قائمة الموقع

صلاحُ المجتمع بأمرين مهمين!

2020-10-17T11:21:00+03:00

لقد نسينا أمرًا في غاية الأهمية واختلطت علينا بعض المفاهيم!

الحرية مفهوم جميل للعيش كما نريد وبالطريقة التي نحلم بها، ومع مواكبة العصر الذي نعيشه حاليًا الكثيرين يدافعون عن هذا المفهوم ويرون أن الإنسان يجب أن يعيش بحرية دون أن يتدخل أحد في حياته حتى لو كانوا أبويه!

هناك أمور معينة لا يصح لنا أن نتدخل بها في حياة الآخرين، مثل احتساء شخص ما قهوة الصباح، فحين يراه جاره يتدخل في مزاجه ويقنعه بأن يشرب الشاي! لأن الشاي بالنسبة له ألذ من القهوة صباحًا!

لا يجوز لنا أن نتدخل في أمزجة الأشخاص! بل علينا احترام الأذواق المختلفة فيما بيننا، وهذا الأمر لا يُساهم في صلاح المجتمع أو خرابه.

ولكن هناك أمور كثيرة وكثيرة يكون من الواجب علينا نصيحة الآخرين وهي تنطلق تحت مفهوم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي حثنا عليه الإسلام فلقد أمرنا بالكثير من الآيات بهذا الواجب الديني قال تعالي: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]، وذلك لأهمية هذا الأمر في تقويم المجتمع والعيش في بيئة صالحة، عادلة، وآمنة.

هنا أتذكر مواقف عديدة حدثت معي، ففي إحدى المرات كنتُ في ميناء غزة للصيادين للترفيه أنا وعائلتي، فإذ بصِبْيَة تبين لي أنهم في سن السادسة عشرة بعد أن تعرفتُ عليهم، فكان واحدًا منهم يزعج قطة نائمة فقام بمسكها من رقبتها بطريقة عنيفة للغاية لدرجة أنه حين تركها كان مجموعة كبيرة من شعر القطة بيده! أنا هنا استنكرت فعلته وكنت سأصرخ عليه بصوت عالٍ، ولكن هدأت من نفسي قليلًا لأنني أعلم أن الصراخ لن يكون حلًا!

فخاطبته بالعاطفة قلت له أنت بشر صحيح؟! قال: نعم وأنت تشعر وتتألم صحيح؟! قال: نعم، قلت له ما رأيك أن أنتف لك شعر رأسك مثلما فعلت بالقطة؟ هنا ابتسم لم تكن ابتسامته سخرية! بل كانت ابتسامة خجلة! وشعورًا بالذنب! فقلت له مثلما تشعر أنت هي تشعر أيضًا وتتألم مثلنا تمامًا، وأنها كائن ضعيف فمن الواجب علينا أن نطعمها إن كان باستطاعتنا وليس إيذاءها.

مرت خمس دقائق وأتاني يجري قائلًا: لقد جلبت سمكة للقطة وها أنا سأطعمها وقام بإطعامها أمامي، لقد كنتُ سعيدة للغاية أنني استطعت التأثير في نفس ذلك الطالب المسكين.

وهناك أمرٌ كنت أعانيه حين كنت طالبة في الجامعة حين كنا نصطف طابورًا في الاستقبال أو عند آلة القهوة، سرعان ما كانت تأتي طالبة وتخترق كل ذلك الطابور دون أدنى اكتراث، لم أكن أسمح لهن إطلاقًا بأن يكن أمامي وكنت أنصحهن دائمًا بأن يكون لديهم حس المسؤولية وأن يشعرن بغيرهن، والتي لم تكن تتقبل النصيحة فكانت لدي كلمة مشهورة لها "لذلك نحن في دول العالم الثالث" لأن علينا أن نكون خلوقين أولًا قبل العلم!

لذلك أمرنا بالمعروف والنهي عن المنكر للناس لن يحد من حريتهم هي مجرد نصيحة واجبة علينا وليست إجبارًا عملوا بها كان بها وكان ذلك أمرًا جميلًا، وإن لم يفعلوا علينا تكرار النصيحة بأسلوب آخر وأكثر فاعلية.

ومن المهم أن ندرك أسلوبنا قبل أن نتوجه لإرشاد الناس، كونوا قريبين في لغتكم ولا تحدثوهم بصيغة الأمر أنتم بالنهاية تريدون التأثير على هؤلاء الأشخاص ليفعلوا الأمور بالطريقة الصحيحة وليس نفرهم! ومن المهم جدًّا أن نكون قدوة لأولئك الأشخاص بأن نكون أول الفاعلين لأمور الخير وأول التاركين لأمور الشر، وتذكروا قول الله تعالى: "كبرَ مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" [الصف: 3].

تذكروا دائمًا في كل أمرٍ يحتاج صوتكم وكلمتكم لقول الحق هي لصالح الشخص والمجتمع كله لنعيش جميعًا في مجتمع راقي بحضارة الأخلاق.

اخبار ذات صلة