنها لامست أثر حفظهن للقرآن والسنة على حياتهن من ناحية التزامهن في الفرائض الدينية من صلاة وصوم، وفي أقوالهن وأفعالهن، ويطبقن القرآن والسنة في نطاق حياتهن، حتى أن ابنتها مريم (14 عامًا) التزمت حجابها من دون تدخل والديها.

وتدعو الأمهات إلى "طول البال وسعة الصدر" مع أبنائهن، فهم أمانة في الأعناق، فهم ذخر للجنة، "وكوني على علم أنك بالإرادة والعزيمة تصلي بأبنائك إلى ما تريدين له، وهذا لا يعني عدم إعطائهم مساحة للعب لكونهم يميلون له، ولكن بالكلمة الطيبة والتحفيز يمكن أن تملكي قلبه".

وتحدثت مريم عن فرحتها وسعادتها التي لم تتسع الكون بعد انتهائها من حفظ الكتاب كاملًا، وكانت في أثناء حفظها للأحاديث تسير على برنامج لتثبيت القرآن الذي أتمت حفظه وهي في الصف السادس الابتدائي، وحاصلة على دورات في التلاوة والتجويد وتأهيل السند.

وتقول: "كل أمر في بدايته يكون صعبًا، ويحتاج إلى صبر ومجهود، إلى جانب العزيمة والنية الخالصة لله، والإخلاص، فعندما مسكت الكتاب في أول الطريق شعرت كأنه شيء كبير ولم أتوقع حفظه، ولكن الأمر سهل عندما تستعين بالله".

وتضيف: "ليس هناك أجمل من أن تضم كتاب الله في صدرك حافظًا له غيبًا، وتقتدي بسنن وأخلاق رسول الله بحفظك لأحاديثه".

جولات المنافسة لم تهدأ بينهن جميعًا من الأم إلى مريم وعبير وسجود، فكل واحدة منهن تسخِّر جهدها ووقتها في السباق في الحفظ.

أما عبير فتعبر عن شعور الراحة النفسية إلى جانب السعادة بعد حفظها لرياض الصالحين الذي علمها أشياء وزاد من معلوماتها التي لم تكن تعرفها من قبل.

وأصغرهن سجود (10 أعوام) وقد أتمت حفظ القرآن مؤخرًا، ونظمت وقتها بين اللعب والدراسة والحفظ، ولم يشكل عليها عبئًا إضافيًّا ما دام يوجد رضا نفسي.

وبعد هذا الإنجاز يطمحن جميعهن لاستكمال برنامج تثبيت القرآن.