يعتقد مختصان في الشأن الإسرائيلي، أن ملف جنود الاحتلال الإسرائيلي الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة بات من أهم الملفات السياسية بعد خروج عائلات الأسرى عن صمتهم مؤخرا، مدعومين من المعارضة التي طلب زعيمها "اسحق هيرتسوغ" وساطة ألمانيا، وذلك خلال لقائه أول من أمس بوزير خارجيتها سيغمار غابرييل، ما يضع علامات استفهام على موقف المعارضة المخالف لتوجهات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وموقفه من ذلك.
ويؤكد المختصان أن دولة الاحتلال تبدو في طلب تدخل ألمانيا كـ"الغريق الذي يتعلق بقشة، وجميع السياسيين الإسرائيليين بهذا الملف غرقى، لذلك يطلبون تدخلات ألمانيا وغيرها من الدول في إطار صراع داخلي لكسب أنصار جدد".
وأوضحا أن الحقيقة في الملف يملكها الفلسطينيون وحدهم، وهذا يعطيهم ورقة قوة تضعف الموقف الإسرائيلي وخاصة نتنياهو الذي يعيش حالة من الخطر السياسي بهذا الملف سواء قدم تنازلات أم لا.
فرص فتح الملف
وفي ضوء ذلك، يقول مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي "يحاول السياسيون في (إسرائيل) كسب فئة جديدة مؤيدة لهم من خلال الحديث عن الجنود الأسرى بيد المقاومة".
ويضيف لصحيفة "فلسطين"، بأن المعارضة الإسرائيلية تستطيع تحريك الملف بتناولها بهدف جمع أنصار جدد حول عائلات الأسرى ودعم قضيتهم، لكن قرار التفاوض بيد حكومة الاحتلال.
ويؤكد أن الاحتلال بات يحسب حسابا كبيرا لفتح ملف تفاوض بشأن الجنود الأسرى، خاصة في ظل إشارات وتلميحات من قبل المقاومة بأن الجنود على قيد الحياة.
ويوضح الريماوي، أن الاحتلال يتخوف من رفع المقاومة لسقف مطالبها "لذلك يحاول تجزئة الملف بالدخول في المعلومات دون أن يكون هناك ثمن لذلك، فيما ترفض المقاومة تقديم معلومات دون حل ملف صفقة وفاء الأحرار الأولى"، مشيراً إلى أن الوقت لا زال مبكراً للدخول بحركة تفاوض حقيقية تقود لإحداث صفقة تبادل.
بيد أن مدير مركز القدس، يشير إلى أن حديث قيادات الاحتلال في السابق عن الملف اقتصر على رفض التفاوض مع "حماس"، والادعاء بموت الجنود "فيما بتنا نلحظ اختلافاً في الخطاب، للمطالبة بخطوات عملية لإنهاء الملف".
ويكمل الريماوي قائلاً: "نتنياهو يدرك أن الخوض في الملف سيجبره على دفع أثمان كبيرة، وأن الدخول بتفاصيل الملف مع كتائب القسام سيؤثر على حياته السياسية سلباً، لذلك يلجأ لشراء الزمن لتأجيل التفاوض من جانب، وتبخيس ما بيد المقاومة من جانب آخر".
صراع وعقبات!
بدوره يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات، أن المعركة الداخلية الإسرائيلية بخصوص جنود الاحتلال الأسرى "ليست بعيدة عن الصراع السياسي بين المعارضة ونتنياهو، بعدما عجز الأخير عن إحداث اختراق بالملف".
ويقول عريقات: "إن الإسرائيليين سواءً كانوا حكومة أو معارضة يتسابقون على الوصول لسدة الحكم من خلال معاناة الفلسطينيين وتحقيق إنجازات للجبهة الداخلية الإسرائيلية"، لافتا إلى أن هذا الأمر كان في الماضي سهلا واليوم أصبح صعبا نظرا للمعرفة الفلسطينية العميقة بالتناقضات الإسرائيلية.
وذكر أن هناك شروطا وموقفا فلسطينيا قويا في هذا الاتجاه، يصعب من حدوث اختراق بالملف دون الاستجابة لشروط المقاومة، مشيراً إلى أهمية تأليب الرأي العام الإسرائيلي للضغط على حكومة نتنياهو لتحريك صفقة التبادل، وفق عريقات.
وملف الجنود الأسرى، والكلام لعريقات، في حقيقته وأهميته الكبيرة مختلف عما يظهره نتنياهو، مشيراً إلى أن "نتنياهو يدرك أن موقفه ضعيف ولا يستطيع أن يحقق شيئا إلا اذا قدم تنازلا مؤلما من وجهة نظر المعارضة والإسرائيليين".
ويذهب إلى القول: "نتنياهو اليوم يقف على حد السيف، ويعيش حالة من الخطر سواء إذا قدم التنازلات أمام لا بملف جنوده بغزة، مؤكدا أن الملف على الحالتين سيطيح بنتنياهو".
ويوضح عريقات إلى أن نتنياهو كذب بنقل المعلومات بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة صيف عام 2014م، وتبين لاحقا عدم امتلاكه معلومات حقيقية، مشيراً إلى أن نتنياهو يدعي قدرته على تحقيق إنجازات بالملف "فيما ثبت عكس ذلك، إضافة أنه لم يوفر الأمن أو تحقيق النمو الاقتصادي للاحتلال".